عرض مشاركة واحدة
قديم 05-12-2011, 01:21 PM   #4
أبو عبد الرحمن عبد الباقي
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 10
معدل تقييم المستوى: 0
أبو عبد الرحمن عبد الباقي is on a distinguished road
Lightbulb رد: من القواعد الأصولية اللغوية

ثانيًا : العـــام .
تعريف العام :
معناه في اللغة : الشامل ، فتقول : عمَّ المطر ، أي شمل كافة الأنحاء ، وعمَّ الأمير بالعطاء : شمل بالعطاء كل الناس ، وهكذا .
وفي الاصطلاح : لفظ يدل على شموله واستغراقه جميع أفراده بدون حصر.
الألفاظ الدالة على العموم :
1- الجمع المعرف (بأل) مثل : المشركون ، الولدات ، الرجال ، فإن الجمع المعرف يدل على استغراق وشمول اللفظ لجميع أفراده .أما الجمع المنكر فإنه لا يفيد العموم ، وإنما تحمل على أقل الجمع مثل (مسلمين ، رجال)
2- الجمع المعرف بالإضافة : مثل (حرمت عليكم أمهاتكم) وقوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة) وقال تعالى ( يوصيكم الله في أولادكم) ولا فرق في كون الجمع مذكر سالم أو مؤنث أو تكسير.
3- المفرد المعرف بأل (أل الجنسية) أو الإضافة .
مثل قوله تعالى (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) وقوله تعالى (الزانية والزاني فاجلدوا..)
فلفظ (السارق ، والزاني) يشمل كل سارق وزان لأنه معرف بأل الجنسية .
المفرد المعرف بالإضافة : مثل : قوله تعالى (إن تعدو نعمة الله لا تحصوها) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)
تنبيه :
بالنسبة للمعرف بأل سواء كان جمعا أو مفردا يُشترط كون (أل) للجنس حتى يصح استغراقها وشمولها لجميع الأفراد ، أما إذا كانت تدل على العهد فلا يكون اللفظ حينئذ يدل على العموم.
وللتمييز بين أل العهدية وأل الجنسية ، أن أل الجنسية يحل محلها (كل) والمعنى يستقيم .
مثل : الكافر في النار ، فيمكن أن تقول : كل كافر في النار ، قوله تعالى (السارق والسارقة فاقطعوا..) فتقول : كل سارق وسارقة فاقطعوا...
وقوله تعالى (خُلق الإنسان ضعيف) فتقول : خلق كل إنسان ضعيف.
أما قولك : الطالب متفوق ، فليست (أل) للجنس ، فلو قلتَ : كل طالب متفوق ، كان غير صحيح ، لأن الطلاب منهم متفوق ومنهم ليس متفوق.
وقول : الرجل مؤمن ، فليست (أل) هنا للجنس ، فلو قلت : كل رجل مؤمن ، ما كان صحيحا لأن من الرجال ما ليس بمؤمن وهكذا.
4- الأسماء الموصولة تدل على العموم ( الذي ، التي ، الذين ، اللذان ، اللتان ، اللائي ، اللاتي)
5- أسماء الاستفهام : ما ، من ، كيف ، أين ... ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا)
6- أسماء الشرط : مثل : من ما مهما أين متى أينما حينما ، إذا لو ، كلما ... (وما تفعلوا من خير يوف إليكم)
7- النكرة الواردة في سياق النفي أو النهي كقوله تعالى (لا ظلم اليوم) (لا تصل على أحد منهم مات أبدا ) وقوله صلى الله عليه وسلم (لا يقتل والد بولده) وقوله (لا وصية لوارث) (لا ضرر ولا ضرار)
أما النكرة في حال الإثبات فإنها لا تدل على العموم كقوله تعالى (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة)
وقد تدل على العموم بقرينة كقوله تعالى ( لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون) فكلمة (فاكهة) تدل على العموم بقرينة الامتنان.
8- لفظ (كل ، وجميع ، وكافة ) يدل على العموم ، (كل امريء بما كسب رهين)

*****

تخصيص العام

ويُقصد به : قصر العام على بعض أفراده بدلي ، وهذا الدليل يسمى المخصص.

وهو نوعان : مخصص مستقل ، ومخصص غير مستقل . وبيانهما على النحو التالي :

أولا : المخصص المستقل : وهو نوعان :
الأول : الكلام المستقل المتصل باللفظ العام في نفس النص ولا يتراخى عنه في النزول ومخصصًا له.
مثل : قوله تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا) فقوله (وأحل الله البيع) لفظ عام في كل بيع ، ثم كان الجزء الثاني (وحرم الربا) خصص اللفظ العام الأول باستثناء نوع من هذا البيع بالتحريم وهو (الربا)
ومثله قوله تعالى (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) فالجملة الأولى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) لفظ عام فكان على كل من شهد الشهر فليصمه مريضا أو صحيحا مقيما أو مسافرا.
ثم كانت الجملة الثانية (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) استثنت طائفة من هذا الحكم العام وهم المرضى والمسافرون.

النوع الثاني : المخصص المستقل المنفصل :
ويقصد به : الكلام التام بنفسه ، وغير متصل بالنص الوارد فيه اللفظ العام.
مثال : قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) فلفظ (المطلقات) عام يشمل كل مطلقة مدخول بها أو غير مدخول بها فالجميع يجب عليه العدة ثلاثة قروء.
ولكن هذا العموم تم تخصيصه وجعله قاصرًا على المدخول بها فقط ، وهذا بقوله تعالى (إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) فهذا النص كلام تام قائم بنفسه ، وغير متصل بالنص الوارد فيه اللفظ العام ، إذ اللفظ العام في سورة وما خصصه في سورة أخرى.
وقوله تعالى : (حرمت عليكم الميتة) عام في كل ميتةٍ ، ولكن خُصَّ بغير ميتة البحر ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)

ثانيا : مخصص غير مستقل :
ويقصد بذلك : أن يكون جزءاً من عبارة النص التي اشتملت على اللفظ العام ، مع العلم بأنه لا يشكل كلاما تاما مستقلا بنفسه .

وهو أنواع :

1- الاستثناء : باستخدام أدوات الاستثناء مثل (إلا وغير وما عدا وما خلا ، وما حاشا)
كقوله تعالى : (مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ) وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) وقوله : (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ)
وقول عائشة رضي الله عنه في زينب بنت جحش (فقَالَتْ عَائِشَةُ : وَهِىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى مِنْهُنَّ فِى الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِى الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ وَأَتْقَى لِلَّهِ وَأَصْدَقَ حَدِيثًا وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ وَأَعْظَمَ صَدَقَةً وَأَشَدَّ ابْتِذَالاً لِنَفْسِهَا فِى الْعَمَلِ الَّذِى تَصَدَّقُ بِهِ وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حَدٍّ كَانَتْ فِيهَا تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ)
عن البراء قال : (كان ركوع النبي صلى الله عليه و سلم وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع من الركوع ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء)
عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال النبي صلى الله عليه و سلم ( أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لَبِيدٍ : ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم )
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (أسامة أحب الناس إلى ما حاشا فاطمة ولا غيرها)

2- الصفة : والمقصود الصفة المعنوية لا مجرد النعت المذكور في كتب النحو.
مثل قوله تعالى : (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) فلفظ (فتيات) عام يشمل مؤمنة أو غير مؤمنة ، فقوله (الْمُؤْمِنَاتِ) خصها بصفة الإيمان.
وقوله تعالى (وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ) لفظ (ربائبكم) عام يشمل المدخول بأمها وغير المدخول بها ، فخصه الله جل وعلا بوصف الأم بأنها مدخول بها (دخلتم بهن)

3- الشرط : وهو ما يلزم وجود المشروط وجوده ، ولا يلزم بوجوده وجود المشروط.
مثال : (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ)

4- الغاية : وهي نهاية الشيء المقتضية لثبوت الحكم لما قبلها وانتفائه عما بعدها ، وألفاظها (إلى حتى)
مثل قول : أنفق على طلاب الجامعة إلى أن يتخرجوا. وقوله تعال (وأيديكم إلى المرافق)
بيان بعض ما يتناوله العموم لا يكون تخصيصا لأنه لا ينافيه.
مثال : قال تعالى : (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) وقوله تعالى أيضا (يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَا)
وقوله صلى الله عليه وسلم « الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ »
فالآيتان السابقتان قد نصتا على تحريم الربا في كل شيء ، والحديث نص أيضا على تحريم الربا في كل ما يطعم دون تفرقة.
فهل حديث : «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ»
فهل هذا الحديث يكون مخصصا للآيتين السابقتين والحديث الذي بعدهما؟ بمعنى أن الربا لا يكون إلا في هذه الأصناف الست وحسب.
الصحيح أن هذا ليس تخصيصا لعموم الآيتين والحديث ، لأن هذا الحديث (الذهب بالذهب...) كل ما فيه أنه عدد بعض أفراد العام فقط ، ولم ينفِ كون الربا داخل في غير ما جاء فيه ، فبان أن ما ذُكر في هذا الحديث من باب ضرب المثال للبيان والتوضيح.
وهذا مثل قولنا : نجح جميع طلاب الفصل ، ثم ذكرنا بعض أسماء الطلاب فقلنا : علي ، ومحمد ، وإبراهيم ، وخالد ، ومصطفى . وسكتنا ، فذكر هؤلاء بعد العموم الأول لا ينفي أن الآخرين قد نجحوا.
الإنسان لفظ عام ، فلو قلنا : علي ، وعمر ، وفاطمة وزينب إنسان ، فهذا لا يعني أن غيرهم ليس بإنسان ، لأن عدَّ بعض أفراد العام لا يكون تخصيصا لأنه لا ينافيه.
دلالة اللفظ العام قطعية ، أم ظنية ؟
والمقصود بالقطعية : انتفاء احتمال التخصيص الناشئ عن دليل ، لا نفي التخصيص مطلقا ، فإذا لم يقم دليل على التخصيص ، فإن دلالته تكون على العموم ، وتبقى قطعية عند الأحناف.
وأما الجمهور فقال : بأن دلالة العام على شمول جميع أفراده دلالة ظنية لا قطعية قبل التخصيص وبعده.
وثمرة هذا الخلاف : على قول الجمهور : يصح تخصيص عام القرآن بخاص خبر الآحاد.
- وكذلك عند تعارض العام مع الخاص فعند الجمهور يقدم الخاص ؛ لن دلالته قطعية ، بخلاف العام فدلالته ظنية.
فقوله صلى الله عليه وسلم « فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ »( )
فهذا اللفظ عام يوجب إخراج الزكاة من كثير المحصول وقليله دون فرق.
إلا أنه قد جاء قوله صلى الله عليه وسلم (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ)( )
ولفظ هذا الحديث يخصص ، عموم الحديث السابق ، بأن الزكاة لا تخرج فيما دون خمسة أوسق ، بمعنى من كان ناتج محصوله أقل من خمسة أوسق فلا زكاة عليه ، ومن كان محصوله أكثر من خمسة أوسق تجب عليه الزكاة.
وهذا هو قول الجمهور لأن الحديث الثاني خاص ودلالته قطعية والحديث الأول عام ودلالته ظنية.
أما عند الأحناف : فقد أخذوا بالحديث الأول لأنه عام قطعي عندهم والثاني خاص قطعي أيضا ، إلا أن الأول أحوط وأولى للفقراء.

أنواع العام : ثلاثة أنواع :

الأول : عام دلالته على العموم قطعية ، بأن يقوم الدليل على انتفاء إرادة التخصيص ، مثل قوله تعالى (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) وقوله تعالى (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)

الثاني : لفظ عام يراد به الخصوص قطعا ، لقيام الدليل على أن المراد بهذا العام بعض أفراده لا كلهم مثل قوله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وقوله (وأقيموا الصلاة)
فقوله (الناس) ، وضمير الجمع في (أقيموا) يدل على العموم ، ولكن العقل يدل على أن المقصود بعض المكلفين لا كلهم فيخرج الصغير والمجنون.
والذي دلَّ العقل على هذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَعْقِلَ)

الثالث : وهو اللفظ العام : وهو لفظ عام مطلق لم تصحبه قرينة تنفي احتمال تخصيصه أو تنفي احتمال دلالته على العموم ، وعلى هذا أكثر النصوص.
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
بمعنى أن الحكم يبقى على عمومه ، وإن كان قد ورد بسبب خاص ، كسؤال أو واقعة عين ، فالعبرة بالنصوص وما اشتملت عليه من أحكام ، وليست العبرة بالأسباب التي دعت إلى مجيء هذه النصوص.
مثل قصة الظهار وسبب نزولها ، وسؤال الرجل عن ماء البحر ، ونزول آيات الميراث لما سألت امرأة سعد بن الربيع عن ميراث بناتها.

يتبع إن شاء الله .............
أبو عبد الرحمن عبد الباقي غير متواجد حالياً