عرض مشاركة واحدة
قديم 12-23-2010, 05:54 PM   #5
يوسف السلفي
مشرف قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 20
معدل تقييم المستوى: 0
يوسف السلفي is on a distinguished road
افتراضي

النوع الخامس والعشرون

كَتْبُ الحديث:
كرهه عمر، وابن مسعود، وزيد، وأبو موسى، وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تكتبوا عني سيئاً غير القرآن، ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه".

وأباحه علي، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما، لحديث: "اكتبوا لأبي شاه".

ولعله نهى من أمن نسيانه، أو خاف اتكاله، أو اختلاط حديثه بالقرآن، وأذن لزوالها. ثم أجمع على إباحته.

وكره قومٌ ضبط ما لا يلبس، وقيل: إنما يُشْكَلُ ما يُشْكِلُ,
وقيل: يُشْكَلان _ أي: ما لا يلبس وما يشكل جميعاً _، ويضبط ملتبس الأسماء أكثر _ لأن الأسماء أولى الأشياء بالضبط؛ لأنها لا يدخلها القياس، ولا قبلها ولا بعدها شيء يدل عليها _، والمشكِلُ في الكتاب وحاشيته.
والمهمل قيل: ينقط تحته مثل ما فوق نظيره، وقيل: يجعل تحته حرفاً صغيراً مثله.

ويستحب التحقيق لا التعليق.
ويكره التدقيق إلا لعذر كقلة ورقه، أو تخفيف رحَّالٍ كتابه.

ولا يرمز بما لا يُفهم، فإن فعل بيَّنه، أوَّله أو آخِره.
ويفصل بين كل حديثين بدارةٍ، واستحب الخطيب إغفالها؛ فإذا قابل نقط وسطها.

ويكره _ في مثل (عبد الله بن) _ كتب [عبد] آخر سطر و[الله بن] أول سطر، أو [رسول] آخراً، و[الله صلى الله عليه وآله وسلم] أولاً.
ويستحب كتب (عز وجل) كلما ذُكر الله تعالى، و(صلى الله عليه وسلم) كلما ذكر رسوله، ويكره الاكتفاء بعليه السلام.
ويترضى أو يترحم عند ذكر كل صحابي أو خَيّر، ولا يسأم تكرره، ولا يتقيد فيه بأصله.

ويقابل هو أو ثقة كتابه بأصل شيخه، والأفضل أن يمسك هو وشيخه كتابيهما حال السماع، ويستحب نظر من لا كتاب له معه؛ سيما إن قصد نقله، ويكفي بأصل أصل شيخه، أو فرعٌ قوبل بأصل شيخه، وليراع ذلك في كتاب شيخه.

وأجاز الإسفراييني الرواية مما لم يقابل، وشَرَطَ الإسماعيلي، والبرقاني، والخطيب نقله من الأصل، وقوله إذا روى: (لم أقابل)، وشرط ابن الصلاح إتقان ناقله أيضاً.

والمختار في موضع الساقط: خطٌّ صاعدٌ منعطف لجهة اللَّحَقِ، واختار ابن خلاد مدَّه إلى أوله، وهو تسخيم، ويكتبه في اليمين، فإن قاربه آخر السطر ففي اليسار، ويصعد به أعلى الورقة، وإذا كَثُرَ ابتدأ بسطوره من أعلى إلى أسفل، ففي اليمين ينتهي للباطن، وفي اليسار للطرف، ويختمه بـ(صَحَّ) وقيل: (يَصِحُّ)، و(رجع)، واختار ابن خلاد وغيره بكلمة من الباطن، وهو تطويل موهم.

وقال عياض: (لا يُخرج خطٌ لنحو شرح أو بيان في الحاشية)، والأولى فعله وسط كلمةٍ خُرِّجَ لأجلها.

واعتنى الحذاق بالتصحيح _ وهو كتب (صَحَّ) _ على ما صح روايةً وعنى، وهو عُرْضَةٌ لشكٍ أو خلاف.
وبالتضبيب _ ويسمى تمريضاً _، وهو خط أوله كصادٍ على ثابتٍ نقلاً فاسدٍ لفظاً أو معنى، أو ضعيفٍ، أو ناقصٍ، كالانقطاع، ولا يلصق به.
وقد يختصر (صَحَّ) فيشبه الضبة.

والزائد يحك أو يمحى أو يضرب، وهو أولى.
قيل: (الحك تهمة)، وقيل: كانوا يكرهون حضور السكين المجلس كيلا يبشر شيء، فقد يصح في رواية.

وضربه: مدُّ خطٍ لاصقٍ عليه، ولا يُطمس. وقيل: يمده فوقه ويعطف أوله وآخره. وقيل: يُحوِّقُ أوله بنصف دارة، وكذا آخره، فإن كثر فقد يُحوَّقُ أول كل سطر وآخره، وقد يكفي أول الكلام وآخره، وقد يكتب أوله: (لا) وآخره: (إلى).

وضرب ثاني المكرر أولى، وقيل: أقبحهما. وقال عياض: الثاني في أول السطر، والأول في آخره، أو آخر سطر وأول آخرٍ.

وفي نحو مضافٍ ومضافٍ إليه وموصوفٍ وصفةٍ، يراعى الاتصال.

وغَلَبَ كَتْبُهُم (حدثنا) بالثاء والضمير، و(أخبرنا) بالألف والضمير، وفي خط الحاكم والبيهقي أوله دال _ نحو (دثنا) _، وقد يكتفى بالضمير، وقد يوسطان براء _ أي (أرنا) _، ولا يحسن توسيطهما بباء _ نحو (أبنا) _، وفعله البيهقي.

وإذا انتقلوا من سند لآخر كتبوا (ح) مهملة، إشارة إلى التحول، أو إلى (صَحَّ)، لئلا يتوهم سقوط متن الأول، أو تركب الثاني عليه، ولهذا كتب بعضهم مكانها: (صحَّ).
وقال الرهاوي: (لا يلفظ بشيء عندها، وهي من (حائلٍ) أي: تحول بينهما. ولم يُعْرَف عن أحدٍ غيره كما قاله ابن الصلاح.
وبعضهم يقول: (ح) ويَمُرُّ، واختاره ابن الصلاح.

ويكتبُ اسم المُسمِعِ _ وهو الشيخ _ والسامعين والمسموع والتاريخ حيث لا يخفى من الكتاب، بخط ثقة معروف، فلا يضر حينئذ أن لا يُصَحَّحَ المُسمِعُ، وليحذر إسقاط أحد لغرض فاسد.

ولا بأس بكتب ثقةٍ سماعه، وبإثباته، وإن لم يحضر كُلَّهُ، بخبر ثقةٍ حَضَرَه.
ومن في كتابه سماع غيره يقبح كتمه ومنعُهُ نَسْخَه، وألزمه حفص بن غياث، وإسماعيل القاضي إعارته إن كتَبَ السماع، وإلا فلا، واستحسنه الزبيري.

ولا يُنقَلُ سماعٌ لنسخةٍ إلا بعد المقابلة، إلا أن يُبيَّنَ أنها لم تقابل.
النوع السادس والعشرون


صفة الرواية:
وسبق في النوعين السابقين جملاً منها، قال أبو حنيفة ومالك وغيرهما: (لا حجة إلا فيما حفظه الراوي وتذكره).
وقيل: يَعتمِدُ كتابه إن لم يُخرِجْهُ.
وتساهل قوم فرووا من كتب لم تقابل، فجرَّحهم الحاكم.
وجوز الجمهور الرواية بالشروط المذكورة _ ولو أخرجه؛ أي: كتابه بأن أعاره وغاب عنه _ إذا غلب عليه السلامة، وهو الصواب.

ولو استعان ضرير في ضبط سماعه وحفظ كتابه بثقةٍ صحَّ، وقال الخطيب: (البصير الأمي كالضرير، منع قومٌ أن يُسمَعَ منهما ما كُتِبَ لهما ولم يحفظاه، وجوزه قوم).

وجوز السختياني والبرساني روايته من نسخةٍ ليس فيها سماعه، ولا قوبلت به، وفيها سماع شيخه أو سمعت عليه، ووثق بها.
ومنعه العامة إلا أن يكون شيخه أجازه مروياته، وإن كان فيها سماع شيخ شيخه فينبغي كون شيخه أجازه عامّاً، وأجيز له عامّاً.

ومن في كتابه خلافُ حفظهِ منه رجع إليه، ومِنْ شيخه فإلى حفظه، وحسنٌ جمعهما؛ فيقول: (حفظي كذا، وفي كتابي كذا)، وإن خالفه غيره قال: (وقال فيه غيري كذا).

ومنع أبو حنيفة وغيره رواية من وجِدَ سماعه ولم يذكُرْهُ، وجوزه صاحباه والشافعي، وهو الصحيح إذا غلب على ظنه سلامته.

ومنع قوم الرواية بالمعنى، وجوزها قوم في غير حديثه عليه الصلاة والسلام، والأصح جوازها مطلقاً إذا علم مقاصد الألفاظ، وروى الصحابة رضي الله عنهم معنى في أمر واحد بألفاظ مختلفة.
وينبغي تعقيبها بنحو: (أو كما قال) (أو نحوه) (أو شبهه)، وكذا لو شك في قراءة لفظه.
ولا خلاف في المصنفات، فيراعى ألفاظها.

ومانع المعنى يمنع بعض الحديث.
ومجوزها: بعضهم جوزه مطلقاً. وعن مجاهد: (أنقص من الحديث ولا تزد).
وبعضهم شرط كونه روي مرة تاماً.
والصحيح جوازه مطلقاً لعالم ثقة؛ ولم يتعلق ما ترك بما روى، ولو منع المعنى.
ولو أتمه أولاً؛ فخاف إن نقص اتهم أنه زاد أولاً، أو نسي ثانياً لقلة ضبطٍ، وجب نفي الظِّنَة.
ولو نقص أولاً فخاف إن أتم اتهم عذر في كتم الزيادة، فيتعين إتمامه أولاً كيلا يضيّعها أو يُتهم.

وتقطيع الحديث في الأبواب كفعل مالك والبخاري أقرب للجواز، وفيه كراهة.

ولا يروي بقراءة لحانٍ ومحرف، ويتعلم ما يخلِّصه منهما.
عن شعبة: (مثل من طلب الحديث ولم يبصر العربية؛ كرجل عليه برنس ليس له رأس).

وإذا وقع في أصله غلط؛ قال ابن سيرين وغيره: يرويه كما سمع. والأوزاعي وابن المبارك وغيرهما: على الصواب. وبعضهم: يصلحه. والصواب أن يضبب، ويصوب في الحاشية.

والأولى عند السماع أن يقرأه ثم يصوب، أو يصوب ثم يقول: في روايتنا أو رواية فلان كذا. والإصلاح بزيادةٍ إن تغير المعنى تأكد ذكر الأصل والبيان؛ وإلا كما مر. وغن علم مجيء الراوي الأول بها فله إلحاقها مع (يعني)، هذا إن غلط شيخه.
وغن كان من كتابه اتجه إصلاحه فيه إذا روى، كدروس شيء منه يستدركه من كتاب غيره إن وثق بصحته، وأنه الساقط، ومنعه قوم، وقال الخطيب: بيانه إذا روى أولى.
وكذا لو استثبت ما شك فيه من كتاب أو حفظ، وبعضهم يبين فيقول: (وثبتني فلان).

وإذا أشكلت كلمة سأل العلماء وروى كما أخبروه.
ولو سمع من اثنين اختلفا لفظاً فله أن يقول: (حدثني فلان وفلان، واللفظ لفلان).
وقول مسلم: (ثنا أبو بكر وأبو سعيد؛ كلاهما عن أبي خالد، قال أبو بكر: ثنا أبو خالد) حسن؛ فإعادته يشعر أن اللفظ له.
ولو قال: (فلان وفلان) وتقاربا؛ جوزه مجوز المعنى.
ومقتضاه جواز جمع قوم اتفقوا معنىً بلا بيان، وعيب به البخاري أو غيره.
وقول أبي داود: (ثنا مسدد وأبو توبة، المعنى) يحتمل أن اللفظ لمسدد. ووافقه أبو توبة معنىً، ويحتمل أنه رواه عنهما بالمعنى، ويؤيده قوله: (ثنا مسلم وموسى؛ المعنى واحد).
ومن سمع جماعة فقابل بأصل بعضهم فرواه عنهم وقال: (اللفظ لفلان) احتمل الجواز والمنع.

ولا يزيد نسب غير شيخه إلا أن يميز كـ(هو ابن فلان) أو (يعني)، وقال ابن المديني: (يقول: حدثني فلان أن فلان بن فلان حدثه)، ولو نسب شيخُهُ شيخَهُ أولاً واقتصر فيما بقي؛ فعن أكثرهم تجوز نسبته فيه، وعن بعضهم الأولى أن يميز كما مر، وقال ابن الصلاح: الأولى: (هو ابن) أو (يعني) ثم نسبته السابقة.

والعادة حذف (قال) في السند خطاً، وإن تكرر كـ(قال: قال فلان) حذف أحدهما؛ فيذكره القارئ فيهما، وفي مثل: (قرئ على فلان: أخبركم فلان) يقول _ أي القارئ _: (قيل له أخبرك).

والنسخ الجامعة لأحاديث بسندٍ الأحوط تكريره أول كل حديث، وقيل: يكتفى به أولاً؛ أو أول كل مجلس، ثم يقول: (وبالإسناد) أو (وبه) وهو الأغلب، وجوز الأكثرون لمن سمع كذا رواية غير الأول: (بسنده)، ومنع الإسفراييني وغيره.
فعلى هذا يبين، كقول مسلم: عن همام، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، فذكر أحاديث منها كذا.

ولو سمع متناً قُدِّمَ على سنده، أو سقط كـ(قال عليه الصلاة والسلام كذا)، أو (عن جابر، عنه عليه الصلاة والسلام، أنا به فلان) فقدَّم سنده؛ جوزه بعضهم، وبناه الخطيب على الرواية بالمعنى. وينبغي فيه الخلاف في تقديم بعض المتن على بعض.

ولو سمع متناً بسندٍ وأُتبع بآخر وعُقِّبَ بـ(مثله) أو (نحوه)؛ منع شعبة رواية المتن بالسند الثاني، وهو الأظهر. وجوزه ابن معين في (مثله) لا (نحوه). وقال الخطيب: عند مجوز المعنى لا فرق، قال الحاكم: إذا اتفقا لفظاً حلَّ (مثله)، ومعنى فـ(نحوه).

وإذا ذكر بعض متن وقال: (وذكر الحديث) فقصد إتمامه؛ منعه الإسفراييني، وجوزه الإسماعيلي. والتحقيق أنه بإجازة قوية فيما لم يذكره، وهو أولى بالمنع من مثله، وطريقه أن يذكر ما ذكر ويقول: (قال: وذكر الحديث، وهو كذا).

والظاهر منع تغيير (نبي) بـ(رسول) وعكسه، وغن جُوِّزَ المعنى.

ومن في سماعه وهن يبينه إذا روى، كمن سمع من حفظٍ مذاكرةً، يقول: (ثنا مذاكرة)، لمنع ابن مهدي وأبي زرعة وغيرهما أن يحمل عنهم فيها، إذ يتساهل فيها ويخون الحفظ، ولهذا لم يرو أحمد وقوم إلا من كتاب.

ولو سمع من ثقتين أو ثقة ومجروح فالأولى ذكرهما، قال الخطيب: وربما ذكر مسلم الثقة ثم قال: (وآخر) _ يعني المجروح _، ولا يفيد.

ولو سمع بعض حديث من رجل وبعضه من آخر، فروى كله عنهما، وبين أن بعضه عن أحدهما وبعضه عن الآخر جاز، وكل جزء منه كأنه رواه عن أحدهما مبهماً، فلو كان أحدهما مجروحاً سقط كله، وإذا اختلط حرم ترك أحدهما.
النوع السابع والعشرون

آداب المحدث، وهي أن يصحح نيته، ويتطهر من أعراض الدنيا، ويُسْمِعَ إذا احتيج إليه.
وقال ابن خلاد: (إذا بلغ خمسين، ولا ينكر عند الأربعين)، وأنكره عياض؛ وقال: حدَّث السلف قبلها، وجلس مالك ابن نيف وعشرين سنة، وقيل سبع عشرة، وشيوخه أحياء.

وإذا خشي الاختلاط أمسك، ويختلف باختلاف الناس، وحدّه ابن خلاد بثمانين، ولعله الغالب، فقد حدث مالك والليث وابن عيينة وغيرهم بعدها، والبغوي والحسن بن عرفة بعد المئة.

ولا يحدث ببلد فيه أولى منه، ويرشد إليه، عن ابن معينٍ: (إذا حدثت ببلدٍ فيه مثل أبي مسهر فيجب للحيتي أن تحلق).

ولا يترك سماع أحد لفساد نيته؛ فقد تصح، عن معمر كان يقال: (الرجل يطلب العلم لغير الله،فيأبى العلم حتى يكون لله عز وجل).

ويجلس على أحسن هيئته.
وكان مالك يتوضأ، وروي: يغتسل، ويتبخر، ويتطيب، ويسرح لحيته، ويجلس بوقار؛ وقال: (أُحب أن أُعظم حديثه عليه الصلاة والسلام)، وكان يكره أن يحدث قائماً أو عجلاً أو بطريق؛ وقال: (أًحب تفهم ما أحدث به). وإن رفع أحد صوته زبره؛ وقال: (قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي}؛ فمن رفع صوته عند حديثه فكأنما رفعه فوق صوته.

ويقبل على الكل ولا يسرد، ويفتتح ويختم بالذكر والدعاء,
ويجلس العارف للإملاء؛ فهو أعلى مراتب الرواية، ويختار ما علا سنده وقصر متنه، ويبين ما فيه من علوٍ أو فائدة، ويتجنب ما لا تحمله عقولهم، ويختمه بنوادر وأشعار.
فإذا فرغ قابله.

ويتخذ مستملياً يبلغ عنه، يقظاً مرتفعاً أو قائماً،فيستنصتهم بعد قراءة قارئ شيئاً من القرآن العظيم، ويبسمل ويحمد، ويصلي، ويقول: (ما ذَكَرْتَ رحمك الله)، ويدعوا له، ويثني عليه، ولا بأس بذكره بما عرف به، ويستعين من قَصُرَ عن تخريج ما يمليه.
النوع الثامن والعشرون

آداب الطالب:
وهي: أن يصحح نيته، ويسأل التيسير، ويستعمل حسن الخلق.
ويبدأ بأولى الشيوخ ببلده علواً وعلما، ثم يرحل ويعمل بما سمعه ولو مرة.

ويعظم شيخه، ويثني عليه، ويتحرى رضاه، ويحمل جفاه، ولا يملُّه، ويشاوره في اشتغاله.
ويرشد غيره لما سمعه، ولا يدع الاستفادة لحياء أو تكبر.

ويعتني بالمهم دون تكثير الشيوخ، ويكتب ما سمعه تاماً، ولا ينتخب، فإن احتاج فعله واستعان.
ويتعرَّفُ صحة ما سمعه وسُقْمَه، ومعناه وفقهه، ولغته وإعرابه، ورجاله.

ويعتني بالخمسة، والسنن الكبير للبيهقي، ولا نعلم مثله في بابه، ثم بما يحتاج إليه كالمسانيد والجوامع، والموطأ مُقدَمُها.
ويكتب العلل وغيرها.

ويذاكر بمحفوظه؛ عن علقمة: (تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره).
ويصنف إذا تأهل، ويوضح عبارته، ويستعمل المصطلح، ولا يخرجه إلا مهذبا.

ولهم في تصنيف الحديث طريقان:
1- على الأبواب.
فيذكرون في كل باب ما حضرهم.
2- وعلى المسانيد.
فيجمعون في مسند كل صحابي ما حضرهم مرتباً بالحروف أو القبائل.
يبدأ ببني هاشم الأقرب فالأقرب إليه عليه الصلاة والسلام، أو السوابق يبدأ بالعشرة، ثم أهل بدر، ثم الحديبية، ثم من هاجر بينها وبين الفتح، ثم أصاغرهم، ثم النساء يبدأ بأمهات المؤمنين.

ومن أعلى المراتب تعليله بجمع طرق كل حديث، واختلاف رواته، كمسند يعقوب بن شيبة.

ويفردون حديث كل شيخ، والتراجم كـ: مالك عن نافع عن ابن عمر.
النوع التاسع والعشرون

علو الإسناد مبعد عن الخلل؛ ولهذا تستحب الرحلة.
وأقسامه خمسة:
· أجلها: القُرب منه عليه الصلاة والسلام بسند نظيف.
· ثانيها: من إمام وإن كثر العدد بعده.
· ثالثها: العلو بالنسبة لرواية الكتب المعروفة:
وهو ما اعتنى به المتأخرون من: الموافقة، والبدل، والمساواة، والمصافحة.

فالموافقة: أن يقع لك حديث عن شيخ مسلم بعدد أقل منه لو رويته عن مسلم عنه.
والبدل: وقوع هذا العلو عن مثل شيخ مسلم، وقد يسمى موافقة في شيخ شيخه.
والمساواة: أن يقع بينك وبين صحابي أو مقاربه عدد مثل ما بين مسلم وبينه.
والمصافحة: وقوع المساواة لشيخك، فكأنك صافحت مسلماً وأخذت عنه.

والمساواة لشيخ شيخك مصافحة لشيخك، والمساواة لشيخ شيخ شيخك مصافحة لشيخ شيخك، وهذا علوٌ تابع لنزول، فلولا نزول مسلم لم تعل أنت.

· رابعها: بتقدم وفاة الراوي:
فالبيهقي عن الحاكم؛ أعلى من أبي بكر بن خلف عنه، وإن تساويا؛ لموت البيهقي سنة ثمان وخمسين وابن خلف سنة سبع وثمانين وأربعمئة.
والعلو بمجرد وفاة الشيخ حَدَّهُ ابن جوصا بخمسين سنة من وفاته، وابن منده بثلاثين.

· خامسها: بتقدم السماع:
فمن سمع من شيخ من ستين سنة، وآخر منه من أربعين سنة، وتساوى العدد إليهما فالأول أعلى.

وعن ابن المديني: (النزول شؤم).
وفضل الجمهور العلو عليه، وهو الصواب، وبعضهم النزول لكثرة الاجتهاد فيه

يوسف السلفي غير متواجد حالياً