08-29-2011, 03:45 PM | #1 |
المدير العام للموقع تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10 |
يا شهر رمضان ترفق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا نودع ضيفاً كريماً، عزيزاً على نفوسنا، غالياً على قلوبنا؛ نودعه بنفس ما استقبلناه، بل نزيد على ذلك أننا نودعه وعيوننا تذرف دمعاً على فراقه، وقلوبنا تتقطع ألماً على انصرافه، ونفوسنا تعتذر عن تقصيرها في حقه. أيها الضيف: لقد عاش المسلمون لياليك فكانت أحلى وأطيب الليالي، وظمئوا نهارك فكان أفضل وأسعد أوقات حياتهم، قضوا ساعاتك في قراءة للقرآن، وتحميد وتهليل، وصدقة وبذل وعطاء وتفقد للأرامل والمساكين، وزيادة في نوافل الطاعات. ولكن ترى هل قبل ربنا عذرنا وتقصيرنا في حق هذا الضيف؟ نحن نرجو من الله ذلك، وإلا فإن لم يقبل عذرنا في تقصيرنا في هذا الشهر المبارك فلنعزي أنفسنا، ولنبك على خطيئاتنا، ولنتدارك ما بقي من أعمارنا؛ وهذا ما فهمه السلف الصالح، وعبر عنه علي-رضي الله عنه- أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه، ومن هذا المحروم فنعزيه!. ليت شعري من فيه يقبـل منا فيهنا يا خيبة المردود من تولى عنه بغـير قبول أرغم أنفه بخزي شديد فمن كان منَّا قد أحسن فيه فعليه التمام، ومن فرط فليختمه بالحسنى، والعمل بالختام. فاغتنم- أخي في الله– منه ما بقي من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعه عملاً صالحاً يشهد لك به عند الملك العلام، وودعه عند فراقه بأزكى تحية وسلام. سلام من الرحمن كـل أوان على خير شهر قد مضى وزمان ســلام علـى الصيـام فإنه أمان من الرحمن كـل أمان لئن فنيت أيامك الغـر بغتة فما الحزن من قلبي علـيك بفان ما ضاع من أيامنا هل يعزم هيهات والأزمان كيف تقوم يوم بأرواح تباع وتشترى وأخوه ليس يسام فيه درهم دهاك الفراق فـما تصنع أتصـبر للبين أم تجزع إذا كنت تبكي وهم جيرة فكيف تكون إذا ودعوا تذكرت أيـاما مضـت ولياليا خلت فجرت من ذكـرهن دمـوع ألا هل لهـا يوما مـن الدهـر عودة وهل لي إلى يوم الوصال رجوع؟ وهل بعـد إعـراض الحبيـب تواصل وهل لبدور قد أفلـن طلوع؟ كم نصح المسكين فما قبل النصح؟ كم دعي إلى المصالحة فما أجاب إلى الصلح؟ كم شاهد الواصلين فيه وهو متباعد؟ كم مرت به زمر السائرين وهو قاعد؟؛ حتى إذا ضاق به الوقت، وخاف المقت؛ ندم على التفريط حين لا ينفع الندم، وطلب الاستدراك في وقت العدم. أتترك من تحب وأنت جار وتطلبهم وقـد بعد الـمزار وتبكي بعد نأيهم اشتـياقاً وتسأل في المنازل أين ساروا تركت سؤالهم وهم حضور وترجـو أن تخـبرك الديـار فنفسك لم ولا تلم المطـايا ومت كمدا فليس لك اعتذار دموع المحبين تدفق، قلوبهم من ألم الفراق تشقق، عسى وقفة للوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو من الصيام كلما تخرق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجب النار يعتق. عسى وعسى من قبل وقت التفرّق إلى كل ما ترجو من الخير تلتقي فيجبـر مكسـور ويقبـل تائب ويعتق خطاء ويسعد من شقي1. فلنجتهد في فعلِ الطاعاتِ، واجتناب الخطايَا والسيئاتِ، لنفوز بالحياةِ الطيبةِ في الدنيا والأجْرَ الكثير بعد المَمَات؛ قال الله -عزَّ وجلَّ-: {مَنْ عَمِلَ صَـلِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}2. نسأل الله أن يكون شهر رمضان شاهداً لنا يوم القيامة عند الله تعالى. اللهم أعد علينا رمضان أعواماً عديدة، وأزمنة مديدة، ونحن في مزيد من الصحة والعافية، والأمن والإيمان. والحمد لله ربَّ العالمينَ، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمعين.. 1 لطائف المعارف، لابن رجب الحنبلي، صـ(232). بتصرف. 2 سورة النحل(97) موقع الامام |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مظاهر النشاط اليومي في رمضان :استغل شهر رمضان بالعمل والطاعات | المشتاقة للجنة | قسم شهر رمضان المعظم | 0 | 07-15-2012 06:45 AM |