"عن النزال بن سبرة الهلالي قال: قلنا لعلي: يا أمير المؤمنين، فحدثنا عن عثمان بن عفان. فقال: ذاك امرؤ يُدعى في الملأ الأعلى ذا النورين، كان خَتَن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه (أي: زوج ابنتيه)، ضمن له بيتًا في الجنة".
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه
قال في مدح عثمان وذم من ينتقصه: "رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، هجادًا بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، نهاضًا عند كل مكرمة، سباقًا إلى كل منحة، حبيبًا أبيًّا وفيًّا، صاحب جيش العسرة، ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعقب الله على من يلعنه لعنة الملاعين إلى يوم الدين".
أنس بن مالك رضي الله عنه
قيل لأنس بن مالك: إن حب علي وعثمان لا يجتمعان في قلب. فقال أنس: كذبوا، لقد اجتمع حبهما في قلوبنا.
أبو هريرة رضي الله عنه
عن أبي مريم قال: "رأيت أبا هريرة يوم قتل عثمان وله ضفيرتان وهو ممسك بهما، وهو يقول: قتل والله عثمان على غير وجه الحق".
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه
أخرج أبو نعيم في معرفة الصحابة بسنده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص قال: عثمان بن عفان ذو النورين قُتل مظلومًا، أوتي كِفْلَيْن من الأجر.
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه
عن سعد بن عبيدة قال: "جاء رجل إلى ابن عمر، فسأله عن عثمان، فذكر عن محاسن عمله. قال: لعل ذاك يسوءك؟ قال: نعم. قال: فأرغم الله بأنفك. ثم سأله عن علي، فذكر محاسن عمله، قال: هو ذاك بيته، أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال: لعل ذاك يسوءك؟ قال: أجل. قال: فأرغم الله بأنفك، انطلق فاجهد عليَّ جهدك".
وعن أبي حازم قال: "كنت عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فذكر عثمان، فذكر فضله ومناقبه وقرابته، حتى تركه أنقى من الزجاجة، ثم ذكر علي بن أبي طالب، فذكر فضله وسابقته، وقرابته، حتى تركه أنقى من الزجاجة، ثم قال: من أراد أن يذكر هذين فليذكرهما هكذا، أو فليدع".
وهكذا نرى كم كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يحبون عثمان، ويقدرونه، ويعلمون له فضله وسبقه، وينفون عنه قول كل حاقد وفاسق.
من أهم أعماله الفقهية والاجتهادية
كتابة المصحف وجمع القرآن، عن مصعب بن سعد قال: قام عثمان فخطب الناس فقال: أيها الناس عهدكم بنبيكم منذ ثلاث عشرة، وأنتم تمترون في القرآن، وتقولون قراءة أُبَيّ وقراءة عبد الله، يقول الرجل: والله ما تقيم قراءتك. فأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به، وكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن، حتى جمع من ذلك كثرة، ثم دخل عثمان فدعاهم رجلاً رجلاً، فناشدهم لسمعت رسول الله صلى الله علية وسلم وهو أملاه عليك؟ فيقول: نعم، فلما فرغ من ذلك عثمان قال: من أكتب الناس؟ قالوا: كاتب رسول الله صلى الله علية وسلم زيد بن ثابت. قال: فأي الناس أعرب؟ قالوا: سعيد بن العاص. قال عثمان: فليمل سعيد وليكتب زيد. فكتب زيد، وكتب مصاحف ففرقها في الناس، فسمعت بعض أصحاب محمد يقول: قد أحسن.
من حِكَمه البليغة التي سادت وعمت:
1- قال رضي الله عنه: "لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا، وإني لأكره أن يأتي عليَّ يوم لا أنظر في المصحف".
2- "ما أسرَّ أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه".
3- "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".
4- "هَمُّ الدنيا ظلمة في القلب، وهَمُّ الآخرة نور في القلب".
5- "يكفيك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك".
ومن كتبه رضي الله عنه:
1- أول كتاب كتبه عثمان إلى جميع ولاته: "أما بعد، فإن الله أمر الأئمة أن يكونوا رعاة، ولم يتقدم إليهم أن يكونوا جباة، وإن صدر هذه الأمة خلقوا رعاة، ولم يخلقوا جباة، وليوشكن أن يصيروا جباة، ولا يكونوا رعاة، فإذا عادوا كذلك انقطع الحياء والأمانة والوفاء، ألا وإن أعدل السيرة أن تنظروا في أمور المسلمين فيما عليهم فتعطوهم ما لهم، وتأخذوهم بما عليهم، ثم تثنوا بالذمة، فتعطوهم الذي لهم وتأخذوهم بالذي عليهم، ثم العدو الذي تنتابون فاستفتحوا عليهم بالوفاء".
2- وكان أول كتاب كتبه إلى قادة الجنود: "أما بعد، فإنكم حماة المسلمين، وقد وضع لكم عمر ما لم يغب عنا، بل كان على ملأ منا، ولا يبلغني عن أحد منكم تغيير ولا تبديل فيغير الله بكم ويستبدلكم غيركم، فانظروا كيف تكونون، فإني أنظر فيما ألزمني الله النظر فيه والقيام عليه".
3- وكان أول كتاب كتبه إلى عمال الخراج: "أما بعد، فإن الله خلق بالحق فلا يقبل إلا بالحق، خذوا الحق وأعطوا الحق به، والأمانة قوموا عليها ولا تكونوا أول من يسلبها، فتكونوا شركاء من بعدكم إلى ما اكتسبتم، والوفاء الوفاء لا تظلموا اليتيم ولا المعاهد؛ فإن الله خَصْمٌ لمن ظلمهم
4- وكتاب إلى العامَّة: "أما بعد، فإنكم إنما بلغتم بالاقتداء والاتباع، فلا تلفتنكم الدنيا عن أمركم، فإن أمر هذه صائر إلى الابتداع بعد اجتماع ثلاث فيكم: تكامل النعم، وبلوغ أولادكم من السبايا، وقراءة الأعراب والأعاجم القرآن، فإن رسول الله صلى الله علية وسلم قال: الْكُفْرُ فِي الْعُجْمَةِ، فَإِذَا اسْتَعْجَمَ عَلَيْهِمِ أَمْرٌ تَكَلَّفُوا وَابْتَدَعُوا".
وهذه النماذج من كتبه لا تورد في هذا المقام من ناحية البلاغة والبيان مستقلة عن مواضعها ودواعيها، ولكنها تورد قبل كل شيء لأنها مع ما تبديه من بيانه تبدي لنا أسلوب الخليفة الثالث في علاقته برعاياه من خلال أسلوب الكتابة والخطابة.
اللهم ربنا أجزيه عنا خير الجزاء لكل ما بذل فى سبيل أعلاء الاسلام وحفظ كتاب الله
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم