عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2011, 08:47 AM   #5
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

الحب الحقيقي
جمع وإعداد الفقير إلى الله تعالى
وراجي عفوه وكرمه
مسير ماطر الظفيري


المحبة روح الحياة ، وطعم الوجود ، ولذة الدنيا ، وغذاء الروح وبهجة القلب ، وضياء العين ونور الفؤاد ، حياة بلا حب حياة باهتة ، وقلب لاحب فيه قلب جامد ، الحياة جسد والحب روح ، فإذا غابت الروح فلا قيمة للجسد ، بالمحبة أقبلت قوافل المحبين ، وتسابقت أقدام العاشقين ، وتنافست فلول الهائمين ، المحبة حياة من فقدها فهو ميت ، ونور من فقده فهو في ظلام دامس ، وليل حالك ... إن المحبة نار في القلب تحرق ماسوى مراد المحبوب ، فلا يبقى إلا مراده ، ولايقوم إلا مطلوبه ، ولايمتثل إلا أمره ، إنه الشوق الدائم إلى لقاء المحبوب والحياة على أمل الفوز به ، والظفر برؤية وجهه الكريم ، ولذلك صدق المحب في حبه ، وأخلص في إرادته ، ووحد المحبوب في وجهته ليظفر منه بمحبته ، والفوز بجيرته .
يسمع المحبون منادي الحبيب ( حي على الفلاح ) فيهجرون الفرش ، ويطردون الكرى ، ويمتطون الأقدام في وهج الشمس أو لوعة البرد ، وكأنما يمشون على الحرير ، ويطرق أسماعهم ( حي على الكفاح ) فيبذلون المهج ، ويقدمون الأرواح ، ويزهقون الأنفس ، ويهريقون الدماء . ويتلى عليهم { وأنفقوا مما رزقناكم } فيتسابقون بالغالي والنفيس ، ويبذلون من أعز مايملكون ، وأفضل مايحبون ، ويعطون عطاء من لايخشى الفقر . ويرتل عليهم { ولله على الناس حج البيت } فيقبلون من كل فج عميق ، وواد سحيق ، شعثا غبرا خماص البطون ، ظمأى الأفئدة ، لبيك اللهم لبيك ، لبيك لاشريك لك لبيك . ( الله أهل الثناء والمجد للشيخ ناصر الزهراني ص 331-332 ) .
فقول الحاج : لبيك اللهم لبيك معناها إجابة بعد إجابة لك يارب ، وديدن المؤمنين دائما أنهم يقولون { سمعنا وأطعنا } ... عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – جاء إلى الحجر الأسود فقبله ، فقال : إني أعلم أنك حجر ، لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. رواه البخاري.


الحجر الأسود قبلته *** بشفتي قلبي وكلي وله
لا لاعتقادي أنه نافع *** بل لاقتدائي بالذي قبله
محمد أطهر أنفاسـه *** كانت على صفحته مرسله
قبله والنور من ثغره *** يشرق آيات هدى منزله .
( إبهاج الحاج للشيخ ناصر الزهراني ص 69 بتصرف ) .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ولا ريب أن محبة المؤمنين لربهم أعظم المحبات وكذلك محبة الله لهم هي محبة عظيمة جدا كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال : ( يقول الله تعالى من عادي لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولا بد له منه ). ( قاعدة في المحبة لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 114 ).
فالمؤمنون هم أشد الناس حبا لله جل وعلا : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله } وذلك لطاعتهم وتعلقهم بالله جل وعلا وهو سبحانه وتعالى يحبهم { إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا } أي حبا ، وسمي إبراهيم عليه السلام بالخليل في قوله تعالى { واتخذ الله إبراهيم خليلا } لأن الخلة أعلى مقامات المحبة ومعناها أن ما من ذرة في إبراهيم عليه السلام إلا وهي محبة لله تعالى مستسلم لله كمال الاستسلام والله عزوجل يتحبب إلى خلقه ولكنهم يبتعدون عنه بالمعاصي ولاحول ولاقوة إلا بالله ، يقول ابن القيم رحمه الله : من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه ، وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة ، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره ، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له ، وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته . الفوائد ص 61.
ويقول رحمه الله : ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه ، إنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوكه بصنوف إنعامه ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه‏. الفوائد ص 50.
ومحبة غير الله تعالى فيها الاندثار والانقطاع « جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من أحببت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، ثم قال : يا محمد شرف المؤمن قيام الليل و عزه استغناؤه عن الناس » رواه الحاكم 7921 وهو في صحيح الترغيب والترهيب 824.
والله عزوجل إذا أحب عبدا جعل أهل السماء والأرض يحبونه ووضع له القبول في الأرض قال صلى الله عليه وسلم : « إذا أحب الله تعالى العبد نادى جبريل : إن الله تعالى يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض » متفق عليه.

• ومن الحب الحقيقي حب النبي صلى الله عليه وسلم :

الذي قال : « لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »رواه البخاري 15 .
ومن صور حب النبي صلى الله عليه وسلم عند الصحابة ماذكره عبدالله بن هشام رضي الله عنه قال : كُنَّا مَعَ النَّبِيِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِي . فَقَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - « لاَ وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ » . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِي . فَقَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - « الآنَ يَا عُمَرُ » . روه البخاري 6632
وهذا يبين حب عمر للنبي صلى الله عليه وسلم .
وانظر لحب سواد بن غزية رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم فعن أشياخ من قوم حبان بن واسع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر وفي يده قدح يعدل به القوم فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار وهو مستنتل من الصف فطعن في بطنه بالقدح وقال « استو يا سواد » فقال يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني قال فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال استقد قال فاعتنقه فقبل بطنه فقال « ما حملك على هذا يا سواد » قال يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقال له « استو يا سواد ». السلسلة الصحيحة 6/808 قال الألباني : إسناده حسن إن شاء الله تعالى.
فحب النبي صلى الله عليه وسلم واجب وكل شيء يحبه صلى الله عليه وسلم فعن عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما - أَنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا صُنِعَ الْمِنْبَرُ فَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ حَنَّ الْجِذْعُ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ وَقَالَ « لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ». رواه أحمد في مسنده وصحح إسناده أحمد شاكر.

• ومن الحب الحقيقي كذلك حب الوالدين :

يقول الله تعالى:
( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ﴿23﴾ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴿24﴾ ) الإسراء.
يقول ابن كثير رحمه الله : يَقُول تَعَالَى آمِرًا بِعِبَادَتِهِ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ فَإِنَّ الْقَضَاء هَاهُنَا بِمَعْنَى الْأَمْر قَالَ مُجَاهِد " وَقَضَى " يَعْنِي وَصَّى وَكَذَا قَرَأَ أُبَيّ بْن كَعْب وَابْن مَسْعُود وَالضَّحَّاك بْن مُزَاحِم " وَوَصَّى رَبّك أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ " وَلِهَذَا قَرَنَ بِعِبَادَتِهِ بِرّ الْوَالِدَيْنِ فَقَالَ " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " أَيْ وَأَمَرَ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا كَقَوْلِهِ فِي الْآيَة الْأُخْرَى " أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك إِلَيَّ الْمَصِير " وَقَوْله " إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدك الْكِبَر أَحَدهمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ " أَيْ لَا تُسْمِعهُمَا قَوْلًا سَيِّئًا حَتَّى وَلَا التَّأْفِيف الَّذِي هُوَ أَدْنَى مَرَاتِب الْقَوْل السَّيِّئ " وَلَا تَنْهَرهُمَا " أَيْ وَلَا يَصْدُر مِنْك إِلَيْهِمَا فِعْل قَبِيح كَمَا قَالَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح فِي قَوْله " وَلَا تَنْهَرهُمَا " أَيْ لَا تَنْفُض يَدك عَلَيْهِمَا وَلَمَّا نَهَاهُ عَنْ الْقَوْل الْقَبِيح وَالْفِعْل الْقَبِيح أَمَرَهُ بِالْقَوْلِ الْحَسَن وَالْفِعْل الْحَسَن فَقَالَ " وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا " أَيْ لَيِّنًا طَيِّبًا حَسَنًا بِتَأَدُّبٍ وَتَوْقِير وَتَعْظِيم . تفسير القرآن العظيم.
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ قَالَ « أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبُوكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ » رواه مسلم 6665.
فحب الوالدين وتقديرهما واحترامهما والسعي في إرضائهما أمر مطلوب شرعاً قال صلى الله عليه وسلم : « رضى الله في رضى الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين » رواه ابن حبان في بلوغ المرام 434 وهو صحيح .

• ومن الحب الحقيقي حب الزوجة لزوجها والعكس :

وتمعن معي أخي الكريم في هذا الحديث العجيب عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها - أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « إِنَّ هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ » رواه الترمذي وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ 4254 وأصله في الصحيحين . وانظر السلسلة الصحيحة 7/1715.
فجبريل عليه السلام جاء للنبي صلى الله عليه وسلم في المنام بصورة عائشة رضي الله عنها على خرقة من حرير خضراء ، ويؤخذ من ذلك تعلق قلبه صلى الله عليه وسلم بها وحبه لها قبل زواجهما فياله من حب طاهر عفيف !
عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ « اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ ». يَعْنِى الْقَلْبَ. رواه أبوداود 2136.
أي أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله عزوجل أن لايؤاخذه بميل قلبه لعائشة رضي الله عنها إذ هو يحبها أكثر من باقي زوجاته ولكنه يعدل في القسمة بينهن في البيتوتة " والحديث يدل على أن المحبة وميل القلب أمر غير مقدور للعبد بل هو من الله تعالى " عون المعبود – النكاح – في القسم بين النساء.
وفي يومٍ من الأيّام كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندها – أي عائشة - ، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بوعاء فيه طعام ، فقامت عائشة رضي الله عنها إلى الوعاء فكسرته ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع الطعام وهو يقول : ( غارت أمكم ) رواه البخاري .
كذا تقول رضي الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلاً. قَالَتْ فَغِرْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ « مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ ». فَقُلْتُ وَمَا لِي لاَ يَغَارُ مِثْلِى عَلَى مِثْلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ ». قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَمَعِي شَيْطَانٌ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « نَعَمْ وَلَكِنْ رَبِّى أَعَانَني عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ » رواه مسلم 7288
وهي رسالة واضحة منه صلى الله عليه وسلم لكل الأزواج أن يراعوا غيرة النساء فالحب الحقيقي يدعو لذلك لا إلى ضربها وطلاقها !!!

• ومن الحب الحقيقي أيضا حب الأولاد :

عن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُ جَالِسًا . فَقَالَ الأَقْرَعُ إِنَّ لي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا . فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ « مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ » رواه البخاري 5997.
وعَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَبِى وَعَلَىَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « سَنَهْ سَنَهْ » . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهْىَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ . قَالَتْ فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ ، فَزَجَرَنِي أَبِى . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « دَعْهَا » . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَبْلِى وَأَخْلِقِي ، ثُمَّ أَبْلِى وَأَخْلِقِي ، ثُمَّ أَبْلِى وَأَخْلِقِي » . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ . يَعْنِى مِنْ بَقَائِهَا . رواه البخاري 5993. زبرني أبي : نهرني أبي.
قال ابن حجر رحمه الله معلقا على قول البخاري : باب من ترك صبية غيره تلعب به أو قبلها أو مازحها : والممازحة بالقول مع الصغيرة إنما يقصد به التأنيس ، والتقبيل من جملة ذلك. فتح الباري 17/123.
وعَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ عَقَلْتُ مِنَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ . رواه البخاري 77 .
قال النووي رحمه الله : قال العلماء : المج طرح الماء من الفم بالتزريق وهذا في ملاطفة الصبيان وتأنيسهم وإكرام آبائهم بذلك وجواز المرح. شرح النووي 2/460.
* ومن حبنا لأولادنا حمايتهم من الشرك والمعاصي :
عن أنس – رضي الله عنه - : ( أن غلاما من اليهود كان مرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له أسلم فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه فقال له أبوه أطع أبا القاسم فأسلم فقام النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه بي من النار ) رواه أبوداود 3095.
* ومن محبتهم تعليمهم ماينفعهم :
عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه - : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك فقال أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) رواه أبوداود 1522 .
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما - قال : كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي وقال : حسن صحيح .
* ومن محبتهم رفع الحزن عنهم بملاعبتهم :
أنس بن مالك – رضي الله عنه - قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالطنا حتى إن كان يقول لأخ لي صغير يا أبا عمير ما فعل النغير ) رواه الترمذي وقال : حسن صحيح.

• الحب في الله بين المسلمين :

ومن معاني الحب الحقيقي الحب في الله لجميع المسلمين :
عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ » . رواه البخاري16.
وعَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه عَنِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ » . رواه البخاري 13.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ عِنْدَ النَّبيِ - صلى الله عليه وسلم- فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ هَذَا. فَقَالَ لَهُ النَّبي - صلى الله عليه وسلم- « أَعْلَمْتَهُ ». قَالَ لاَ قَالَ « أَعْلِمْهُ ». قَالَ فَلَحِقَهُ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ. فَقَالَ أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ.رواه أبوداود5127.

• الحب الباطل :

مايسوق له في هذه الأيام مما يسمى بعيد الحب هو عيد وثني نصراني يدعو للعشق والهيام والإباحية وهو حب قاصر يدعو إلى حب اللذة والشهوة فقط !!!
ثم إن الأعياد في الإسلام عبادات تقرب إلى الله تعالى وهي من الشعائر الدينية العظيمة ... والعبادات توقيفية ، فليس لأحد من الناس أن يضع عيداً لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم إن الاحتفال بعيد الحب فيه تشبه بالرومان الوثنيين ثم بالنصارى الكتابيين فيما قلدوا فيه الرومان وليس هو من دينهم ، وقد حذرنا صلى الله عليه وسلم من التشبه فقال : « مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ »رواه أبوداود 4033 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم كما في قوله تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } المائدة 51 ا.هـ
والله عزوجل حذرنا من سلوك مسلك أهل الكتاب اليهود والنصارى الذين غيروا دينهم وحرفوا كتبهم وابتدعوا مالم يشرع لهم وتركوا ماأمرهم الله تعالى به فقال : { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿105﴾ } آل عمران ، ولابد للمسلم من أن يقف موقفا من هذا العيد وذلك بعدم الاحتفال به أو مشاركة المحتفلين به في احتفالهم أو الحضور معهم وعدم إعانة الكفار على احتفالهم به بإهداء أو طبع أدوات العيد وشعاراته أو إعارته لأنه شعيرة من شعائر الكفر فإعانتهم وإقرارهم عليه إعانة على ظهور الكفر وعلوه وإقرار به ، والإنكار على من احتفل من المسلمين بأعياد الكفار بطرق الإنكار المشروعة لأنه منكر يجب إنكاره ، وعدم تبادل التهاني لهذا العيد وتوضيح حقيقته للأهل والأولاد وغيرهم من المسلمين .

وقد أفتت اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية في فتواها التي تحمل رقم (21203) بتاريخ 23/11/1420هـ بأنه :
دلت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة - وعلى ذلك أجمع سلف الأمة - أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما: عيد الفطر وعيد الأضحى وما عداهما من الأعياد سواء كانت متعلقة بشخصٍ أو جماعة أو حدث أو أي معنى من المعاني فهي أعياد مبتدعة لا يجوز لأهل الإسلام فعلها ولا إقرارها ولا إظهار الفرح بها ولا الإعانة عليها بشيء لأن ذلك من تعدي حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه، وإذا انضاف إلى العيد المخترع كونه من أعياد الكفار فهذا إثم إلى إثم لأن في ذلك تشبهاً بهم ونوع موالاة لهم وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن موالاتهم في كتابه العزيز وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من تشبه بقوم فهو منهم).
وعيد الحب هو من جنس ما ذكر لأنه من الأعياد الوثنية النصرانية فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره أو أن يهنئ بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته، كما يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكل أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول والله جلا وعلا يقول: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان اتقوا الله إن الله شديد العقاب».
ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنة في جميع أحواله لاسيما في أوقات الفتن وكثرة الفساد، وعليه أن يكون فطناً حذراً من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين الذين لا يرجون لله وقاراً ولا يرفعون بالإسلام رأساً، وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى بطلب هدايته والثبات عليها فإنه لا هادي إلا الله ولا مثبت إلا هو سبحانه وبالله التوفيق.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين


تم الفراغ من كتابته
يوم الجمعة العشرين من صفر لعام 1430هـ
الموافق 25/2/2009م

المراجع :
- القرآن الكريم .
- صحيح البخاري .
- صحيح مسلم .
- سنن أبي داود .
- مسند أحمد .
- سنن الترمذي.
- موطأ مالك.
- بلوغ المرام لابن حبان .
- صحيح الترغيب والترهيب للألباني.
- السلسلة الصحيحة للألباني .
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر.
- شرح صحيح مسلم للنووي .
- عون المعبود شرح سنن أبي داود.
- الله أهل الثناء والمجد للشيخ ناصر الزهراني .
- إبهاج الحاج للشيخ ناصر الزهراني .
- قاعدة في المحبة لشيخ الإسلام ابن تيمية .
- الفوائد لابن القيم الجوزية .
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
- إغضاب الرب بمايسمى عيد الحب – جمعية إحياء التراث الإسلامي – لجنة الدعوة والإرشاد الفردوس ( مطوية ) بتصرف.

__________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفعكم بكم، ووفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
أبو عادل غير متواجد حالياً