هذه بداية حياة السيده خديجه رضى الله عنها
مع سيدنا رسول الله
إسلامها
كانت خديجة رضي الله عنها قد ألقى الله في قلبها صفاء الروح ونور الإيمان والاستعداد لتقبل الحق، فحين نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء (اقرأباسم ربك الذي خلق) رجع ترجف بوادره وضلوعه حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع
وهنا قال لخديجة:
"أي خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي"
وأخبرها الخبر، فردت عليه خديجة بما يطيب من خاطره ويهدأ من روعه فقالت:
"كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"
ثم انطلقت به رضي الله عنها حتى أتت به ورقة بن نوفل، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي.
فقالت خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك.
قال ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟
فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى.
فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا ذكر حرفا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أو مخرجي هم؟".
قال ورقة: نعم، لم يأت رجل بما جئت به إلا أوذي، وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا.
(الحديث في صحيح البخاري)
ثم أرادت رضي الله عنها أن تتيقن وتتثبت مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرغم أنها تعلم أنه حق، وقالت له:
كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا.. إلا أنها أرادت اليقين كما قال موسى لربه عز وجل:
(بلى ولكن ليطمئن قلبي)
قال ابن إسحاق:
وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير:
أنه حدث عن خديجة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا ابن عم، هل تستطيع أن تخبرني بصاحبك الذي يأتيك إذا جاءك؟
قال: نعم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها إذ جاءه جبريل
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هذا جبريل قد جاءني
فقالت: أتراه الآن؟
قال: نعم
قالت: اجلس على شقي الأيسر فجلس هل تراه الآن؟
قال: نعم
قالت: فاجلس على شقي الأيمن فجلس هل تراه الآن؟
قال: نعم
قالت: فتحول فاجلس في حجري فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس
فقالت: هل تراه؟
قال: نعم
قال: فتحسرت وألقت خمارها
فقالت: هل تراه؟
قال: لا
قالت: ما هذا شيطان، إن هذا لملك يا ابن عم، اثبت وأبشر، ثم آمنت به وشهدت أن الذي جاء به الحق.
استنتجت خديجه بعقليتها الفذة وحكمتها يوم ذاك أن الله لن يخزيه
لماذا ياخديجة؟
وكيف استنتجتي ذلك؟
فكان الجواب:
إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضعيف، وتعين على نوائب الحق..
إذ إن من وفقه الله لمثل ذلك وتخلق بمثل هذه الأخلاق - في رأيها - فلن يخزيه الله أبدًا ثم أخذته إلى ورقة بن نوفل ليدركا الأمر، وهذه طريقة عقلانية منطقية بدأت بالمقدمات وانتهت بالنتائج المترتبة على هذه المقدمات، فيالها من عاقلة، ويالها من حكيمة!!
فضائلها رضي الله عنها
أنها من خير نساء الجنة:
لا شك أن امرأة بمثل هذه الصفات لا بد وأن يكون لها من الأفضال الكثير والكثير، والذي يعد في بعض الأحيان كنوع من رد الاعتبار لشخصها رضي الله عنها، فها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يعلن في أكثر من مناسبة بأنها خير نساء الجنة، فيروي علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة".
(صحيح البخاري).
ومن فوق سبع سموات.. يقرؤها ربها السلام:
ليس هذا فحسب، بل يقرؤها المولى عز وجل السلام من فوق سبع سماوات، ويبشرها ببيت من قصب في الجنة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:
أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
"يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب".
(صحيح البخاري).
يتبع