عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-2011, 01:48 PM   #6
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

أمر السلطان، هل يكون إكراهاً؟


اُختلِف في أمر السلطان، هل ينزل منزلة الإكراه؟ على وجهين أو قولين:




أحدهما: لا، وإنما الإكراه بالتهديد صريحاً كغير السلطان.


والثاني: نعم؛ لعلتين:


إحداهما: أن الغالب من حاله السطوة عند المخالفة.


والثاني: أن طاعته واجبة في الجملة فينتهض ذلك شبهة.


قال الرافعي -رحمه الله-:


ومقتضى ما ذكره الجمهور صريحاً ودلالة: أنه لا ينزل منزلة الإكراه. قال: ومثل السلطان في إجراء الخلاف: الزعيم والمتغلب؛ لأن المدار على خوف المحذور من مخالفته.12


كلام المكره لغو:





قال ابن القيم رحمه الله:


كلام المكره كله لغو لا عبرة به، وقد دل القرآن على أن من أكره على التكلم بكلمة الكفر لا يكفر، ومن أكره على الإسلام لا يصير به مسلماً،


ودلت السنة على أن الله سبحانه تجاوز عن المكره فلم يؤاخذه بما أكره عليه، وهذا يراد به كلامه قطعاً، وأما أفعاله ففيها تفصيل،


فما أبيح منها بالإكراه فهو متجاوز عنه كالأكل في نهار رمضان والعمل في الصلاة ولبس المخيط في الإحرام ونحو ذلك،


وما لا يباح بالإكراه فهو مؤاخذ به كقتل المعصوم وإتلاف ماله وما اختلف فيه كشرب الخمر والزنا والسرقة، هل يحد به أو لا؟




فالاختلاف هل يباح ذلك بالإكراه أو لا؟


فمن لم يبحه حده به، ومن أباحه بالإكراه لم يحده، وفيه قولان للعلماء، وهما روايتان عن الإمام أحمد.




الفرق بين الأقوال والأفعال المكره عليها:




الفرق بين الأقوال والأفعال في الإكراه: أن الأفعال إذا وقعت لم ترتفع مفسدتها بل مفسدتها معها،



بخلاف الأقوال فإنها يمكن إلغاؤها وجعلها بمنزلة أقوال النائم والمجنون، فمفسدة الفعل الذي لا يباح بالإكراه ثابتة بخلاف مفسدة القول فإنها إنما تثبت إذا كان قائله عالماً به مختاراً له،



وقد روى وكيع عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن خيثمة بن عبد الرحمن قال: قالت امرأة لزوجها: سمني فسماها الظبية فقال: ما قلت شيئا قال: فهات ما أسميك به قالت: سمني خلية طالقاً قال: أنت خلية طالق، فأتت عمر بن الخطاب،



فقالت: إن زوجي طلقني، فجاء زوجها فقص عليه القصة فأوجع عمر رأسها، وقال لزوجها: خذ بيدها وأوجع رأسها.



فهذا الحكم من أمير المؤمنين بعدم الوقوع لما لم يقصد الزوج اللفظ الذي يقع به الطلاق بل قصد لفظاً لا يريد به الطلاق،

فهو كما لو قال لأمته أو غلامه: إنها حرة وأراد أنها ليست بفاجرة، أو قال لامرأته: أنت مسرحة أو سرحتك ومراده تسريح الشعر، ونحو ذلك،

فهذا لا يقع عتقه ولا طلاقه بينه وبين الله تعالى وإن قامت قرينة أو تصادقا في الحكم لم يقع به.13




هذه بعض الأحكام المتعلقة بالإكراه وأثره على بعض الأحكام الشرعية، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، والحمد لله رب العالمين.




1 لسان العرب- لابن منظور الأفريقي المصري: دار صادر – بيروت، ط1، مادة كره: (13/534).

2 التعريفات: علي بن محمد بن علي الجرجاني: دار الكتاب العربي – بيروت- ط1، 1405هـ: (1/50).

3 القواعد الفقهية: ص 188.

4 المبسوط- لأبي بكر محمد بن أبي سهل السرخسي (7/269).

5 المصدر نفسه: (7/269).

6 رواه الحاكم في المستدرك (3362)، قال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم.

7 شرح زاد المستقنع - الشيخ الشنقيطي، نقلاً عن الشبكة الإسلامية.

8 رواه ابن ماجه في السنن (2045)، وابن حبان في صحيحه (7219)، وهو حديث صحيح.

9 شرح زاد المستقنع - الشيخ الشنقيطي، نقلاً عن الشبكة الإسلامية.

10 المصدر السابق.

11 جامع العلوم والحكم: لابن رجب الحنبلي: دار المعرفة – بيروت:ط1، 1408هـ (1/377).

12 الأشباه والنظائرللسيوطي (1/368).

13 زاد المعاد، لابن القيم (5/182).


موقع الامام
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً