عرض مشاركة واحدة
قديم 12-30-2010, 10:13 PM   #1
بنت النيل
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 546
معدل تقييم المستوى: 14
بنت النيل is on a distinguished road
الاربعين النوويه للأمام النووى (الحديث الثانى)



تابع الاربعين النوويه



الحديث الثاني ...


حديث سيدنا جبريل عليه السلام


عن عمر رضي الله عنه أيضا قال :
بينما نحن جلوس عـند رسـول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثـر السفر ولا يعـرفه منا احـد.
حتى جـلـس إلى النبي صلي الله عليه وسلم فـأسند ركبـتيه إلى ركبتـيه ووضع كفيه على فخذيه
وقـال: " يا محمد أخبرني عن الإسلام ".
فقـال رسـول الله صـلى الله عـليه وسـلـم :
(الإسـلام أن تـشـهـد أن لا إلـه إلا الله وأن محـمـد رسـول الله وتـقـيـم الصلاة وتـؤتي الـزكاة وتـصوم رمضان وتـحـج البيت إن اسـتـطـعت اليه سبيلا).
قال : صدقت.
فعجبنا له ، يسأله ويصدقه **********???؟
قال : فأخبرني عن الإيمان .
قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره .
قال : صدقت .
قال : فأخبرني عن الإحسان .
قال : ان تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
قال : فأخبرني عن الساعة .
قال : "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل "
قال : فأخبرني عن أماراتها .
قال : " أن تلد الأم ربتها ، وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان"

ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال :
" يا عمر أتدري من السائل ؟"
قلت : "الله ورسوله أعلم ".
قال : فإنه جبريل ، اتاكم يعلمكم دينكم "
رواه مسلم [ رقم : 8 ]


شرح وفوائد الحديث


قوله صلى الله عليه وسلم :

أخبرني عن الإيمان :



الإيمان في اللغة : هو مطلق التصديق
وفي الشرع : عبارة عن تصديق خاص وهو التصديق بالله ، وملائكته وكتبه ، ورسله

وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره .

وأما الإسلام : فهو عبارة عن فعل الواجبات، وهو الانقياد إلى عمل الظاهر .
قد غاير الله تعالى بين الإيمان والإسلام كما في الحديث
قال الله تعالى :
{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤِْمُنوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا }
[الحجرات :14]
وذلك أنَّ المنافقين كانوا يصلون ويصومون ويتصدقون وبقلوبهم ينكرون، فلما ادَّعوا الإيمان كذَّبَهم الله تعالى في دعواهم الإيمان لإنكارهم بالقلوب،وصدقهم في دعوى الإسلام لتعاطيهم إياه
وقال الله تعالى:
{إِذا جاءك المنافقون قالوا نشهدُ إنكَ لَرَسُولُ اللهِ واللهُ يعلمُ إنَّك لرسولُهُ واللهُ يَشْهَدُ إنَّ المنافقينَ لكَاذبون َ}
[المنافقون :1]
أي في دعواهم الشهادة بالرسالة مع مخالفة قلوبهم لأن ألسنتهم لم تواطىء قلوبهم
وشرط الشهادة بالرسالة :
أن يواطىء اللسان القلب فلما كذبوا في دعواهم بَّين الله تعالى كذبهم ولما كان
الإيمان شرطاً في صحة الإسلام استثنى الله تعالى من المؤمنين المسلمين..


قال الله تعالى :
{ فأخرجْنا مَنْ كَانَ فيها مِنَ المؤمنينَ فما وَجَدْنَا فيها غير بَيْتٍ مِنَ المسِْلمِينَ }
[الذاريات : 35- 36]
فهذا استثناء متصل لما بين الشروط من الاتصال ولهذا سمى الله تعالى الصلاة إيماناً
قوله صلى الله عليه وسلم :
(( وتؤمن بالقدر خيره وشره ))
ومذهب أهل الحق :
إثبات القدر ، ومعناه أن الله سبحانه وتعالى قدر الأشياء في القدم ، وعلم سبحانه وتعالى أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى وفي أمكنة معلومة وهي تقع على حسب ما قدره الله سبحانه وتعالى .

واعلم أن التقادير أربعة :
(الأول)
التقدير في العلم ولهذا قيل العناية قبل الولاية والسعادة قبل الولادة واللواحق مبنية على السوابق
قال الله تعالى
{يؤفك عنه من أُفِك َ}
[الذاريات :9]
أي يصرف عن سماع القرآن وعن الإيمان به في الدنيا من صرف عنه في القدم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( لا يهلك الله إلا هالكاً ))
أي من كتب في علم الله تعالى أنه هالك .
(الثاني)
التقدير في اللوح المحفوظ ، وهذا التقدير يمكن أن يتغير قال الله تعالى :
{يمحو الله ما يشاءُ ويثبت وعنده أم الكتاب } [الرعد :39]
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان يقول في دعائه :
(( اللهم إن كنت كتبتني شقياً فامحني واكتبني سعيداً ))
(الثالث)
التقدير في الرحم وذلك أن الملك يؤمر بكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد
(الرابع )
التقدير وهو سوق المقادير إلى المواقيت ، والله تعالى خلق الخير والشر وقدر مجئيه إلى العبد في أوقات معلومة .
و الدليل على أن الله تعالى خلق الخير والشر
قوله تعالى:
{ إن المجرمين في ضلال وَسُعُرُ، يوم يُسحَبون في النار على وجوهِهمْ ذوقوا مَسَّ سَقَر إنَّا كلَّ شي خلقناهُ بقَدَر ِ}

[القمر 47-49]
قوله صلى الله عليه وسلم :
فأخبرني عن الإحسان قال :
(( الأحسان أن تعبد الله كأنك تراه ))
وهذا مقام المشاهدة لأن من قدر أن يشاهد الملك استحى أن يلتفت إلى غيره في الصلاة وأن يشغل قلبه بغيره ومقام الإحسان مقام الصديقين وقد تقدم في الحديث الأول الإشارة إلى ذلك .

قوله صلى الله عليه وسلم :
((فإنه يراك ))
غافلاً إن غفلت في الصلاة وحدثت النفس فيها .

وقوله صلى الله عليه وسلم :
فأخبرني عن الساعة فقال :
(( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ))


هذا الجواب على أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعلم متى الساعة؟

بل علم الساعة مما استأثر الله تعالى به
قال الله تعالى :
{ إن الله عنده علم الساعة }
[لقمان:34].


وقال تعالى :
{ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة }
[الإعراف:187}.
وقال تعالى :
{ وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً }
[الأحزاب:63].
قوله صلى الله عليه وسلم :
فأخبرني عن أماراتها قال :
(( أن تلد الأمة ربتها ))
ويحتمل أن يكون المعنى :
أن الشخص يستولد الجارية ولداً ويبيعها فيكبر الولد ويشتري أمه

وهذا من أشراط الساعة.
وقوله صلى الله عليه وسلم :
(( وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ))


إذ العالة هم الفقراء ، والعائل الفقير ، والعيلة الفقر ويقال فيه رعاة أن أهل البادية وأشباهم من أهل الحاجة والفاقة يترقون في البنيان والدنيا تبسط لهم حتى يتباهوا في البنيان
وقوله صلى الله عليه وسلم :
(( ردوا علىَّ الرجل ))
فأخذوا يردونه فلم يروا شيئاً فقال صلى الله عليه وسلم :
(( رودا علىَّ الرجل ))


فأخذوا يرودنه فلم يروا شيئاً فقال صلى الله عليه وسلم
(( هذا جبريل ))
وفي قوله صلى الله عليه وسلم :
(( هذا جبريل آتاكم يعلمكم أمر دينكم ))
فيه دليل على ان :
الإيمان و الإسلام و الإحسان تسمى كلها ديناً
وفي الحديث دليل على أن الإيمان بالقدر واجب وعلى ترك الخوض في الأمور وعلى وجوب الرضا بالقضاء .
دخل رجل على ابن حنبل رحمه الله فقال :عظني
فقال له :
إن كان الله تعالى قد تكفل بالرزق
فاهتمامك لماذا ؟
وإن كان الخلف على الله حقاً
فالبخل لماذا ؟
وإن كانت الجنة حقاً
فالراحة لماذا ؟
وإن كان سؤال منكر ونكير حقاً
فالأنس لماذا؟
وإن كانت الدنيا فانية
فالطمأنينة لماذا ؟
وإن كان الحساب حقاً
فالجمع لماذا ؟
وإن كان كل شيء بقضاء وقدر
فالخوف لماذا ؟
(فائدة )
ذكر صاحب (( مقامات العلماء )) أن الدنيا كلها مقسومة على خمسة وعشرين قسماً :
خمسة بالقضاء والقدروهى:
فالرزق والولد والأهل والسلطان والعمر .
وخمسة بالاجتهاد وهى:
فالجنة والنار والعفة و الفروسية والكتابة
وخمسة بالعادة وهى:
فالأكل والنوم والمشي و النكاح و التغوط
وخمسة بالجوهر وهى:
فالزهد والزكاة والبذل والجمال و الهيبة.
وخمسة بالوراثة و هى:
فالزهد والزكاة والبذل والجمال و الهيبة.
وهذا كله لا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم
(( كل شيء بقضاء وقدر ))
وإنما معناه :
أن بعض هذه الأشياء يكون مرتباً على سبب وبعضها يكون بغير سبب والجميع بقضاء الله وقدره


بنت النيل غير متواجد حالياً