عرض مشاركة واحدة
قديم 08-02-2011, 08:17 AM   #2
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي رد: حال الأمة مع القرآن في رمضان

الخطبة الثانية:

{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}(فاطر:29،30).

اقرأ القرآن وتدبر معانيه، وتذكر وعده ووعيده، وكن صاحب القرآن، ورتل اليوم فغداً (يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا) هكذا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-8.

اقرأ القرآن وقف عند آيات الرحمة، واسأل الله من فضله ورحمته، وتضرع إلى الله، واسأله الجنة والنعيم، وقف عند آيات العذاب وابك من خشية الله، واستعذ بالله من النار ومن حر النار ومن برد النار، اتعظ يا عبد الله بما في القرآن من المواعظ والآيات والعبر العظيمة، وكن مع القرآن في كل آن، وعش به واحيَ به ومت عليه، فقد أعد الله لقارئه أجرًا عظيماً.


عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ)9.

سبحان الله، حتى الذي لا يحسن القراءة مأجور، بل له أجران، فلم يعد عذر لأي أحدٍ أن يقول: أنا ضعيف القراءة أو غير ذلك، لا، ألست تطلب الأجر أولاً وأخيراً؟ نعم، إذن لك أجران.



عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: (أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ، فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟) فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: نُحِبُّ ذَلِكَ.

قَالَ: (أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ -عز وجل- خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الْإِبِلِ)
10، وبطحان موضع قرب المدينة، والكوما من الإبل العظيمة السنام11.

فيا حسرتاه على من خسر الأجور الرابحة، وفاتته الحسنات الجمَّة على كل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها ف(مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ: أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ)12

هكذا قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنت أخي في رمضان تعظم الأجور وتزيد الحسنات، فهو من أفضل الشهور.



فأجهد نفسك أخي في كثرة قراءة القرآن المبارك لا سِيَّمَا في هذا الشهر الذي أنزل فيه، فإن لكثرة القراءة فيه مزية خاصة، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ -أي جبريل -عليه السلام-- يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ)13. تأكيدًا وتثبيتاً،

وكان السلف الصالح -رضي الله عنهم- يُكْثِرون من تلاوة القرآن في رمضان في الصلاة وغيرها،

وكان الزهري -رحمه الله- إذا دخل رمضان يقول: إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام،

وكان الإمام مالك -رحمه الله- إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالس العلم وأقبل على قراءة القرآن من المصحف،

وكان محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله- إذا كان في أول ليلة من رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم فيقرأ في كل ركعة عشرين آية،

وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال
14،

وكان قتادة -رحمه الله- يختم القرآن في كل سبع ليالٍ دائماً وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأخير منه في كل ليلة
15،

وكان إبراهيم النخعي -رحمه الله- يختم القرآن في رمضان في كل ثلاث ليالٍ وفي العشر الأواخر في كل ليلتين،

وكان الشافعي -رحمه الله- يختم القرآن في رمضان ستين مرة كل ذلك في الصلاة
16، وكان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين17.



اللهم ارزقنا تلاوة كتابك على الوجه الذي يرضيك عنا، واهدنا به سبل السلام، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور، واجعله حجة لنا لا علينا يا رب العالمين، اللهم ارفع لنا به الدرجات، وأنقذنا به من الدركات، وكفر عنا به السيئات، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين .


1 مجالس شهر رمضان لابن عثيمين: (37).

2 تفسير ابن كثير: (7/245).

3 مسند أحمد: (16370)، وحسنه الألباني.

4 تفسير ابن كثير: (1/501).

5 صحيح مسلم: (1557).

6 سنن الترمذي: (2835) وصححه الألباني.

7 صحيح البخاري: (4613)، ومسلم: (4268).

8 سنن أبي داود: (1252)، وسنن الترمذي: (2838)، وصححه الألباني في صحيح الجامع انظر: حديث رقم: (8122).

9 صحيح مسلم: (1329).

10 صحيح مسلم: (1336).

11 شرح النووي على مسلم: (3/158).

12 سنن الترمذي: (2835) وصححه الألباني.

13 صحيح البخاري: (4614).

14 صفة الصفوة لابن الجوزي: (1/450)، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى: (1/108)، سير أعلام النبلاء للذهبي: (12/439).

15 حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني: (1/364).

16 إحياء علوم الدين: (1/26).

17 حلية الأولياء: (1/250)، صفة الصفوة: (1/304).
موقع الامام
مسلم التونسي غير متواجد حالياً