الموضوع: سورة النساء.
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2014, 05:10 PM   #6
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي رد: سورة النساء.

" الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات.. " . . وقال في هذه السورة: " الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت.. " . ووصف الطاغوت مطرد في كل ما يبعد عن الله ويصد عن سبيله ويخاصم شريعته، والمنافقون هنا يسمعون نصح المؤمنين لهم باتباع الله ورسوله، ولكنهم يمضون في طريقهم، وكلما خطوا خطوة ملكهم العناد والضلالى فإذا هم يقطعون مسافات بعيدة في الطريق الجائر، فلا يكاد صوت الناصح يصل إليهم، "أولئك ينادون من مكان بعيد " . وقد يكون المنافق قريبا منك ببدنه، ولكنه بعيد عنك بقلب غففته الأهواء، فهو لايعى ما يقال ولا يتأثر به " وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا! " . وفي سورة أخرى " وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون " . ولكل كافر صريح أو منافق وجهة نظر يستمسك بها ويجادل عنها. وليس من الضرورى أن يكون تاركا للحق بعد ما تبين له. إن كثيرا من المبطلين يعتقد أنه محق!! " أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا " . بيد أنهم لا يبفون طويلا حتى يحصدوا المرمما غرسوا. وللمسالك السوء نتائجها القريبة والبعيدة، وعندما تتكشف يجىء هؤلاء محاولين الاعتذار "فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا" . والمتعصبون في عصرنا للقوانين الوضعية يدافعون عنها، ويحسبون أنهم على شىء، وعندما تسود الفتن البلاد وتكثر الجرائم، عندئذ قد يفكرون ويتراجعون ويعتذرون "أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ".
ص _057
وهناك موضعان ينكشف فيهما النفاق، ويبدو وجهه الدميم: الأول كراهية الحكم بما أنزل الله، والآخر كراهية الدفاع عن الحق والقتال فى سبيل الله!! والمنافقون عموما يضيقون بأنواع الطاعات من صلاة وصدقة، وربما استطاعوا الاستخفاء بهذا الضيق، أو كابروا فيه، لكنهم أمام الحكم بما أنزل الله والجهاد فى سبيله تنكشف بواطنهم ويفتضحون! والرسل تجيء من عند الله بمناهج كاملة للحياة الرشيدة، وأتباع الرسول - انطلاقا من الإيمان والسمع والطاعة - ينفذون ويستقيمون على الطريق، وليس أمامهم إلا هذا المسلك، ولذلك قال تعالى : " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " . وليس فى تعاليم الدين ما يحرج النفوس، ولكن العجزة وذوى العزائم الخائرة يستثقلون الجهاد وصنوف الطاعات، وكان خيرا لهم لو نشطوا وصدقوا ومضت سورة النساء تشرح خلائق المنافقين فى سياق مطرد، وإن شاب هذا الشرح وصف لطائفة أخرى يكثر وجودها فى المجتمعات، وتحتاج إلى معالجة متأنية حكيمة، هذه هى طائفة ضعفاء الإيمان!! والصلة موجودة بين المرضى والموتى، بين إيمان مفقود، وإيمان معتل يمكن أن يضيع. إذا لم تتم مداواته. ولهذا الإيمان المريض صور.. فالصورة الأولى تتضح معالمها فى قوله تعالى : " وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا * ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما". هذا رجل تحركه مآربه، وتقترن آماله بمصالحه الخاصة لا بمسيرة الدين ومستقبله.. إن قلبه مشوب يتأرجح بين الإخلاص والأثرة..!! ومثله رجل آخر يصلى ويصوم ويترك المعاصى.. حتى إذا بلغته فريضة الجهاد جرع واضطرب، وطلب مهلة " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية".
والسورة تعالج ضعفاء الإيمان فى أماكن شتى، ومن رحمة الله ألا يترك هؤلاء صرعى وساوسهم، حتى يفقدوا دينهم.
ص _058
يتبع...
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً