عرض مشاركة واحدة
قديم 03-19-2011, 05:40 PM   #3
أبو عادل
عضو متألق ومشرح للأشراف على الأقسام الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 2,446
معدل تقييم المستوى: 16
أبو عادل is on a distinguished road
افتراضي

يونس عليه السلام وإن يونس لمن المرسلين

اعداد عبد الرازق السيد عيد


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين، محمد النبي الأمين، وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وبعد

ما نزال على عهدنا نتدارس سويًا قصص أنبياء بني إسرائيل، ووصل بنا المسير إلى نبي الله يونس عليه السلام أو ذي النون، أو صاحب الحوت، كما وصفه القرآن الكريم

وقد جاء ذكره باسمه في كتاب الله في أربعة مواضع في سور «النساء، والأنعام، ويونس، والصافات»، وجاء ذكره بوصفه في موضعين في سورتي «الأنبياء، والقلم»

وقد سمَّى اللهُ سورة في القرآن باسم هذا النبي الكريم، وهو بذلك يُعدُّ من القلائل الذين سميت بأسمائهم السور مثل نوح، وإبراهيم، ومحمد، عليهم جميعًا الصلاة والسلام

وسنأتي للكلام على ذلك مفصلاً إن شاء الله

وقد أرسله الله إلى قرية عظيمة وشعب كبير، فمائة ألف في ذلك الوقت عدد كبير جدًا
اسمه ونسبه لم يذكر المؤرخون نسبًا مفصَّلاً ليونس عليه السلام، وإنما اتفقوا على أن اسمه يونس بن متى، واختلفوا في
«متى
» هل هي أمه أو أبوه،
والصحيح أنه نسبه لأبيه،

وقد
رجَّح ذلك ابن حجر رحمه الله في فتح الباري
؛ لصحة الحديث الوارد في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وسيأتي

كما اتفق المؤرخون كذلك على أنه من أنبياء بني إسرائيل، ويعود نسبه إلى «بنيامين» ابن يعقوب عليه السلام ، ومولده
في الشام، ويُعْرف بـ «يونان بن أمتاي
»


بين يدي القصة

أصدقكم القول أني حين كنت أجمع خيوط هذه القصة وأعود إلى مراجعتها في مظانِّها في كتب التفسير والتاريخ، وجدتُ عجبًا، وليس العجب في قصة يونس عليه السلام مع الحوت، وهي حقًا عجيبة وسيأتي الحديث عنها ، ولكن العجب كلَّ العجب فيما لاكتْهُ ألسنة المتخرِّصين وفيما افتراه الكذبةُ المضللِّون حول قصة هذا النبي الكريم «يونس بن متى
»، عليه السلام

وهنا أدركت سرَّ اهتمام القرآن بذكر نبأ يونس عليه السلام بالتوكيد الجازم في قوله تعالى وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ الصافات عند الحديث عنه في سورة الصافات، وكذلك من تسمية سورة باسمه ؛ ألا وهي سورة «يونس»،
مع أن السورة على طولها لم تتحدث عن يونس عليه السلام ، بل تحدثت عن قومه وعن سبب نجاتهم من عذاب الله في آية واحدة،
وقد ذكر القرآن الكريم يونس عليه السلام في مصافِّ الصفوة المختارة من الأنبياء والمرسلين الذين يجب علينا الإيمان بهم على التعيين في قوله تعالى إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ
وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا
النساء ،

وفي قوله تعالى
وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ، إلى قوله تعالى وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ
الأنعام

وكذلك أدركتُ سرَّ قول النبيِّ محمد الصحيح «لا يقولن أحدكم إني خيرٌ من يونس
»

وفي رواية «
يونس بن متى
» البخاري

وفي رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال
«ما ينبغي لعبد أن يقول إني خيرٌ من يونس بن متى
» ونسبه إلى أبيه البخاري

وسرُّ ذلك واللهُ أعلم هو تأكيد براءة يونس عليه السلام مما توهمه المتوهمون وحرَّفه المحرِّفون وتخرصَّه المتخرصون، وأكثر ما وقع ذلك عند أهل الكتاب وعند الرافضة، عليهم من الله ما يستحقون، وللأسف قد تأثر كثير من المفسرين والمؤرخين مع مكانتهم ببعض الآثار الواردة عن طريق أهل الكتاب مع منافاتها لمقام النبوة الكريم يونس عليه السلام عند أهل الكتاب

وكما ذكرنا من قبل اسمه عندهم «يونان بن أمتاي
»،

جاء في التوراة العهد القديم في سفر يونان

يونان يعصي الرب

«كانت كلمة الرب إلى يونان بن أمتاي قال قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد بأن شرورها صعدت إليَّ فقام يونان وذهب، لا إلى نينوى، بل إلى مدينة ترشيش هربًا من وجه الرب، فنزل إلى يافا، فوجد سفينة سائرة إلى ترشيش، فدفع أجرتها ونزل فيها ليذهب مع ملاحيها إلى هناك بعيدًا عن وجه الرب»

وذكَرَ النص بعد ذلك ما حدث في السفينة،

ودعاء يونس عليه السلام، ثم عودته إلى قومه بحسب الرواية الواردة في العهد القديم

لكن بتأمل يسير في هذا النَّص المذكور نجد أن يونس عليه السلام لا يعرف ربَّه، وأنه أجهل من طفل صغير بربه؛ إذن فكيف يهرب من وجهه كما يدعي النص؟

وكيف يخالف نبيّ مرسل أمر ربه بالذهاب إلى الشرق فيذهب إلى الغرب،
أو أن يونس كما قال بعضهم كان وطنيًا فلم يقبل أن يذهب لدعوة مشركين بزعمهم


ما هذه الأفهام السقيمة والعقول القاصرة؟ إنه الهوى والتحريف الذي وقع فيه القوم

ومثله تمامًا ما وقع فيه الرافضة،


حيث استنبط كبيرهم في بحاره أمورًا عجيبة
من قصة يونس ؛


منها توكيد غيبة الإمام المنتظر حيث سمى الفترة التي قضاها يونس في بطن الحوت غيبة،
وقاس عليها غيبة الوصي المنتظر بغضِّ النظر عن قصر أو طول المدتين


نعم هذا الضلال موجود في كتابهم الموسوم بـ «بحار الأنوار»،
ويروجون له، وهو أكبر مرجع عندهم، ولا
أظنه إلا بحار الظلمات،
ولا حول ولا قوة إلا بالله

كما ورد فيه أيضًا أن يونس عليه السلام إنما ابتلعه الحوت عقوبة له لأنه رفض البيعة لأئمتهم المزعومين، ولولا خشية الإطالة لأوردت لكم النص كاملاً كما أورده صاحب «بحار الأنوار»
برقم
وقد تعمدت أن أذكر لكم هذا الباطل أولاً،

ثم أذكْر لكم الحقائق القرآنية من باب بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ

فإلى الحق إن شاء الله وعلى الحق نلتقي، بإذن الله تعالى

هوامش :

منهم صاحب «التحرير والتنوير» عندما تعرض للقصة في سورة الصافات
العهد القديم الإصدار الثاني ، الطبعة الرابعة، عن جمعية الكتاب المقدس في لبنان
.
أبو عادل غير متواجد حالياً