تسجيل الدخول


العودة   منتديات الكعبة الإسلامية > القسم الشرعى > قسم شهر رمضان المعظم

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-02-2011, 08:13 AM   #1
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي حال الأمة مع القرآن في رمضان

حال الأمة مع القرآن في رمضان


الخطبة الأولى:


الحمد لله الداعي إلى بابه، الموفق من شاء لصوابه، أنعم بإنزال كتابه، يشتمل على مُحْكَم ومتشابه،
فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه، وأما الراسخون في العلم فيقولون آمنا به، أحمده على الهدى وتيسير أسبابه، والصلاة والسلام على أكمل الناس عملاً وأعدلهم فعلاً في ذهابه وإيابه
1، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:



فإن الله -عز وجل- يقول:


{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}(29-30) سورة فاطر.

معشر المسلمين، هذا {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}(185) سورة البقرة،

قد أقبل يرفل في ثوب الرحمات، ويحمل إليكم أكاليل المكرمات، ويفتح لكم أبواب الدعوات، نزلت فيه محكم الآيات، في أوضح الدلالات، وأجلى البينات.



أتاكم زائراً والكرامة منه، وحل فيكم ضيفاً والضيافة عنده، يستضيفكم بالقرآن، ويكرمكم بالصيام, ويحفكم برحمة الله، اختصكم الله به، وكلفكم أداء كل بحسبه، والكريم لا يرد الكرامة، ويقابلها بحسن الإقامة.

أيها المسلمون، إن الله -سبحانه وتعالى- أنزل القرآن في هذا الشهر المبارك، في ليلة من لياليه ألا وهي ليلة القدر، وقد ذكر جلا وعلا ذلك في محكم كتابه فقال: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}(3) سورة الدخان،

وهي ليلة القدر، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر:1) وكان ذلك في شهر رمضان، كما قال: تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}(البقرة:185). يمدح شهرَ الصيام من بين سائر الشهور، بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم فيه، وكما اختصه بذلك، قد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء
2.


فعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ -عليه السلام- فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ)3.


أما القرآن فإنه نزل جملة واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا، وكان ذلك في شهر رمضان، في ليلة القدر منه، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر:1). وقال: {إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}(الدخان:3)، ثم نزل بعدُ مفرّقًا بحسب الوقائع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-4.


أيها المسلمون: يقول لكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ؛ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ)5،

وهذه هي المزية العظمى، والفضيلة الكبرى لقارئ القرآن في الدنيا والآخرة، وقد قيل: من أكثر من شيء عرف به، نعم، ومن أكثر من قراءة القرآن عرف به، وكفى بها مكانة وعظمة.



عباد الله: إنه في ظل هذا الشهر الكريم، وفي مثل هذه الأيام التي ينبغي علينا أن نحيا بالقرآن، وأن نعيش على القرآن، وأن نقوم بالقرآن، وأن نملأ قلوبنا وأوقاتنا بكلام رب العزة، في كل يوم وفي كل شهر، وهذا الشهر من باب الخصوص،

ينبغي علينا أن نجعل القرآن الكريم دستوراً لنا، وحياة لنا، ومنهجاً نقتفيه، ويكون لنا طابعاً مستمراً، ونحيا به قلباً وقالباً، فهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.



كما ينبغي على كل مسلم أن يكون القرآن له شعاراً، وراية يرفعها عالية، ولواء يعرف به، فمن أكثر من شيء عرف به، وما أجمل أن يعرف العبد بقارئ القرآن، وتكون عادته ومهنته تلاوته وترتيله آناء الليل وأطراف النهار، سيَّما في هذا الشهر المبارك.


عباد الله: إنه من يقرأ القرآن له بكل حرف حسنة، وعدٌ مصدَّقٌ من النبي -صلى الله عليه وسلم- كما جاء عن عَبْد اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ: أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ)6، حقيقة إنه لأجر عظيم، والمغبون من فرَّط فيه، والخاسر من فاته الربح حين لا يمكن تلافيه.


أيها المسلم الكريم: يا من صمت نهارك، وأتعبت حالك، كيف حالك مع كتاب الله في شهر القرآن، هل أنت ممن يتلونه في ليل الشهر ونهاره؟ هل أنت ممن جعل وقته عامراً بتلاوته؟ أم أنت من الغافلين المعرضين؟. {لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}(سورة آل عمران: 113).


أيها المسلم: إن الله -سبحانه وتعالى- قد احتار لنزول كتابه هذا الشهر المبارك، من بين الشهور، وكأن سر اختياره أن يكون اختيارك لقراءة القرآن ومعظم وقتك له هو هذا الشهر المبارك، فلا تفوتك هذه الفرصة الغالية التي اختارها الله أحكم الحاكمين، ولا تكن جهولاً في طبعك، جهولاً في عبادتك، جهولاً في إقبالك على الله، لا تدري بوقت الإجابة، ولا ترجو ساعات الإنابة.


تأسَّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في إقامة شهر القرآن كيفيةً، وجملةً وتفصيلاً، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(سورة الأحزاب:21)، وهو -صلى الله وسلم عليه- كان يتدارس القرآن طيلة شهر رمضان، وكان جبريل -عليه السلام- ينزل عليه في كل رمضان فيدارسه القرآن،

وفي العام الذي توفي فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- دارسه جبريل -عليه السلام- مرتين، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ)
7.


أقبل بقلبك واحمل روح مدَّكرِ
وابعث حياتك بالآيات والعبرِ

واجعل فؤادك بالقرآن في لهَفٍ

ورتلَنْه تفز بالأجر والظفرِ


اجعل جليسك كتاب الله، وأنيسك آيات الله، وإذا أظلمت مشارق الأرض عليك بالهموم، وغربت آفاقك بالغموم كن مستنيراً بذكر الله، مستضيئاً بآيات الله، {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}( سورة الرعد: 28).

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وارزقنا علماً ينفعنا، واهدنا..


مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قراءة القرآن للمرأة الحائض في رمضان وهل يجوز لها أن تستعمل قراءة القرآن عبر الجوال عبد الحكيم.. قسم فتاوى العلماء 0 05-15-2013 06:10 AM
رمضان ...وبناء الأمة ISLAM قسم شهر رمضان المعظم 3 04-29-2012 01:18 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة للمسلمين بشرط الإشارة لشبكة الكعبة الإسلامية
جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة الكعبة الإسلامية © 2018