12-26-2010, 01:32 PM
|
#2
|
مشرف
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: فلسطين
المشاركات: 700
معدل تقييم المستوى: 14
|
الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته :
والأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كذلك يكون المؤمن مؤدبا معه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ، والأدب معه بعد موته يتمثل في :
توقيره :
إنه أدب ممتد في حياته وبعد مماته ، لأن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته وهو حي .
ولقد شدد فاروق هذه الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك الأمر تشديدا عظيما ، فقد كان يعاقب من يرفع صوته في المسجد النبوي الشريف بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فعن السائب بن يزيد قال : كنت قائما في المسجد فحصبني – أي رماني بحصاة – رجل ،
فنظرت فإذا عمر بن الخطاب ، فقال : اذهب فأتني بهذين ، فجئته بهما ، قال : من أنتما ؟ من أين أنتما ؟ قالا : من أهل الطائف ، قال : لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ضربا ، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟
قال ابن العربي : حرمة النبي صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا ، وكلامه المأثور بعد موته ككلامه المسموع من لفظه صلى الله عليه وسلم ، فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه ، ولا يعرض عنه كما كان يلزمه في مجلسه صلى الله عليه وسلم .
و انظر إلى أدب الإمام مالك رحمه الله ، فقد كان إذا جاءه طلاب العلم ، خرجت إليهم الجارية فتقول لهم : يقول لكم الشيخ : تريدون الحديث أو المسائل ؟ فإن قالوا : المسائل خرج إليهم ، وإن قالوا الحديث دخل مغتسله ، واغتسل وتطيب ، ولبس ثيابا جددا ، وتعمم ووضع عليه الرداء ، وارتقى على كرسي ، ويخرج وعليه الخشوع والوقار ، ولايزال يبخر بالعود حتى يفرغ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكان يكره أن يحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق أو وهو قائم أو مستعجل .
قال مصعب بن عبد الله : كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه ، وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه ، فقيل له يوما في ذلك فقال : لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم علي ما ترون .
ومن الأدب معه : التأسي به في كل الأقوال والأفعال :
قال تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب : 21] .
قال ابن كثير : هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ، ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته ، وانتظاره الفرج من ربه .
كان عبد الله بن عمر يتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله ، حتى في الأعمال الحياتية التي لا دخل لها في التشريع ولم نؤمر باتباعها .
فعن نافع أن ابن عمر كان يتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي في كل مكان صلى فيه ، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم نزل تحت شجرة فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس .
قال مجاهد : كنا مع ابن عمر رضي الله عنهما في سفر فمر بمكان فحاد عنه ، فسئل لم فعلت ذلك ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ففعلته .
وينقل إلينا نافع وصفا لحاله وهو يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : لو نظرت إلى ابن عمر إذ اتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم لقلت : هذا مجنون .
- ونحن كذلك يجب علينا أن نتأسى به صلى الله عليه وسلم .
- نتأسى به في شجاعته ، فقد كان أشجع الناس .
- نتأسى به في أخلاقه فقد كان خلقه القرآن .
* « كَانَ رَسُولُ الله أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا » .
* « كَانَ رَسُولُ الله أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ » .
* « كَانَ رَسُولُ الله أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً» .
* « لَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا صَخَّابًا في الأَسْوَاقِ وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ » .
* « كَانَ رَسُولُ الله يَعُودُ المَرِيض وَيَتْبَعُ الجَنَازَةَ وَيُجِيبُ دَعْوَةَ المَمْلُوكِ وَيَرْكَبُ الحِمَارِ»
* « كَانَ رَسُولُ الله إِذَا صَافَحَ الرَّجُلَ لَمْ يَنْزَعُ يَدَهُ وَلَمْ يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ وَجْهِهِ ، وَلَمْ يُر مُقَدِّمَ رُكْبَتَيْهِ بَيْنَ يَدَي جَلِيسٍ لَهُ » .
* « كَانَ رَسُولُ الله طَوِيلَ الصَّمْتِ »
* « كَانَ رَسُولُ الله يُكْثِرُ الذِّكْرِ وَيُقِلُّ اللَّغْوِ وَيُطِيلُ الصَّلاةَ وَيُقَصِّرُ خُطْبَتَهْ ، وَلا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِي مَعَ الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ فَيَقْضِي الحَاجَةَ» .
*« مَا سُئِلَ رَسُولُ الله شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ لا » .
· قال الجنيد بن محمد : الطرق كلها مسدودة إلا طريق من اقتفى آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الله عز وجل يقول : ( وعزتي وجلالي ، لو أتوني من كل طريق ، واستفتحوا من كل باب ، لما فتحت لهم حتى يدخلوا خلفك يا محمد .
ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم الانتهاء عما نهى عنه وزجر :
فكما أن طاعته صلى الله عليه وسلم في كل الأمور واجبة ، فإنه يتبعه حتما وجوب الانتهاء عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزجر .
· عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
أكلت الحمر .. فسكت ، ثم أتاه الثانية فقال : أكلت الحمر .. فسكت ، ثم أتاه الثالثة ، فقال : « أفنيت الحمر » .
فأمر مناديا فنادى في الناس : ( إن الله ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر الأهلية) ، فأكفيت القدور ، وإنها لتفور باللحم .
إن هؤلاء الأبرار لم يفكروا في حيلة ، ولم يبحثوا عن فرصة أو استثناء ،
ولم يجادلوا ويقولوا : إنما حرم رسول الله ما يذبح بعد ذلك لا ما تفور به القدور ، لكنهم انطاعوا للأمر ، وهكذا يكون الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن الأدب مع رسول الله توقير أصحابه والتأدب معهم :
· يقول القاضي عياض : ومن توقيره صلى الله عليه وسلم وبره
- توقير أصحابه وبرهم
- ومعرفة حقهم والاقتداء بهم ،
- وحسن الثناء عليهم ،
- والاستغفار لهم ،
- والإمساك عما شجر بينهم ،
- ومعاداة من عاداهم ،
- والإضراب عن أخبار المؤرخين وجهلة الرواة وضلال الشيعة والمبتدعين القادحة في أحد منهم ،
- وأن يلتمس لهم في ما نقل عنهم من مثل ذلك في ما كان بينهم من الفتن أحسن التأويلات ،
- ويخرج لهم أصوب المخارج ، إذ هم أهل لذلك ،
- ولا يذكر أحد منهم بسوء ، بل تذكر حسناتهم وفضائلهم وحميد سيرتهم ، ويسكت عما وراء ذلك ،
· فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لعن الله من سب أصحابي » ، وقال صلى الله عليه وسلم :« من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» .
ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم أن نزور قبره ونصلي في مسجده :
· قال القاسمي : من قصد زيارة المدينة ، فليصل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه كثيرا ، وليتطيب ويلبس أنظف ثيابه ، فإذا دخلها فليدخلها متواضعا معظما ، ويقصد المسجد ويصلي فيه بجانب المنبر ركعتين ، ثم يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيقف عند وجهه .
فيقف ويقول : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا نبي الله ، ويصلي ويسلم عليه كثيرا ، ثم يسلم على أبي بكر وعمر .
ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم الصلاة والسلام عليه:
· لقوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيماً} ،
- والصلاة من الله: ثناؤه على أنبيائه ،
- والصلاة من الملائكة:الاستغفار،
- ومن الناس: الدعاء والتعظيم والتكريم.
والصلاة عليه من أعظم الذكر ، ·
عن عامر بن ربيعة قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم يقول:«من صلى عليّ صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلَّى عليَّ ، فليقلَّ عبدٌ من ذلك أو ليكثر».
· وروى عبد الرحمن بن عوف وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
« إن جبريل أتاني فبشرني: أن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليتُ عليه ، ومن سلم عليك سلمتُ عليه ، فسجدتُ لله عز وجل شكراً » .
· وعن ابن مسعود : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : « أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة » .
وتتأكد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع وأعمال ، منها :
إذا ورد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ،
لقوله : « البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ » ،
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ، ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة » ،
ومثل هذا الحديث يدل على مشروعية الصلاة عليه كما ذكر، وقال بعضهم بوجوبها كلما ذكر ، وقال بعض آخر: تجب أول مرة ، وتسن فيما بعد.
الصلاة عليه في المجالس،
· لقوله صلى الله عليه وسلم : «ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه ، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة ،فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم».
الصلاة عليه عند سماع المؤذن ،
· لقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا سمعتم مؤذناً فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلى الله عليه بها عشراً ، ثم سلوا لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة» .
الصلاة عليه عند دخول المسجد والخروج منه ، وعند المرور بالمساجد ،
· لأنه صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال: (اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك) ». وإذا خرج:«صلى على محمد وسلَّم ، ثم قال: (اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك) » .
· ولقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (إذا مررتم بالمساجد فصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم) .
الصلاة عليه في التشهد الأخير ، وهو ركن من أركان الصلاة أو واجب ، وأما الصلاة عليه في التشهد الأول: فهي مستحبة.
6- الصلاة عليه في صلاة الجنائز ، فإن من السنة
· أن يقرأ في التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب ،
· وفي الثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ،
· وفي الثالثة يدعو للميت ،
· وفي الرابعة يقول : اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنَّا بعده .
7 - الصلاة عليه بين تكبيرات صلاة العيد .
8- تستحب الصلاة عليه عند ختم الدعاء ،
· لقول عمر رضي الله عنه : « الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك » .
9- يوم الجمعة وليلته يستحب الإكثار فيه من الصلاة عليه ،
· لقوله صلى الله عليه وسلم : « من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، ففيه خلق آدم ، وفيه قبض ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي ، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت يعني: وقد بليت ؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء » ،
· وقد ذهب الإمامان الشافعي وأحمد إلى وجوب الصلاة عليه والسلام في خطبتي الجمعة. ولا تصح الخطبتان إلا بذلك.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يؤدبنا بآداب المصطفى ، ويعلمنا سنته ، ويجعلنا متمسكين بها في الدنيا ، وأن يحشرنا مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن يسقينا من حوضه الشريف شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا .
موقع الشخ محمد حسين يعقوب حفظه ربى ورعاه
|
|
|