عرض مشاركة واحدة
قديم 01-24-2011, 01:42 PM   #3
أبوعمر السلفى
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 583
معدل تقييم المستوى: 14
أبوعمر السلفى is on a distinguished road
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبوعمر السلفى إرسال رسالة عبر Skype إلى أبوعمر السلفى
افتراضي

سادساً:مرحلة ما بين السابعة والعاشرة:
وهي مرحلة (غاية في الأهمية،لذا لا يصح التهاون بها على الإطلاق،ففيها تبدأ مَلكاته العقلية والفكرية في التفتح بشكل جيد ، لذا فإنه يحتاج في هذه المرحلة إلى أن نصاحبه ونعامله كصديق،ومن خلال ذلك نغرس في نفسه فكرة العبودية لله تعالى بشكل عميق،فإذا أحضرنا له هدية مثلا وقال:"شكراً"،ذكرنا له أن الله تعالى أيضاً يستحق الشكر فهو المنعم الأول،فنقول له:"ما رأيك بعينيك،هل هما غاليتين عليك؟!،وهل يمكن أن تستبدلهما بكنوز الأرض؟!"،وكذلك الأذنين واللسان وبقية الجوارح...حتى يتعمق في نفسه الإحساس بقيمة هذه الجوارح ،ثم نطرح عليه السؤال "مَن الذي تكرَّم علينا وأعطانا هذه الجوارح؟ وكيف تكون حياتنا إذا لم يعطها لنا؟!" لذا فإن هذه الجوارح هي أغلى الهدايا التي منحنا الله عز وجل إياها-بعد الإيمان به-ومن الواجب أن نشكره هو وليس غيره على عطاياه )( 19)
ومن الضروري بناء قاعدة تعليمية اختيارية لدى الطفل من خلال تشجيعه على القراءة،ومكافأته بقصة أو موسوعة مبسطة أو كتاب نافع أومجلة جذابة مفيدة بدلاً من الحلوى ،ولكن قبل أن نشتري له ما يقرؤه يجب أن نتصفحه جيدا، فنبتعد مثلاً عن مجلة "ميكي" و"سوبرمان" و"الوطواط"،وأمثالها من المجلات التي تحكي قصصاً تحدث في بيئة غربية وتنقل عاداتهم وتقاليدهم الغريبة علينا... مما يؤثر بالسلب في أطفالنا،ونستبدلها مثلاً بمجلتي:"ماجد"،و"سلام وفرسان الخير" اللتان تصدران في الإمارات العربية، وكذلك مجلتي:"العربي الصغير"، و"سعد"اللتان تصدران في الكويت؛ومجلة "بلبل"التي تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم بالقاهرة... فهذه المجلات تبث القيم الدينية والأخلاقية في الطفل بشكل لطيف محبب إليه،كما تقوم بتثقيفه وتعليمه.
،ويمكن اصطـحابه إلى مكتبـة تبيع أو تقتني كتـباً نعلم أنهـا جـيدة،ثم نتركـه يخـتار بنـفسـه.
ولا بأس من أن نقص على الطفل في هذه المرحلة قصة النبي "يحي" عليه السلام ليكون قدوة له،
(فقد كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا مثيل له في النُُسُك والزهد والحب الإلهي... كان يضيء حبا لكل الكائنات، وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحاري والجبال، ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك ظالم، بشأن أمر يتصل براقصة بغي.
ويذكر العلماء فضل يحيي ويوردون لذلك أمثلة كثيرة،فقد كان يحيي معاصراً لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالة أمه)..
وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما.
فقال عيسى ليحيي: استغفر لي يا يحيي.. أنت خير مني.
قال يحيي: استغفر لي يا عيسى. أنت خير مني.
قال عيسى: بل أنت خير مني.. سلمت على نفسي وسلم الله عليك.
وتشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء.
قال قائل: موسى كليم الله.
وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته.
وقال قائل: إبراهيم خليل الله.
ومضى الصحابة يتحدثون عن الأنبياء، فتدخل الرسول عليه الصلاة والسلام حين رآهم لا يذكرون يحيي. أين الشهيد ابن الشهيد؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب. أين يحيي بن زكريا؟
وقد كان ميلاده معجزة.. فقد وهبه الله تعالى لأبيه زكريا بعد عمر طال حتى يئس الشيخ من الذرية.. وجاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبي زكريا.
وكانت طفولته غريبة عن دنيا الأطفال.. كان معظم الأطفال يمارسون اللهو، أما هو فكان جادا طوال الوقت.. كان بعض الأطفال يتسلى بتعذيب الحيوانات، وكان يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة بها، وحنانا عليها، ويبقى هو بغير طعام.. أو يأكل من أوراق الشجر أو ثمارها.
وكلما كبر يحيي في السن زاد النور في وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة وحب الله والمعرفة والسلام. وكان يحيي يحب القراءة، وكان يقرأ في العلم من طفولته.. فلما صار صبيا نادته رحمة ربه:
"يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا "
فقد صدر الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاب بقوة، بمعنى أن يدرس الكتاب بإحكام، كتاب الشريعة.. ورزقه الله الإقبال على معرفة الشريعة والقضاء بين الناس وهو صبي.. كان أعلم الناس وأشدهم حكمة في زمانه درس الشريعة دراسة كاملة، ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس، ويبين لهم أسرار الدين، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق الخطأ.
وكبر يحيي فزاد علمه، وزادت رحمته، وزاد حنانه بوالديه، والناس، والمخلوقات، والطيور، والأشجار.. حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة.. كان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب، وكان يدعو الله لهم.. ولم يكن هناك إنسان يكره يحيي أو يتمنى له الضرر. كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه وفضله.. ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك.
وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله أبكاهم من الحب والخشوع.. وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله..
وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس.. امتلأ المسجد بالناس، ووقف يحيي بن زكريا وبدأ يتحدث.. قال:" إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها، وآمركم أن تعملوا بها.. أن تعبدوا الله وحده بلا شريك.. فمن أشرك بالله وعبد غيره فهو مثل عبد اشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده.. أيكم يحب أن يكون عبده كذلك..؟ وآمركم بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده وهو يصلي، ما لم يلتفت عن صلاته.. فإذا صليتم فاخشعوا.. وآمركم بالصيام.. فان مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك جميل الرائحة، كلما سار هذا الرجل فاحت منه رائحة المسك المعطر. وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، فان مثل ذلك كمثل رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه عليه.. وأعظم الحصون ذكر الله.. ولا نجاة بغير هذا الحصن.) ( 20)
أما الفتيات فنحكي لهن-على قدر فهمهن- قصة السيدة "مريم" وكيف كانت ناسكة عابدة لله تعالى وكيف نجحت في الاختبار بالغ الصعوبة،وكيف أنقذها الله جل وعلا بقدرته .
سابعاً:مرحلة العاشرة وما بعدها:
في هذه المرحلة يظهر بوضوح على الطفل مظاهر الاستقلال، والاعتداد بالنفس ، والتشبث بالرأي،والتمرد على نصائح الوالدين وتعليماتهما- لأنهما يمثلان السلطة والقيود بالنسبة له- وهو في هذه المرحلة يود ا لتحرر مما يظن أنه قيود،فيميل أكثر إلى أصدقاءه،ويفتح لهم صدره،ويتقبل منهم ما لا يتقبله من والديه، لذا يمكننا أن نوضح له -عن طريق رواية بعض القصص التي حدثت معنا أو مع من نعرفهم - ما يفيد أن الله سبحانه هو خير صديق ، بل هو أكثر الأصدقاء حفاظاً على الأمانة،وهو خير عماد وسند،وأن صداقة الطفل معه - سبحانه -لا تتعارض مع صداقته لأقرانه.
كما ينبغي أن نوضح لأطفالنا أن الله أحياناً يبتلي الإنسان بمكروه أو مصيبة ليطهِّره ويرفع درجاته ويقربه منه أكثر،كما يضطر الطبيب إلى أن يؤلم مريضه أحياناً كي يحافظ على صحته وينقذه من خطر محقق.
والحق أن هذه المرحلة خطيرة لأنها تعيد بناء الطفل العقلي والفكري من جديد و قد تؤدي إلى عواقب وخيمة إن أسيء التعامل مع الطفل فيها ،ومما يساعد على نجاح الوالدين في الأخذ بيده إلى الصواب أن ( يبدآ معه من الطفولة المبكرة ،فعندئذٍ لن يجدا عناء كبيرا في هذه الفترة،لأنهما قاما بوضع الأساس الصحيح ،ثم أكملا إرواء النبتة حتى تستوي على سوقها...وهما الآن يضيفان إلى جهديهما السابق جهدا آخر،وسوف تؤتي الجهود ثمارها إن شاء الله)( 21)
ويمكننا أن نعرِّفهم بأسماء الله الحسنى ونشرح لهم معانيها،فالله رحمن، رحيم ، ودود ،عفو ،غفور، رءوف ، سلام، حنَّان، منَّان، كريم، رزاق ، لطيف ،عالم، عليم، حكم، عدل، مقسط ، حق ،تواب، مالك الملك، نور، رشيد، صبور...ولكنه أيضاً قوي ، متين،مهيمن، جبار، منتقم، ذو بطش شديد، معز مذل، وقابض باسط،وقهار ،ومانع،و خافض رافع،ونافع ضار،ومميت.
فلا يكفي أن نشرح لهم أسماء الجمال التي تبعث الود والألفة في نفوسهم نحو خالقهم، ، بل يجب أيضا ذكر أسماء الجلال التي تشعرهم بأن الله تعالى قادر على حمايتهم وقت الحاجة،فهو ملجأهم وملاذهم ،لأنه حفيظ قوي قادر مقتدر .
ومما يجدي أيضاً مع أطفالنا في هذه المرحلة : الحوار الهادىء الهادف،وليس( الحوار السلطوي الذي يعني:"إسمع واستجِب"،ولا الحوار السطحي الذي يتجاهل الأمورالجوهرية ،أو حوار الطريق المسدود الذي يقول لسان حاله:"لا داعي للحوار فلن نتفق"،أوالحوار التسفيهي الذي يُصِرُّ فيه الأب على ألا يرى شيئاً غير رأيه،بل ويسفِّه ويلغي الرأي الآخر،أو حوار البرج العاجي الذي يجعل المناقشة تدور حول قضايا فلسفية بعيداً عن واقع الحياة اليومي ،...وإنما الحوار الصحي الإيجابي الموضوعي الذي يرى الحسنات والسلبيات في ذات الوقت، ويرى العقبات،وأيضا إمكانات التغلب عليها. وهو حوار متفائل - في غير مبالغة ساذجة- وهو حوار صادق عميق وواضح الكلمات ومدلولاتها وهو الحوار المتكافئ الذي يعطى لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي، ويحترم الرأي الآخر ويعرف حتمية الخلاف في الرأي بين البشر، وآداب الخلاف وتقبله . وهو حوار واقعي يتصل إيجابيا بالحياة اليومية الواقعية واتصاله هذا ليس اتصال قبول ورضوخ للأمر الواقع، بل اتصال تفهم وتغيير وإصلاح؛ وهو حوار موافقة حين تكون الموافقة هي الصواب ومخالفة حين تكون المخالفة هي الصواب، فالهدف النهائي له هو إثبات الحقيقة حيث هي، لا حيث نراها بأهوائنا وهو فوق كل هذا حوار تسوده المحبة والمسئولية والرعاية وإنكار الذات ( 22)
(ولنأخذ مثلاً للحوار الإيجابي من التاريخ الإسلامي، وقد حدث هذا الحوار في غزوة بدر حين تجمع المسلمون للقاء الكفار وكانت آبار المياه أمامهم وهنا نهض الحبَّاب بن المنذر رضى الله عنه وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهو منزِل أنزلَكَهُ الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فأجاب الرسول الكريم :" بل هو الرأي والحرب والمكيدة ". فقال الحباب : يا رسول الله ما هذا بمنزل، وأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوقوف حيث تكون آبار المياه خلف المسلمين فلا يستطيع المشركون الوصول إليها، وبالفعل، أخذ الرسول بهذا الرأي الصائب فكان ذلك أحد عوامل النصر في تلك المعركة .
وإذا حاولنا تحليل هذا الموقف نجد أن الحبَّاب بن المنذر كان مسلماً إيجابياً على الرغم من أنه أحد عامة المسلمين وكان أمامه من الأعذار لكي يسكت أو يعطل تفكيره فهو جندي تحت لواء رسول الله الذي يتلقى الوحي من السماء وهناك كبار الصحابة أصحاب الرأي والمشورة ولكن كل هذه الأسباب لم تمنعه من إعمال فكره، ولم تمنعه من الجهر برأيه الصائب، ولكنه مع ذلك التزم الأدب الرفيع في الجهر بهذا الرأي فتساءل أولاً إن كان هذا الموقف وحي من عند الله أم أنه اجتهاد بشري ، فلما عرف أنه اجتهاد بشري وجد ذلك مجالاً لطرح رؤيته الصائبة ولم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم غضاضة في الأخذ برأي واحد من عامة المسلمين. وهذا الموقف يعطينا انطباعا هاما عن الجو العام السائد في الجماعة المسلمة آنذاك، ذلك الجو المليء بالثقة والمحبة والإيجابية وإبداء النصيحة وتقبُّل النصيحة .
وإذا كانت النظم الديمقراطية الحديثة تسمح للمواطن أن يقول رأيه إذا أراد ذلك، فإن الإسلام يرتقى فوق ذلك حيث أنه يوجب على الإنسان أن يقول رأيه حتى ولو كان جنديا من عامة الناس تحت لواء رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ، وهو أعلى المستويات من حرية الرأي ( 23)
ومن خلال الحوار الهادىء معهم يمكن أن نوضح أن التائب حبيب الرحمن،وأن الكائنات تستأذن الله تعالى كل يوم لتُهلك ابن آدم الذي يأكل من خير الله تعالى،ثم لا يشكره، بل ويعبد غيره!!ولكنه سبحانه يظل يقول لهم:"ذروهم إنهم عبادي،لو خلقتموهم لرحمتموهم"، وهو الذي قال في حديث قدسي أن البشرإ ن لم يخطئوا لذهب الله بهم وأتى بخلق آخرين، يذنبون فيغفر لهم؛ وهو الذي يهرول نحو عبده الذي يمشي نحوه، وهوالذي يتجاوز عن العبد ويستره، ويحفظه، ويرزقه، مع إصراره على المعصية، ويظل يمهله حتى يتوب ، وهو الذي كتب على نفسه الرحمة،وهو الذي سمى نفسه "أرحم الراحمين"، و"خير الغافرين"، وخير الرازقين"،وخير الناصرين" وهو الذي قال في كتابه الكريم:"إن اللهَ يغفرُ الذنوبَ جميعا"!!!
ويمكن في هذه المرحلة أن نحكي لهم كيف نصر الله أولياءه من الأنبياء والصالحين ( 24 ) ونخبرهم عن نماذج من الصحابة والصالحين الذين أحبوا الله تعالى فأحبهم وتولى أمرهم ،وذلك برواية قصصهم التي نجد أمثلة لها في كتب السيرة المعروفة،وأيضا في النصف الأخير من محاضرة "حب العبد لله" للداعية الإسلامي"عمرو خالد"( 25)
كما يمكن أن نستمع معهم إلى محاضرتي:"محبة الله أصل الدين" للشيخ راتب النابلسي( 26)، و"محبة الله" للأستاذ عمرو خالد( 27)
وينبغي أن نراعي حالته النفسية والإيمانية عند الحديث بهذا الشأن،فإذا رأيناه يحتاج إلى أمل في رحمة الله، رغَّبناه، وإذا رأيناه يحتاج إلى من يوقفه عند حده،خوَّفناه من عقاب الله.
أبوعمر السلفى غير متواجد حالياً