عرض مشاركة واحدة
قديم 12-23-2010, 05:50 PM   #4
يوسف السلفي
مشرف قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 20
معدل تقييم المستوى: 0
يوسف السلفي is on a distinguished road
افتراضي

النوع الرابع والعشرون

كيفية التحمل:
تقبل رواية: مسلمٍ وبالغٍ لما تحمّل قبلهما، وأخطأ مانع الثاني _ أي: البالغ الذي يروي بعد بلوغه ما تحمله قبل بلوغهما _، لقبول الناس رواية أحداث الصحابة كالحسن وابن الزبير بلا فرق بين ما تحملوا قبل البلوغ وبعده.

واستحب أبو عبد الله الزبيري كتْبَ الحديث للعشرين.
وقال موسى بن هارون: أهل البصرة يكتبونه لعشر، والكوفة لعشرين، والشام لثلاثين.
وقدره ابن الصلاح بالتأهل؛ لاختلاف الأشخاص فيه.

وإذا قُصد بقاء السلسلة فينبغي أن يبكر بالصغير حين يصح سماعه. وقدره ابن هارون بفرقه بين بقرة وحمار. واحمد بضبطه. وعن عياض: حدّوه بسنِّ محمود _ بن الربيع بن سراقة؛ صحابي صغير _ حين عَقَل المجة، وكان خمساً، وعليه المتأخرون.
والصواب: إن ميّز ففهم الخطاب وأجاب صَحَّ، وإلا فلا.
· وأقسام التحمل ثمانية:
· أولها: السماع من الشيخ:
قال الخطيب: وأرفع عبارات السماع فيه: (سمعت)، إذ لا يكاد يذكر في إجازة أو تدليس. ثم (حدثنا)، و(حدثني). ثم (أنا)، ويَكْثُر استعماله، قال ابن الصلاح: هذا قبل شيوع تخصصه بما قرئ عليه.
و(ثنا) و (أنا) أرفع من (سمعت) من جهة دلالتهما أن الشيخ خاطبه بخلافه، ثم (أنبأنا) و (نبأنا)، ويقل إستعمالهما، و(قال لنا) و(ذكر لنا) كـ(حدثنا)، لكن يليقان بسماع المذاكرة، واستعملا فيه كثيرا.
وأوضعها: (قال)، و(ذكر).

· ثانيها: القراءة عليه:
وسماه أكثرهم عرضاً.
ولا يعتد بمانع الرواية به، ورجّحه أبو حنيفة وابن أبي ذئب ومالك _ في رواية _ على الأول؛ والصحيح عكسه.
وسوّاهما _ أي السماع والعرض وجعلهما في منزلة واحدة _ مالك _ في رواية عنه _ والبخاري ومعظم أهل الحجاز والكوفة.

والأجود فيه: (قرأت)، أو (قرئ عليه وأنا أسمع) فأقرّ به، ثم (ثنا) أو (أنا قراءة عليه).
ومنع ابن المبارك، وأحمد، والنسائي، وغيرهم إطلاقهما _ أي التحديث والإخبار بدون تقييد بالقراءة _.
وقيل: جوزه مالك، وابن القطان، والبخاري، وغيرهم.
وجوز الأوزاعي، والشافعي، وابن وهب، ومسلم، والنسائي، وأكثرهم (أنا) دون (ثنا)، وهو الشائع.
وقيل: يجوز (سمعت) أيضاً.

وإن كان الأصل بيد ثقة؛ فإن حفظ الشيخ فكإمساكه وأولى، وإلا فالصحيح الصحة. وقيل: لا.
وبيد قارئ ثقة كذلك وأولى. وإن لم يوثق بهما شُرِطَ حفظ الشيخ.

وإذا قيل له: (أخبرك)، أو نحوع فأصغى ولم ينكر؛ صححه الجمهور للقرائن. وشرط بعض الشافعية والظاهرية نُطقه. وقال ابن الصباغ: (يعمل به، ويقول: قرئ عليه وهو يسمع إلا أنا).

واختار الحاكم _ وعهد عليه أكثر أئمة عصره _ (حدثني) فيما سمعه وحده عن شيخه، ومع غيره (ثنا)، وماقرأه وحده عليه: (أخبرني)، ومع غيره أو قرئ بحضرته: (أنا).
وعن ابن وهب نحوه؛ وهو حسن.
وحكى الخطيب عن العلماء كافةً أنه مستحب لا واجب.

فإن شك هل معه غيره؛ فعن البيهقي يقول: (حدثني) أو(أخبرني)، إذ الأصل عدم غيره.
وعن القطان: (إذا شك أن الشيخ قال: (حدثني)، أو (ثنا)؛ قال: (حدثناه))، ومقتضاه هنا أيضاً: (ثنا)، لأنه أنقص من (حدثني).
وعن أحمد: اِتْبَع لفظ شيخك بـ(حدثنا) ونحوه.

ولا يبدل كلٌّ من (ثنا) و(أنا) بالآخر في الكتب في إسنادٍ يسوِّي رجاله بينهما، جعله الخطيب فرع الخلاف على الرواية بالمعنى، وهو محصول ما سمعه من شيخه، ولم يوضع في كتاب.

وإذا سَمِعَ أو أسْمَعَ وهو يكتب؛ منعه الحربي وابن عدي وغيرهما.
وعن أبي بكر الصبغي: (يقول: (حضرت) لا (أنا))، وصححه ابن هارون.
وعن أبي حاتم: (كتبت عند عارمٍ وهو يقرأ).
وعن ابن المبارك: (قرئ عليه شيء وهو ينسخ غيره).
وصححه ابن الصلاح إن فهم المقروء، وإلا فلا.

وكذا الخلاف في الكلام وسرعة القارئ، وهينمته، وبعد السامع. والظاهر العفو عن يسيرٍ ككلمتين، ويستحب إجازة الشيخ الكتاب لهم.
وقيل لأحمد: الشيخ يدغم حرفاً يعرف ولا يفهم عنه، ترى روايته؟ قال: (أرجو أن لا يضيق هذا).

ولو عظم مجلس المملي فَبَلَّغَ المستملي، قيل: يرويه السامع منه عن المملي.
قال رجل لحماد بن زيد: كيف قلت؟ قال: استفهم من يليك.
وقال المستملي لابن عيينة: (الناس لا يسمعون). قال: (أسمعهم أنت)، وفيه بعد، وقيل: لا.
عن خلف بن تميم: (سمعت من الثوري نحو عشرة آلاف حديث، وكنت أستفهم جليسي)، فقال زائدة: (لا تحدث منها إلا بما سمعت وحفظت).
ورأى أبو نعيم في حرفٍ أو اسمٍ سَقَط من سماعه من سفيان والأعمش، فاستفهم عنه غيرهما أن يرويه عنه.

ويصح السماع ممن حدّث وراء حجاب فَعُرِف صوته، أو قرئ عليه فعرف حضوره. وينبغي جواز الاكتفاء في المعرفة بخبر ثقة. وسمع من أزواجه عليه الصلاة والسلام محجوبات. وعن شعبة منعه.

ولو أسمعه حديثاً فقال: (رجعت عن إخبارك)، أو (لا تروه)، أو نحوه، ولم يحتَجَّ بخطئه فيه أو شكه؛ فله روايته. وكذا: (أُخْبِرُكُم لا فلاناً).
قال الإسفراييني: (وكذا لو سمع بغير علمه).

· ثالثها: الإجازة:
قال ابن فارس: (من استجزته فأجازني، إذا أسقاك ماءً لأرضٍ أو ماشية).
فالطالب يستجيزه علمه، فيجيزه.
فعلى هذا يقال: (أجزته كذا)، ومن جعلها إذناً _ وهو المعروف _ قال: (أجزت له رواية كذا).
ويجوز حذف الرواية.

ويستحسن علمه بما يجيز، وكون المجاز له عالماً، وعن مالكٍ هو شرط.
وقال أبو عمر بن عبد البر: (الصحيح أنها إنما تجوز لماهر في معينٍ لا يشكل سنده).

ومن أجاز بخطه وقصدها _ أي الإجازة _؛ جاز، وينبغي تلفظه.

· وهي سبعة أنواع:
أعلاها: لمعينٍ في معين:
وجوز الرواية بها الجمهور، لأنها إخبار إجمالي لا إجازة لكذب، والنطق ليس بشرط كالقراءة عليه، ودعوى (الباجي) الإجماع عليه باطل؛ إذ أبطلها جماعات، وهو إحدى الروايتين عن الشافعي، ويجب العمل بها. ومنعه بعض الظاهرية كالمرسل، وهو باطل.

الثاني: لمعين في غيره:
كـ(أجزت لك مسموعاتي).
والخلاف فيه أكثر، والجمهور أنه كالأول روايةً وعملاً.

الثالث: لعام:
كـ(أجزتك المسلمين)، أو (أهل زمني).
واختلف فيه المجوزون، وممن جوزه الخطيب، وحكاه الحازمي عمن أدركه من الحفاظ، وأجاز ابن منده لمن قال: (لا إله إلا الله)، وابن حزم لمن دخل قرطبة من الطلبة، ولم نسمع عن مقتدى به الرواية به، فإن حصر بوصف فأقرب للجواز.

الرابع: لمجهول:
كذكر اسمٍ ونسبٍ يشترك جمعٌ فيهما، أو بمجهولٍ كـ(أجزت لك السنن)، ويروي كُتُباً من السنن، وهو فاسد.

وتصح لمنسوبين وهو يجهلهم، كسماع من يجهله منه، وينبغي صحتها لمسمَّين في الإجازة بلا تصفح وعلمٍ بعددهم وأسمائهم، كسماعهم منه كذلك.

والظاهر بطلانها (لمن شاءه زيد)، وبه أفتى الطبري؛ للجهالة، ولأن ما تفسده يفسده التعليق عند قومٍ، وقيل: تصح.
و(لمن شاء الرواية عني) أولى بالجواز إذ صرح بمقتضى الحال، و(لزيد إن شاء روايته) الأظهر جوازه.

الخامس: لمعدوم:
كـ(أجزت لمن يولد لزيد).
وجوزه الخطيب وغيره، وأبطله الطبري وغيره؛ وهو الصحيح، لأنها إخبار إجمالي، وإخبار معدوم باطل، وكذا الإذن له كالوكالة، وموجبه بطلانها للطفل.
وقال الخطيب: (تصح لأنها إباحةٌ للرواية، ورأينا كافة شيوخنا يجيزون لهم بلا سؤال على سنهم).
قلت: ولا يستلزم عدم السؤال الجواز، وفيما قاله الخطيب بعد. فتأمل

وعطف معدومٍ على موجود أقرب للجواز نحو (لزيدٍ ومن يولد له) أو (لك ولعقبك ما تناسلوا).
وقال ابن أبي داود: (أجزت لك ولولدك وحبل الحبلة).

السادس: أن يجيزه ما لم يتحمله، ليرويه إن تحمَّلَه:
قال عياض: (لم أر من ذكره، وفعله بعض المتأخرين، والصحيح بطلانه).
وسئل يونس بن مغيث _ قاضي قرطبة _ إجازة ما سيرويه، فأبى، فغضب السائل، فقال بعض أصحابه: (يعطيك ما لم يأخذه!! هذا محال).
فيلزم من قصد أن يروي عمن أجازه مسموعاته أن يبحث ليعلم أنه تَحَمَّلهُ قبل إجازته.

و(أجزت لك ما صح أو يصح عندك من مسموعاتي) ليس منه، فيروي به ما صح عنده بعد الإجازة أنه سمعه قبلها، وفعله الدارقطني وغيره.

السابع أن يجيزه مُجازاته:
والصحيح جوازه وعليه العمل، ولا يُعتدُّ بمانعه، فإذا كانت إجازة شيخ شيخه (أجزت لك ما صح عنده من مسموعاتي) فرأى سماعه لم يروه عن شيخه عنه؛ حتى يعلم أنه صح عند شيخه كونه من مسموعات شيخه.

· رابعاً: المناولة:
وهي نوعان:
- مقرونة بإجازة:
وهي أعلى الإجازات، وجعلها الزهري والشعبي وقتادة ومالك وربيعة وابن عيينة وغيرهم سماعاً.
والصحيح أنها دونه، وقاله أبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والحاكم _ وعليه عَهِدَ أئمته _.

ومن صورها:
أن يعطيه أصله، أو ما قوبل به، هبةً لينسخه، ويقابل به ويرده، ويقول: (رويته عن فلان فاروه عني، وأجزت لك روايته).
ومنها: أن يجيئه الطالب به فيتأمله ويرده ويقول: (روايتي فاروه عني).
ويسمى هذا عرضاً، ومر تسمية القراءة عليه عرضاً، فلنُسَمه عرض قراءة، وهذا عرض مناولة.
ومنها: أن يناوله ويجيزه ثم يمسكه، فإذا وجده أو ما قوبل به جاز روايته. وهو دون ما مر، وليس له كبير مزيةٍ على إجازةٍ مجردةٍ من معين.
وقال بعض أهل العلم والأصول: لا فائدة له، ويرى المحدثون له مزية.
ومنها: أن يأتيه بكتاب ويقول: (رويته فناولنيه وأجزه لي)، فيجيبه، ولم يتحقق روايته، ولا يصح إلا أن يوثق به كقراءته، قال الخطيب: ولو قال: (اروه إن كان روايتي مع براءتي من الغلط)؛ فحسن.

- ثانيهما: مجردة:
بأن يتناوله ويقول: (سماعي)، ويحرم روايته.
وعاب بعض أهل الفقه والأصول على مجوزها من المحدثين.

واختار الوليد بن بكر الغمري وبعض المتأخرين إطلاق (أنبأنا) في الإجازة.
وجوز أبو نعيم إطلاق (أنا) فيها. ومالك وغيره إطلاق (ثنا) و(أنا) في المناولة، وهو مقتضى قول جاعلها سماعاً.
والصحيح، وعليه العمل: المنع، وتخصيصها بما يشعر بهما؛ كـ(حدثنا) أو (أنا) مناولةً وإجازة، أو مناولة، أو إجازة، أو إذناً، أو ناولني، أو أجاز لي.
ولا يجوز من ع إطلاقهما _ أي حدثنا وأخبرنا _ بإباحة المجيز _ أي إباحة المجيز للمجاز إطلاق حدثنا وأخبرنا _.

ومر قول ابن حمدان في قول البخاري: (قال لي فلان).

وكثر تعبير المتأخرين تعبير المتأخرين في الإجازة من فوق المُسْمِع بـ(عن)، فيقول من سمع شيخاً بإجازته عن شيخ: (أنا فلان عن فلان).

· خامسها: المكاتبة:
وهي نوعان:
1- مقرونة بإجازة:
بأن يكتب لغائب أو حاضرٍ حديثاً أو يأمر به، ويعقبه بـ(أجزت لك ما كتبت لك)، أو (به إليك)، وهي كالمناولة المقرونة صحةً.

2- ومجردة:
والصحيح المشهور جواز الرواية بها. ورجحها السمعاني على الإجازة، وأباها قومٌ، ويكفي معرفته خطه، وشرط البينة ضعيف.

وجوز قوم إطلاق (ثنا) و(أنا) فيها.
والصحيح تخصيصها بنحو: (كتب إليّ)، أو (أخبرني كتابةً) أو (مكاتبةً).

· سادسها: أن يُعْلِمَ الطالب أنه سماعه، ويقتصر:
وجوز الرواية بها ابن جريج، والوليد الغمري، وغيرهما، وبعض الظاهرية، ولو قال: (لا تروه).
ومنعها الغزالي وغيره، وهو المختار؛ لأنه قد لا يأذن لخللٍ يعرفه، فإن صح سنده وجب العمل به.

· سابعها: الوصية عند موته بمرويّه:
وقد زلَّ مجوزه.

· ثامنها: الوجادة:
مصدر لوجد؛ مولد، وهي أن يجد حديثاً بخط راويه؛ فيقول: (وجدت) أو (قرأت بخط فلان) أو (في كتابه بخطه)، وهو منقطع مشوبٌ باتصال، ودلس فيه بعضهم بـ(قال)، أو (عن) وهو قبيح.

ولو وجد حديثاً في كتاب صحيح بغير خط مؤلفه قال: (ذكر فلان)، أو (قال)، وليس فيه شوب اتصال؛ فإن لم يثق به قال: (وجدت عنه)، أو (بلغني)، أو (وجدت في كتابٍ ذَكرَ فلانٌ أنه خط فلان) أو (تصنيفه)، أو نحوه.

وتسامح أكثرهم اليوم فيما وجدوه من الكتب بـ(قال فلان) و (ذكر) بلا وثوق بصحتها، ونرجو جوازه لمتقنٍ لا يجهل ما غُيِّرَ غالباً، وإليه استروح كثيرٌ من المصنفين.

ومنع بعضهم العمل بالوجادة.
وعن الشافعي جوازه، وبعض محققي الشافعية أوجبه، ولا يتجه غيره في هذه الأعصار.

يوسف السلفي غير متواجد حالياً