عرض مشاركة واحدة
قديم 03-06-2011, 03:40 PM   #3
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

السنة في القرن الثالث الهجري ( تابع).


وكان لهذه الطريقة مزايا وعيوب :
أما مزاياها : فهي تجريد الأحاديث النبوية عن غيرها ، فقد أفردت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالتدوين ، وجردت من أقوال الصحابة وفتاوى التابعين ، ففي هذه الطريقة إذا نوع استقلال الحديث عن الفقه .
وأما عيوب هذه الطريقة : فهي صعوبة الوقوف على الحديث في المسند ، لعدم جمع الأحاديث المتناسبة في موضوعاتها في باب خاص ، كما كان من عيوبها كذلك تعذر معرفة درجة الحديث من الصحة والضعف والاحتجاج به أو عدمه ، لاحتمال أن يكون كل حديث في نظر القارئ صحيحا أو ضعيفا ، لأنها جمعت بين الصحيح وغيره فلا يستطيع إدراك هذا كله إلا الحافظ المتضلع .
وكان الباعث لأصحاب هذه الطريقة على تدوين الأحاديث التي لم تبلغ مرتبة الصحة هو أن الطرق قد تتعدد فيصل الحديث إلى درجة القبول ، كما أنها أيضا صالحة للاعتبار بها ، وقد تتبين صحة الحديث لنقاده بعد ذلك . ومما هو جدير بالذكر أن العلماء في هذا العصر كانوا على درجة عالية في معرفة الصحيح من الأحاديث التي دونوها ، أو دونت لهم ، ومعرفة الضعيف منها ، ومعرفة عللها ، فكانوا على علم بحال المتون والأسانيد التي في هذه المسانيد .

ب - منهج التصنيف على الأبواب :
ويقوم على تخريج الحديث على أبواب الفقه وغير ذلك ، وتبويب الأحاديث وترتيبها ترتيبا موضوعيا وتنويعها أنواعا مختلفة ، بحيث يجمع المصنف ما ورد في كل حكم وفي كل باب على حدة ، فيجمع الأحاديث المتعلقة بالصلاة في باب والمتعلقة بالصوم في باب وهكذا .
وأهل هذه الطريقة منهم من اقتصر على إيراد ما صح فقط كالشيخين ( البخاري ومسلم ) ، ومنهم من لم يقتصر على ذلك كأبي داود والترمذي وابن ماجه والنسائي وغيرهم .
وكان من مزايا هذه الطريقة سهولة الحصول على الحكم الشرعي وغيره من الباب الخاص به ، والوقوف على درجة الحديث بيسر وسهولة بخلاف الطريقة الأولى ( طريقة المسانيد ) حيث يصعب فيها الحصول على المطلوب ، وهذا ما دعا الإمام البخاري إلى أن يتجه في كتابه إلى الاقتصار على الحديث الصحيح وتبعه الإمام مسلم سيرا على منهجه ، وكان لهما الفضل في تمهيد الطريق أمام طلاب الحديث ليصلوا إلى الصحيح من الأحاديث دون عناء ، ولعل أقدم كتاب يمثل طريقة التصنيف على الأبواب هو ( موطأ ) الإمام مالك ، غير أنه مزجه بأقوال الصحابة والتابعين ، بخلاف عمل الشيخين فقد أفردا الحديث عن تلك الأقوال والفتاوى .
وكان الداعي لهذه الطريقة هو أن تكون عونا للفقهاء وتسهيلا لهم في الوقوف على الأحاديث التي يستنبطون منها أحكامهم أو يستدلون بها أو يجتهدون على ضوئها .

ج - التأليف في مختلف الحديث ورد الطعون عن السنة .
مختلف الحديث فن من أهم الفنون التي يضطر العلماء إلى معرفتها والوقوف عليها ، ومعناه : أن يأتي حديثان ظاهرهما التناقض في المعنى فيوفق بينهما أو يرجح أحدهما على الآخر . والتوفيق بين الأحاديث قد يكون بتقييد المطلق أو تخصيص العام أو الحمل على تعدد الحادثة وما إلى ذلك من الوجوه .
وأول من تكلم في هذا الفن هو الإمام الشافعي في كتاب ( الأم ) وذكر السيوطي أن الشافعي لم يقصد استيفاءه ولا إفراده بالتأليف(1)، ولكنه في الجزء السابع ألف على هامشه كتابا خاصا باسم ( اختلاف الحديث ) ثم صنف بعد ذلك ابن قتيبة( ت 270 أو 271 أو 276 ) كتابه ( مختلف الحديث ).
وكان الباعث لابن قتيبة على تأليف هذا الكتاب : هو تنزيه ساحة السنة النبوية عن تلك الطعون الزائفة التي وجهها إلى الحديث وأهله أعداء السنة ، ذلك أن أهل الرأي عادوا أهل الحديث وحملوا عليهم حملات عنيفة وتأولوا الأحاديث تأويلا لا يقره دين ، فوقف ابن قتيبة منهم موقف المدافع عن الدين ، ففند آراءهم ، ورد أباطيلهم .
وأما أهل الكلام فكان موقفهم من الحديث موقف الشك ، لأنهم يحكمون العقل في كل شيء ولا يثقون في الحديث إلا إذا اتفق مع عقولهم ، وأحلوا العقل مكانة كبيرة ، وجعلوا له سلطانه مع ما فيه من جموح ، فكان غلوهم في تحكيم العقل وتعصبهم لبعض آرائهم هو الذي فتح سبيلا للغي فامتهنوا أهل الحديث ، وأسهبوا في ذمهم ، ورموهم بحمل الكذب ورواية المتناقض ، وهذا هو الذي حفز ابن قتيبة ليناهضهم ويتصدى للرد عليهم وعلى غيرهم من أعداء الحديث ، ويذود عن حمى الدين في إخلاص وحمية ، وذلك في كتابه الماتع ( مختلف الحديث )(2).
.................

(1) - تدريب الراوي ص 387 .

(2) - انظر : السنة النبوية وعلمومها للدكتور أحمد عمر هاشم ص 117 ــ 119 .


المصدر.
__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً