[مسلم التونسي]

رمضان يا خير الشهور

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد:

في تقلّب الأيام ودوران الأفلاك فرص للتأمل, ووقفات للنظر, فرص ووقفات تحتاجها الأمم والأفراد لتنظر في أحوالها, وتتفكر في شؤونها,

تسعى في إصلاح ما فسد من أوضاعها, وتجدد ما ضعف من مقوماتها, وتعالج ما اختلّ من شؤونها وموازينها...

يقال ذلك – معاشر الأخوة – والأمة تستقبل شهرها وموسمها المبارك " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينان من الهدى والفرقان"

شهر الصيام والذكر, شهر ا لفتح والنصر, شهر العزة والكرامة ,شهر الجود وأنواع العبادة...

هاهو رمضان حلّ بساحتنا فكيف حال الناس؟ وكيف حال الأمة ؟ وما هي مراسم الاستقبال؟

هل من وقفة صادقة للمحاسبة ؟ هل من وقوف جادّ للتأمل؟

لعل الأمة تستبين منعطفاً تستقيم به على الجادّة :"هدى للناس وبينان من الهدى والفرقان" .





رمضان يا خير الشهور تحية ** تفضي عليك من الجلال جلالاً

خذها يفوح عبيرها من مؤمن **يبغي لك التعظيم والإجلال

رمضان عدت وهذه أوطاننا**عمّ الفساد بها وزاد وطالا

ضاعت مقاييس الفضيلة بيننا ** وتبدلت أحوالنا أوحالا

أيها الأحبة !

يأتي رمضان في موعد من السنة معلوم ليتعالى النداء, وتستثار الهمم :

" يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقصر, ولله عتقاء من النار " ,

يأتي هذا الشهر وكثير من الناس قد استأسدت شهواتهم, وتنمّرت أهواءهم , ليوقظ في القلب روافد الخير , وتتنامى أحاسيس البرّ في النفوس , وتثور ألوان من المحاسبة ...

يأتي هذا الشهر وفي الأمة تعساء يستقبلونه على أنه شهر جوع نهاري , وشبع ليلي ,

ليس رمضان عندهم سوى موسم للموائد الفاخرة, وجوههم عابسة , وصدورهم ضيقة , وألسنتهم سليطة, وغيظهم حانق لا يرون في رمضان سوى جوعاً لا تتحمله أمعاؤهم, وعطشاً لا تقوى عليه عروقهم...

يقابل هؤلاء قوم يستقبلون شهرهم ليجددوا فيه صلتهم بربهم , ويعيشون نهارهم عيشة الأبطال في المعارك, ويقطعون ليلهم بلذيذ المناجاة,وصادق الابتهالات.. إيثار جميل ,وصبر كريم, وتهذيب في الخلق جميل ,

لا يقابلون الإساءة بالإساءة , ولا يردون البذاء بالبذاء "وإن سابّه أحد أو قاتله قال: إني صائم " .

فزاد الروح أرواح المعاني ** وليس بأن طعمت ولا شربتا

فليس يضيرك الإقتار شيئاً ** إذا ما أنت ربك قد عرفتا


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , وسلام على المرسلين