عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-2011, 09:07 PM   #3
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

بعض فوائد زيارة بيت الله الحرام الدينية والدنيوية:


لقد ذكر -سبحانه- فوائد زيارة بيت الله الحرام، مرغبا فيه؛ فقال: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}


أي لينالوا ببيت الله منافع دينية، من العبادات الفاضلة، والعبادات التي لا تكون إلا فيه، ومنافع دنيوية، من التكسب، وحصول الأرباح الدنيوية.

قال ابن عباس في قوله: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} "منافع الدنيا والآخرة؛ أما منافع الآخرة فرضوان الله، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البُدْن والربح والتجارات".

وقد أطبق علماء التفسير على أن معنى قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} سورة البقرة (198).

أنه ليس على الحاج إثم ولا حرج، إذا ابتغى ربحاً بتجارة في أيام الحج، إن كان ذلك لا يشغله عن شيء من أداء مناسكه.

أما حصول المنافع الدنيوية لمن شهد الحج، فهذا أمر مشاهد، والكل يعرفه ويقر به. وغير ذلك من فوائد زيارة بيت الله الحرام الدينية والدنيوية التي سيأتي الإشارة إليها في سياق الآيات.

بعض ما يجب وما يستحب للحاج أن يفعله:


يجب على الحجاج إذا ما نحر الهدي، أو ذبح الأضاحي، أو ما أشبه ذلك من النذور والذبائح أن يذكر اسم الله؛ لقوله: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} المراد بذكر اسمه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام: التسمية عند نحر الهدايا والضحايا.


كما أن التسمية واجبة على جميع من أراد أن يضحي أو يذبح ذبيحة سواء كان حاجاً أو غير حاج.

كما أنه ينبغي له ولغيره أن يكثروا من ذكر الله –تعالى-: {فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}؛ قال ابن عباس: "الأيام المعلومات: أيام العشر". وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به.

قوله: {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ} المقصود ببهيمة الأنعام: الإبل، والبقر، والغنم. وهذا من المنافع الدينية والدنيوية: ذكر الله وشكره على ما من به عليهم من بهيمة الإنعام.

كما يستحب للحاج في أضحيته، وكذلك غير الحاج أن يأكل منها، وأن يتصدق، وأن يهدي منها؛لقوله: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}

استدل بهذه الآية من ذهب إلى وجوب الأكل من الأضحية، وليس فيها دليل لما ذهبوا إليه، والذي عليه الأكثرون أن هذا من باب الرخصة، والإباحة، وهذا الأسلوب له نظائر وشواهد في القرآن؛

فعن مجاهد في قوله: {فَكُلُوا مِنْهَا} هي كقوله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} سورة المائدة(2)، وكقوله: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ} سورة الجمعة(10).
وهذا اختيار ابن جرير في تفسيره، واستدل من نصر القول بأن الأضاحي يتصدق منها بالنصف بقوله في هذه الآية: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ


فجزأها نصفين: نصف للمضحي، ونصف للفقراء. وهناك قول آخر وهو: أنها تجزأ ثلاثة أجزاء: ثلث له، وثلث يهديه، وثلث يتصدق به؛ لقوله في الآية الأخرى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} سورة الحج(36).

وفي الحديث الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للناس: (إني كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فكلوا وادخروا ما بدا لكم)1.

وفي رواية: (فكلوا وادخروا وتصدقوا). وفي رواية: (فكلوا وأطعموا وتصدقوا)2.
والمقصود بقوله: {الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} أي شديد الفقر.

كما أنه يجب على الحاج أن يتم مناسك حجه؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}


أي ثم ليقضوا بعد نحر الضحايا والهدايا ما بقى عليهم من أمر الحج ومن المناسك؛ كالحلق ورمي الجمار ونحوه.

كما يجب عليه أيضاً أن يوفي بنذره ما لم يكن معصية، لقوله: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} التي أوجبوها على أنفسهم، من الحج، والعمرة والهدايا،

وما إلى ذلك مما فيه طاعة لله، وأما ما فيه معصية لله فلا وفاء به؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا وفاء لنذر في معصية الله)3.

ولقوله: (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه)4.


كما يجب عليه أيضاً أن يطوف طواف الإفاضة، بل إن ذلك ركن من أركان الحج؛ لقوله: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الطواف المذكور في هذه الآية هو طواف الإفاضة.

وللفائدة فإن في الحج ثلاثة أطواف: "طواف القدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع". فطواف القدوم حكمه أنه سنة، وطواف الإضافة ركن من أركان الحج، وهو المقصود هنا في هذه الآية، وطواف الوداع واجب من واجبات الحج.

ومعنى: {العتيق} أي القديم، وهو أفضل المساجد على الإطلاق كما هو معلوم5.


حرمات الله:


قوله:{ذَلِكَ} الذي ذكرنا لكم من تلكم الأحكام، {وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ

لأن تعظيم حرمات الله من الأمور المحبوبة لله، المقربة إليه، التي من عظمها وأجلها، أثابه الله ثوابا جزيلا وكانت خيرا له في دينه، ودنياه وأخراه عند ربه.

وحرمات الله: كل ماله حرمة، وأمر باحترامه، بعبادة أو غيرها، كالمناسك كلها، وكالحرم والإحرام، وكالهدايا، وكالعبادات التي أمر الله العباد بالقيام بها، فتعظيمها إجلالها بالقلب، ومحبتها، وتكميل العبودية فيها، غير متهاون، ولا متكاسل، ولا متثاقل.

ثم ذكر منته وإحسانه بما أحله لعباده من بهيمة الأنعام، حيث قال: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ} من إبل وبقر وغنم، وشرعها من جملة المناسك التي يتقرب بها إليه، فعظمت منته فيها من الوجهين.

قوله: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} في القرآن تحريمه في مثل قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} سورة المائدة(3).


ولكن الذي من رحمته بعباده أن حرمه عليهم ومنعهم منه تزكية لهم، وتطهيرا من الشرك به وقول الزور،

ولهذا قال: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ} أي الخبث القذر {مِنَ الْأَوْثَانِ} أي الأنداد، التي جعلتموها آلهة مع الله، فإنها أكبر أنواع الرجس،


والظاهر أن {من} هنا ليست لبيان الجنس، كما قاله كثير من المفسرين، وإنما هي للتبعيض، وأن الرجس عام في جميع المنهيات المحرمات، فيكون منهيا عنها عموما، وعن الأوثان التي هي بعضها خصوصا، {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} أي جميع الأقوال المحرمات، فإنها من قول الزور الذي هو الكذب، ومن ذلك شهادة الزور.




مسلم التونسي غير متواجد حالياً