عرض مشاركة واحدة
قديم 05-14-2013, 12:06 PM   #3
NESR
كبير المراقبين
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 270
معدل تقييم المستوى: 0
NESR is on a distinguished road
افتراضي رد: الرسول الأعظم ** أحمد ديدات

الفصل الثاني
من التاريخ الماضي
Form The Historical Past

ليس من الصعب تقديم الكثير مما كتبه المعجبين والنقاد في مدح محمد صلى الله عليه وسلم . فالبرغم مـن موضوعيتهم فإن العقول المريضة تستطيع دائماً أن تجد طريقها إلى الطعن .
فليسمح لي القراء أن آخذهم معي لكي نغوص في تاريخ الماضي السحيق .
منذ مائة وخمسون سنة وفي يوم الجمعة الموافق الثامن من مايو سنة 1840م وفي الوقت الذي كان يعتبر فيه أي قول حسن عن محمد صلى الله عليه وسلم جريمة وحيث كان الغرب المسيحي ينشأ على كراهية محمد صلى الله عليه وسلم ودينه بنفس الطريقة التي كان الكلاب يدربون بها في بلدتي على كراهية السود .
في هذا الوقت من الزمان ألقى توماس كارلايل وهو من أعظم مفكري القرن الماضي سلسلة من المحاضرات تحت عنوان الأبطال وعبادة الأبطال " .
المرض المتوارث

Developed Sickness
استعرض كارلايل في بداية حديثه هذا التعصب الأعمى ورجع في ذلك إلى أحد عمالقة الأدب وهو رجل الدولة والعالم الهولندي هوجو جروتيوس ( Hugo ) والذي كان قد كتب مقالة حاقدة وبذيئة عن نبي الإسلام . وقد اتهم النبي الكريم كذباً بأنه كان يقوم بتدريب الحمام على التقاط الحبوب من أذنيه حتى يستطيع بهذه الحيلة أن يوهم الناس أن روح القدس ( جبريل عليه السلام ) قد جاءه على شكل حمامة ليوحي إليه برسالة الله والتي دونها بعد ذلك في كتابه المقدس المسمى بالقرآن . وبالطبع فإن جروتيوس كتب هذه الرواية الزائفة بوحي من قراءاته التي تأثر بها في الإنجيل .
( فلما اعتمد يسوع صعد للوقت في الماء . وإذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه ) ( إنجيل متى 3 : 16 )
أين الدليلWhere’s The Authority
وقد أراد بوكوك Pococke وهو أحد المفكرين المحترمين في هذا الوقت مثل " توما الشكاك " في إنجيل يوحنا ( 20 : 25 )برهانا لرواية محمد صلى الله عليه وسلم والحمام والحبوب . وكانت إجابة جروتيوس له : " لا يوجد برهاناً ! " .
لقد أراد فقط اختراع هذه الحكاية لكي يقدمها لجمهوره . فقد كانت نظرية " الحمام والحبوب " بالنسبة إليه وإلى جمهوره أكثر قبولاً من قصة ملك الوحي " جبريل عليه السلام " الذي كان يبلغ محمد صلى الله عليه وسلم وحي الرسالة . وقد عصرت هذه الأباطيل قلب كارلايل .
النبي البطل The Hero Prophet
ولقد كان كارلايل رجلاً عبقرياً أنعم الله عليه بموهبة الربط بين الأشياء فأراد بطريقته الخاصة أن يضع الحقائق في نصابها . فخطط لأن يلقي محاضرة اختار لها عنوان استفزازي هو " عندما يكون البطل نبياً " واختار نبيه البطل ليكون أكثر الرجال المفترى عليهم في عصره ( أي عصر كارلايل ) محمد صلى الله عليه وسلم . وإنه لم يختر موسى أو سليمان داود أو عيسى ( عليهم جميعاً الصلاة والسلام ) وإنما محمد صلى الله عليه وسلم . ولكي يهدئ ويسترضي رفقاءه من أبناء بلده وأغلبهم من الانجليكانيين Anglican المنتمين إلى كنيسة انجلترا فقد أبدى اعتذاره قائلاً : " وحيث أنه ليس هناك خوف من أن يصبح أي واحد منا محمدياً ، فيمكنني إذن أن أذكر كل محاسنه بكل عدالة ممكنة " .
وبتعبير آخر فإنه لا خوف عليه ولا على جمهور مستمعيه في أن يتحولوا إلى الدين الإسلامي وهو بذلك ينتهز الفرصة ليعطي لمحمد صلى الله عليه وسلم بعض المديح الذي يستحقه . هذه الفرصة التي لم يكن لينتهزها لو كانت لديه أية مخاوف حول شدة إخلاص مستمعيه لعقيدتهم .
وفي هذا العصر المليء بالكراهية والحقد تجاه كل ما هو إسلامي قام كارلايل بكشف وإظهار الكثير من الحقائق الوهاجة حول بطله محمد صلى الله عليه وسلم لجمهور مستمعيه المليء بالشك والميل للسخرية " فللمستحق للمديح " هناك بلا شك مديح . فذلك هو ما يعنيه الاسم المجرد ( محمد ) وهو الشخص الممدوح أو المثنى عليه أو المحمود المستحق المديح والثناء والحمد .
وقد استخدم كارلايل في بعض الأحيان كلمات وتعبيرات لم تكن لترضي وتسعد المسلمين المؤمنين ولكننا نلتمس له العذر في ذلك فقد كان يسير على حبل ثقافي مشدود وقد نجح في ذلك بتفوق .
وقد أثنى كارلايل على بطلنا ( محمد صلى الله عليه وسلم ) كثيراً بحرارة وحماس وقام بالدفاع عنه ضد الاتهامات الكاذبة التي اتهمه بها أعداؤه وهذا بالضبط ما قام به النبي ( محمد ) مع عيسى عليه السلام وأمه
إخلاصه وصدقه His Sincerity
(أ*) إن إخلاص الرجل العظيم هو أمر لا يمكنه التحدث عنه ومع ذلك فإنني أعتقد أنه كان مدراكا لمعنى عدم الإخلاص والصدق . فهل هناك أي رجل يمكن أن يلزم نفسه بالصدق والإخلاص ليوم واحد ؟ أبدا فالرجل العظيم لا يتباهى بالصدق والإخلاص ولا يدعيهما لنفسه على العكس من ذلك فهو لا يسأل نفسه حتى ما إذا كان مخلصاً وصادقاً أم لا . بل إنني أميل إلى القول بأن صدقه وإخلاصه لا يعتمدان على ذاته ونفسه وأنه ما كان يستطيع أن يكون إلا صادقاً ومخلصاً " أ . هـ ( الأبطال وعبادة الأبطال ص 59 ) .
(ب) الروح العظيمة الصافية : فقد كان واحداً من هؤلاء الذين لا يستطيعون إلا أن يكونوا في جد دائماً هؤلاء الذين جبلت طبيعتهم على الإخلاص بينما يتخذ الآخرون من الأقوال المأثورة والصيغ الدينية مرشداً لهم في طريقهم .
فلم يقم هذا الرجل بإحاطة نفسه داخل إطار من الأقوال والصيغ الدينية ولكنه تفرد مع روحه ومع حقيقة الأشياء يستمد منها ما نطلق عليه الإخلاص شيء يملكه أسمى من طبيعة البشر فقد كانت كلمة هذا الرجل صوت ينبعث مباشرة من قلب الفطرة نفسها . فإن الناس يصغون إليها كما لا يصغون إلى شيء آخر وحري بهم أن يفعلوا فكل ما عدا هذا إنما هو بالمقارنة إليه هباء ومنثوراً " .
( الأبطال وعبادة الأبطال ص 71 )
ولم يكن بوسع كارلايل أن يجد الفرصة في خلال حديثه الطويل إلى مستمعيه لكي يخبرهم عن المصادر التي استقى منها استدلالته واستنتاجاته . وسوف أسرد عليكم مجرد حادثة واحدة من حياة النبي وهي حادثة تعكس الدرجة العالية التي وصل إليها إخلاصه ( صلى الله عليه وسلم ) في تسجيل الوحي القرآني إليه حتى ولو بدا أن القرآن يؤنبه بسبب بعض حماسته الطبيعية والبشرية .
الذكر كما أنزل

كان ذلك في مكة في الأيام الأولى للدعوة وكان محمد صلى الله عليه وسلم في محاولته لكسب رؤساء قبيلة ( قريش ) تعاليم الإسلام وفي أثناء حديثه مع أحد هؤلاء الرؤساء والذي كان يتظاهر بالإصغاء إليه حاول رجل أعمى يُدعى عبد الله بن أم مكتوم أن يتدخل في المناقشة محاولاً بذلك جذب الانتباه إليه
.

صمت الرسول المبارك صلى الله عليه وسلم بينما الأفكار تدور في عقله بلوم الأعمى عن عدم صبره الذي قد يتسبب في عدم إقناع هذا الرئيس وقد تؤدي إلى عدم دخوله الإسلام أعتقد أن هؤلاء الرجال قليلي الأهمية مثل هذا الأعمى لا يحق لهم السؤال في مثل هذه الأحوال .
ألم يختاره الله سبحانه وتعالى وشرفه بهذه الآيات المسجلة في القرآن الكريم .
" وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " ( القلم : 4 ) .
عبس وتولى He Frowned
وفي عرض هذه المناقشة مع رجال القبائل أرسل الله سبحانه وتعالى إليه جبريل الملاك المنوط بالوحي بهذه الآيات الكريمة " عَبَسَ وَتَوَلَّى ، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى " ( عبس 1 - 4 ) .
وبالطبع فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يحب مقاطعة الأعمى للمحادثة .
ومن الطبيعي أيضا أن تكون مشاعر هذا الرجل الفقير قد جرحت . ولكن صاحب القلب الكريم المتعاطف مع الفقراء أوحي إليه من ربه في هذا الأمر . وبدون أدنى تردد قام على الفور بنشر هذه الآيات على الجميع لتحفظ إلى الأبد !
وفي كل مرة كان يقابل هذا الأعمى كان يتلقاه باللطف والرأفة وبالشكر لأن ربه قد عاتبه فيه . وقد قام الرسول الكريم بتولية عبد الله بن أم مكتوم على المدينة مرتين أثناء غيابه عنها ( في الغزوات والحروب ليقيم الصلاة بها ) . هكذا كان الإخلاص والعرفان بالجميل لنبي كارلايل البطل محمد صلى الله عليه وسلم .
أمانتهHis Fidelity
( إنها لمودة غير محدودة ... فلم ينس أبداً زوجته السيدة خديجة فقد حدث بعد ذلك أن السيدة عائشة زوجته الصغيرة المفضلة وهي المرأة المميزة بين المسلمين في جميع صفاتها وأساليب حياتها الطويلة مع الرسول صلى الله عليه وسلم حدث أن سألته هذه السيدة الشابة الذكية ألست أفضل من خديجة الأرملة العجوز ؟ هل تحبني أكثر مما كنت تحبها ؟ ويجيبها الرسول الكريم لا والله ! لا والله فقد آمنت بي حين كذبني الناس وإذا كان لي صديق واحد في هذه الدنيا كلها فقد كانت هي هذا الصديق ) .
( كتاب الأبطال وعبادة الأبطال ص 76 )
كان الأسهل عليه أن يصد غواية الشيطان من أن يستسلم لغيرة زوجة شابة محبة وذكية وجميلة مثل عائشة الصديقة رضي الله عنها .
لماذا لم يُسمعها معسول الكلام فلم يكن ذلك ليضر أحداً حتى روح السيدة خديجة رضي الله عنها لم تكن لتُضر بذلك ؟
ولكن ليس هناك كذب بريء أو أبيض عند محمد صلى الله عليه وسلم . إن مثل هذه الحوادث الصغيرة من هذا النوع تظهر لنا الرجل العبقري الكريم أخو البشرية الذي أنار الطريق خلال أربعة عشرة قرناً من الزمان .. الأمين لأمنا المشتركة .
الصادق الأمينAl (Ameen) The Faithful
أ- " رجل الصدق والأمانة – صادق فيما فعله- صادق في كلامه – وفي أفكاره – وقد لاحظوا أنه دائماً يعني ويقصد شيئاً معيناً بما يقوله . رجل الكلمة – لا ترد كلمته – يلزم الصمت عند الضرورة ولكنه عندما يتحدث فحديثه الحكمة والإخلاص والصدق . ودائماً يلقي الضـوء على المسألة التي يتحدث فيها . فهذا هـو النوع الوحيد للحديث الذي يستحق التحدث به " .
( كتاب الأبطال وعبادة الأبطال ص 66 )
ب- " من الطبيعي أن محمداً قد أغضب قريشاً سدنة الكعبة المشرفين على الأصنام . رجل أو اثنين من ذوي التأثير انضموا إليه . انتشر الدين ببطء ، لكنه كان ينتشر . فمن الطبيعي أن يثير غضب الجميع "

( الأبطال وعبادة الأبطال ص 77 ) .
ج- ليس رجلاً معسول اللسان ، بل شديد القـول إذا لزم الأمر إنه لا يتظاهر بالأمور .
كانت غزوة تبوك شيئاً كثيراً ما يتحدث عنه . فقد رفض بعض رجاله أن يخرجوا في هذه الغزوة بعذر حرارة الجو وموسم الحصاد .. إلخ إنه لم يستطع أبداً نسيان ذلك . إن الحصاد يستغرق يوماً واحداً . ماذا سيحدث لمحصولكم في النهاية ؟ وماذا عن حرارة الجو ؟ نعم – لقد كان الجو حاراً لكن " نار جهنم أشد حراً ! "
( كتاب الأبطال وعبادة الأبطال ص 95 ، 96 ) .
" أحياناً ينفـع التهكم أو السخرية الخشنة : فهـو يقول للكفار سوف تكـون موازينكم خفيفة ! " .
يجب أن تتذكر أن توماس كارلايل قال تلك الكلمات والمزيد لمستمعين مسيحيين في إنجلترا أذهلتهم وصدمتهم تلك الكلمات منذ ( 150 ) سنة .
التاريخ لم يسجل لنا المناقشات الحية التي من الطبيعي أن تكون أثارتها محاضرته . لقد ظل عند وعده . أنا أريد أن أتكلم عن كل الخير فيه ( رسوله البطل ) بقدر ما أستطيع . واستمر في حديثه يدافع عن محمد صلى الله عليه وسلم ضد التهم المزيفة والافتراء والتشويه الذي رماه بها أعداءه .
تهمة الخداع Charge of Falsity
4- أ- " رجل مخادع يؤسس ديانة ؟ لماذا ؟ لا يستطيع الرجل المخادع أن يبني بيتاً من الآجر ( الطوب ) ! إذا لم يكن يعلم كيفية البناء . حتى ولو تتبع خصائص الملاط والطين المحروق وكل شيء آخر وتوفرت له هذه الأشياء سوف تكون نتيجة عمله كومة من النفاية ( الرابش ) وليس منزلاً . ولا يمكن لهذه الكومة أن تصمد لمدة اثني عشرة قرناً من الزمان وأن يهدي إليها مائة وثمانين مليوناً ولكنه سينهار على الفور . المخادعون يفتضحون . وهذا يشبه النقود المزيفة تمر من أيدي المزيفين والآخرون هم الذين يتعين عليهم اكتشافها . تحترق وتنفجر الطبيعة بشعلات مضيئة .. فالثورة الفرنسية وما شابهها انطلقت تصرخ بالحقيقة المرعبة .. إن النداء الزائف ليس إلا زيفاً " .
( الأبطال وعبادة الأبطال ص 58 )
4- ب- إن النظرية أو الرأي الذي يقول أن محمداً كان مدعياً للنبوة تعارضها بشدة حقيقة أنه عاش حياته بهذا الأسلوب الرائع والهادئ تماماً في هذا المكان العادي وفوق كل النقد أو الاعتراض حتى ذهبت زهرة شبابه . فقد كان في الأربعين قبل أن يتحدث عن أي مهمة من السماء . وقد كان كل طموحه على ما يبدو حتى هذه اللحظة هو أن يحيا حياة شريفة وكل ما كان يرجوه من " شهرة " هو مجرد السمعة الطيبة التي يعرفه بها جيرانه " .
( الأبطال وعبادة الأبطال ص 70 )
4- ج- " الطموح ؟ ماذا كان في استطاعة العرب بأسرهم أن يعطوا هذا الرجل ؟
تاج هرقل الروماني وكسرى الفارسي بل كل تيجان الأرض ؟
ماذا كان من الممكن أن تساوي بالنسبة له ؟ لم تكن من الجنة العالية أو جهنم السفلى . كل التيجان والملوك والممالك ما هو مصيرهما بعد سنوات قليلة ؟ هل كان يطمح في أن يكون شيخ مكة وجزيرة العرب وفي يده قطعة خشب مذهبة ؟ . هل في هذا خلاص البشر وإنقاذهم ؟ لا أعتقد ذلك .. إننا يجب علينا أن نتخلى كلية عن هذه النظرية أو الرأي القائل بأن محمداً كان مدعي النبوة باعتبارها غير جديرة بالتصديق وغير محتملة أيضاً وتستحق في المقام الأول أن ننبذها "
( الأبطال وعبادة الأبطال ص 72 )
تهمة الخطيئة Charge of Sinning
5- الخطايا ؟ في رأيي أن أعظم الخطايا هو ألا تكون على دراية بأي منها ولا تشعر بها في ضميرك . حسب اعتقادي كان يجب على قارئي الكتاب المقدس أن يعلموا أفضل من غيرهم من الذي سُمي هناك باسم " الرجل طبقاً لرغبة الله " إنه داوود الملك العبري الذي سقط في زعمهم في الخطايا وأسود الجرائم .
لم تكن هناك حاجة إلى الخطايا .. ومن ذلك يسخر المشركون ويسألون هل هذا رجلكم الذي يسير وفق رغبة الله ؟ .
ويجب أن أقول أن السخرية تبدو لي مجرد سخرية سطحية .
ما هي الخطايا ؟ ما هي التفاصيل الخارجية للحياة لو أن سرها الداخلي والندم والإغراءات والحق والمعوقات الدائمة – صراعات الحياة اللانهائية لو أن كل ذلك ينسى . أنه ليس للإنسان أن يوجه خطواته من تلقاء نفسه .
ومن بين كل الأعمال أليست التوبة هي الأحسن بالنسبة للإنسان .. إن الخطيئة المميتة في رأيي هي الإحساس المتكبر بأنه ليس لك خطايا . هذا هو الموت بعينه . القلب المتجرد – وهو في كامل إدراكه – من الإخلاص والتواضع والحق هو قلب ميت .. إنه " مجرد " مثل الرمل الجاف الميت هو مجرد " .
( الأبطال وتمجيد الأبطال ص 61 )
تهمة حد السيف Charge Of The Sword
تعتبر أكبر جريمة وأكبر إثم لمحمد صلى الله عليه وسلم في نظر الغرب المسيحي أنه لم يسمح لنفسه أن يقتل أو " يصلب " بيد أعداءه .
فقد تمكن مـن الدفاع عن نفسه وعن أسرته وعن رفاقه وأتباعه وأخيراً تغلب على أعداءه .
إن نجاح محمد قد أصاب المسيحيين بخيبة أمل .. إنه لم يؤمن بالتضحية العوضية من أجل خطايا الآخرين . وكانت معتقداته وتصرفاته موافقة للفطرة .
" وفي حالة الفطرة فلكل فرد الحق في الدفاع عن نفسه وعن ممتلكاته وأن يمد عداءه بالقدر المعقول من الرضا والارتياح " .
وهذه المقالة السابقة لأستاذ المؤرخين جيبون في كتابه ( صعود وسقوط الإمبراطورية الرومانية ) .
إن كفاحه وانتصاره على قوى الشر والكفر جعل ناشري دائرة المعارف البريطانية يعلنون أن محمد صلى الله عليه وسلم يعتبر " الأكثر نجاحاً من بين جميع الشخصيات الدينية " . فكيف إذن يمكن لأعداء الإسلام أن يعللوا إنجازات محمد التي كانت تمثل ظاهرة في حد ذاتها إلا بزعمهم أنه نشر عقيدته بحد السيف ؟ وأنه فرض الإسلام على الناس فرضاً وأكرههم عليه إكراها ؟
6- " مع ذلك فقد كشف التاريخ أن الأسطورة التي تزعم أن المسلمين المتعصبين زحفوا على العالم يفرضون الإسلام بالقوة على أجناس الدولة المفتوحة هي واحدة من أكثر الخرافات والأساطير التي رددها المؤرخون سخافة " " الإسلام في مفترق الطرق " دي لاسي أوليرى . لندن سنة 1923 ص 8 .
وليس عليك أن تكون مؤرخاً مثل أوليرى لكي تعلم أن المسلمين حكموا أسبانيا 736 سنة . وهي مدة أطول من حكم المسيحيين على الرعايا المسلمين في موزمبيق التي كانت 500 سنة . وقد استولى عليها المحتلون البرتغاليون من حاكم عربي اسمه موسى بن بَيق وكان من الصعب عليهم نطق الاسم فحرفوه إلى موزمبيق .
وحتى اليوم وبعد خمسة قرون من الحكم المسيحي فلا يزال المسلمين يشكلون نسبة 60% من هذا البلد . وبعد حكم الإسلام لأسبانيا والذي دام ثمانية قرون فقد تم استئصال وتصفية المسلمون تماماً مـن أسبانيا حتى أنه لم يتـرك رجل واحد ليقوم بالأذان ( نداء المسلمون للصلاة ) .
فلو كان المسلمون قد استعملوا القوة سواء كانت العسكرية أو الاقتصادية عند حكمهم أسبانيا لم يكن ليبقى مسيحي واحد في أسبانيا ليقوم بطرد وتصفية المسلمين بعد ذلك .
ومن الممكن أن تلوم المسلمين على الاستغلال إذا أحببت ذلك ولكن أحداً لا يستطيع أن يتهمهم باستعمال السيف ليحولوا الأسبان عن عقيدتهم إلى الدين الإسلامي .
ولا يزال الإسلام اليوم ينتشر في جميع أنحاء العالم مع أن المسلمين لا يملكون سيفاً .
المسلمين كانوا أيضاً أسياد الهند لألف سنة لكن مؤخراً عندما حصلت شبه القارة الهندية على استقلالها مؤخراً في عام 1947 فإن الهندوس حصلوا على ثلاثة أرباع الدولة بينما حصل المسلمون على الربع الباقي لماذا ؟ لأن المسلمون لم يجبروا الهندوس على الإسلام في إسبانيا والهند . المسلمين لم يكونوا دائماً مثالاً للفضيلة لكنهم أطاعوا الوصية القرآنية بالحرف .
( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) ( البقرة : 256 ) .
ولقد فهم المسلمون الفاتحون مـن هذا الأمر أن " الإكراه " لا يتوافق مع الدين الحق لأن :
أ- الدين يعتمد على الإيمان والإرادة وهذه ستكون بلا معنى لو حدثت بالقوة . القوة قد تهزم ولكنها لا تحول .
ب- لقد بين محمد ( صلى الله عليه وسلم ) رحمة الله للعالمين ، الحق والباطل حتى أنه لا يحب أن يكون هناك أي شك في عقل أي شخص ذو نية حسنة فيما يتعلق بأصول الإيمان .
ج- حماية الله مستمرة وخطته هي دائماً أن يقودنا مـن أعماق الظلام إلى أوضح الأنوار
باستثناء بعض الشواذ هنا وهناك . فإن المسلمون عامة ظلوا على وصية الله في الأرض وساروا على نهجها .
لكن ماذا يستطيع أن يقول الأعداء عـن البلاد التي لم يضع جندي مسلم واحد عليها قدمه ؟
1- إندونيسيا : يوجد بها أكثر من 100 مليون إندونيسي مسلمين لكن لا يوجد جيش إسلامي فاتح أبداً ذهب إلى أي من جزرها الألفين
2- ماليزيا : الأغلبية العظمى من شعبها مسلمين بالرغم من أنه لا يوجد جندي مسلم واحد قد دخلها أيضاً .
3- إفريقيا : أغلبية الشعوب على الساحل الشرقي لإفريقيا حتى موزمبيق جنوباً وأيضاً معظم السكان على الساحل الغربي للقارة مسلمين لكن التاريخ لم يسجل أي جيوش مسلمة مهاجمة في أي مكان .
أين كان هذا السيف ؟
التاجر المسلم قام بالمهمة ( بالقدوة الحسنة ) – أخلاقه الحسنة – سلوكه الأخلاقي المستقيم حقق معجزة الهداية إلى الإسلام .
يقول المجادل المسيحي : كل ما تقوله يبدو أنه لا جدال فيه يا سيد ديدات ولكننا نتكلم عن الإسلام في بداية الطريق التي حول بها رسولكم الوثنيين لدينه ، كيف فعلها لو لم يكن بالسيف ؟ "
واحد في مقابل الجميع One Against All
ليس بوسعنا أفضل من أن نسمح لتوماس كارلايل نفسه بالدفاع عن نبيه البطل ضد هذه التهمة الكاذبة .
7- " السيف بالفعل : لكن من أين ستأتي بسيفك !! كل فكرة جديدة في بدايتها تكون تماماً " قاصرة على واحد " في عقل رجل واحد وحده .. وهناك تكمن لأنه حتى تلك اللحظة يكون هناك رجل واحد في العالم كله يصدقها . إنه رجل واحد في مقابل الجميع . أن يأخذ سيفاً ويحاول أن ينشر به هذه الفكرة ، لن يجدي إلا قليلاً . يجب أولاً أن تدافع عن نفسك بسيفك وعامة سينتشر الشيء بنفسه بعد ذلك إذا كان يستطيع . ونحن لا نجد أن الدين المسيحي أيضاً دائماً يترفع عن استعمال السيف عندما حظى به يوماً . وعندما حوَّل " شارلمان " الساكسونيين إلى المسيحية فإن ذلك لم يكن بالوعظ " .
( الأبطال وعبادة الأبطال ص 80 )
في سن الأربعين عندما أعلن محمد رسالته السماوية لم يكن هناك فريق سياسي أو ملكية وبالتأكيد لا عائلة أو قبيلة تسانده .
إن قومه العرب الذين كانوا منغمسين في عبادة الأصنام واللجوء إلى السحر لم يكونوا بأية حال قوم طيعين وسهلي المراس ولم يكونوا لقمة سائغة لقد كانوا قوماً متقلبين معتادين على الحروب المميتة الأهلية وعرضة " لجميع أنواع الإخلاص الوحشي علـى حد تعبير دي كارلايل " .
إن رجلاً واحداً لا يحتاج لأقل من معجزة لكي يصلح وحده مثل هؤلاء القوم . وقد وقعت المعجزة . الله وحده هو الذي نصر الإسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم بالمساندة الرقيقة الوديعة .
وصدق الله وعده إذ يقول في كتابه " وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " ( الشرح : 4)


يتبـــــع
NESR غير متواجد حالياً