تسجيل الدخول


العودة   منتديات الكعبة الإسلامية > القسم الشرعى > منتدى الفقه وأصوله

منتدى الفقه وأصوله الفقه و أصوله - الدراسات الفقهية - أحكام فقهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-05-2011, 12:33 PM   #1
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي < مسائل متعلقة بالأذان و المؤذن >

< مسائل متعلقة بالأذان و المؤذن >


الضابط بين الأذان والإقامة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


فإن الله عز وجل قد أكمل الدين بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلم يدع خيرا إلا دلنا عليه، ولم يترك شرا إلا حذرنا منه، وأمرنا عليه السلام باتباع سنته والعمل بها: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)1،
وعند الرجوع إلى سنته صلى الله عليه وسلم في الأذان والإقامة نرى أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان لم يذكر وقتا محددا في الانتظار بين الأذان والإقامة إلا أن فقهاء الإسلام بعد نظرهم في سنته صلى الله عليه وسلم اتفقوا من حيث الجملة على استحباب الفصل بين الأذان والإقامة بقدر الوضوء، وصلاة ركعتين، بحيث يتسنى للناس الاستعداد لحضور صلاة الجماعة وذلك في الصلوات الخمس؛ ما عدا المغرب فقد اختلفوا فيه في مشروعية صلاة الركعتين بين الأذان والإقامة فيه، وذلك راجع لاختلافهم في وقت المغرب هل هو من قبيل الوقت المضيق أو الموسع، وليس المقام هنا مقام تفصيل هذا الخلاف


ومما يدل على مشروعية الفصل بين الأذان والإقامة ما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال:
((اجعل بين أذانك وإقامتك نفساً؛ قدر ما يقضي المعتصر (من يريد قضاء الحاجة) حاجته في مهل، وقدر ما يفرغ الآكل من طعامه في مهل))2،



يقول الإمام الشوكاني رحمه الله: "والحديث يدل على مشروعية الفصل بين الآذان والإقامة، وكراهة الموالاة بينهما لما في ذلك من تفويت صلاة الجماعة على كثير من المريدين لها؛ لأن من كان على طعامه، أو غير متوضئ حال النداء؛ إذا استمر على أكل الطعام أو توضأ للصلاة فاتته الجماعة أو بعضها بسبب التعجيل وعدم الفصل، لاسيما إذا كان مسكنه بعيداً من مسجد الجماعة، فالتراخي بالإقامة نوع من المعاونة على البر والتقوى المندوب إليها"3.


ومما يدل على الفصل بين الأذان والإقامة بزمن ما جاء في حديث عبد الله بن مُغَفَّلٍ المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال: ((بين كل أذانين صلاة)) رواه البخاري (588)، ومسلم (1384) قال ابن حجر رحمه الله: "أي أذان وإقامة"4.


وبهذا يتبين سنية الفصل بركعتين بين آذان المغرب وإقامته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بين كل أذانين صلاة))،



بل قد جاء في الحديث الآخر قوله صلى الله عليه وسلم: ((صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، قال في الثالثة: لمن شاء)) رواه البخاري (1183)،

فقوله: ((صلُّوا)) أمر يفيد الوجوب، ولكنه صرفه من الوجوب إلى الاستحباب بقوله: ((لمن شاء))، فدل على استحباب الفصل بين آذان المغرب، وإقامة الصلاة بصلاة ركعتين.


وقوله: ((لمن شاء)) من باب التخفيف قالها: كراهية أن يتخذها الناس سنة قال المحب الطبري: "لم يرد نفي استحبابها؛ لأنه لا يمكن أن يأمر بما لا يستحب، بل هذا الحديث من أقوى الأدلة على استحبابها"5.


والفصل بين الأذان والإقامة أمر ضروري جداًً: "لأن المقصود بالأذان إعلام الناس بدخول الوقت ليتأهبوا للصلاة بالطهارة، فيحضروا المسجد لإقامة الصلاة، وبالوصل ينتفي هذا المقصود، فإن كانت الصلاة مما يتطوع قبلها فيفصل بينهما بالصلاة؛ فإن لم يُصلَّ يفصل بينهما بجلسة خفيفة؛ لحصول المقصود به"6 .


ويتضح من سنته عليه السلام أن المقصود من الانتظار هو تمكين المسلمين من ترك أعمالهم، وقضاء حوائجهم، ومن ثم حضورهم إلى المسجد، ولذلك فإن المندوب تأخير الصلاة قليلاً عند تأخر المصلين في الحضور إلى المسجد، وتقديمها عند حضورهم إلى المسجد، ويدل على هذا ما جاء في حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه سأل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((... والعشاء: إذا كثر الناس عجَّل، وإذا قلُّوا أخّر)) رواه البخاري (565).


يقول ابن رجب رحمه الله: "هذا الحديث: دليل على أن الأفضل في صلاة الإمام العشاء الآخرة مراعاة حال المأمومين المصلين في المسجد، فإن اجتمعوا في أول الوقت فالأفضل أن يصلي بهم في أول الوقت، وإن تأخروا فالأفضل أن يؤخر الصلاة حتى يجتمعوا؛ لما في ذلك من حصول فضل كثرة الجماعة، ولئلا يفوِّت صلاة الجماعة لكثير من المصلين"7.


ومما تجدر الإشارة إليه: أنه ينبغي مراعاة حال الناس عند كل صلاة، فصلاة الفجر يكون الانتظار فيها أطول من غيرها ليتمكن الناس من الاستيقاظ من النوم، والاستعداد للصلاة، وهكذا كل صلاة بحسب ما يناسب حال المسلمين فيها.


وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحدد وقتاً بين الأذان والإقامة؟


فأجاب: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصلاة في أول الوقت إلا العشاء الآخرة فإنه كان ينظر إلى اجتماع الناس إذا رآهم اجتمعوا عجَّل، وإذا رآهم أبطؤوا أخَّر، وكان يبقى في البيت حتى يأتيه المؤذن فيعلمه بحضور الصلاة، وربما خرج إليها بدون إعلام.
فالسنة تعجيل جميع الصلوات إلا العشاء، والظهر عند اشتداد الحر، ولكن الصلوات التي لها نوافل راتبة كالفجر والظهر ينبغي للإنسان أن يراعي حال الناس بحيث يتمكنون من الوضوء بعد الأذان، ومن صلاة هذه الراتبة"8.


وكذلك ينبغي مراعاة أماكن وجود المساجد، فالمساجد الموجودة في الأسواق، أو القريبة منها؛ يكون الانتظار فيهاً قليلاً لئلا يتضرر أصحاب الأسواق بطول الانتظار، وهذا بخلاف المساجد الموجودة في الأحياء السكنية فلا ضرر عليهم من الانتظار المتعارف عليه.


وفي زماننا هذا قامت بعض الجهات المختصة في بعض البلدان بضبط الوقت بين الأذان والإقامة بمدة محددة في بعض البلدان "عشرين دقيقة مثلاً، أو خمس عشرة دقيقة".



وإذا تأخر المؤذن قليلاً، أو تقدم قليلاً؛ فلا حرج إذا كان ثمة مصلحة، وينبغي لمن أتى إلى المسجد مبكراً ألا يعجل على المؤذن في إقامة الصلاة، بل عليه أن يصبر ويحتسب، وأن يعلم أنه لا يزال في صلاة ما دام ينتظر الصلاة، أو ما دامت الصلاة تحبسه.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



1 ابو داود (4607)، وقال الألباني: "صحيح" كما في السلسلة الصحيحية رقم (2735).

2 رواه أحمد (21285)، والترمذي (195)، وقال الألباني: "حسن" كما السلسلة الصحيحة رقم (887).

3 نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار (1/409) لمحمد بن علي بن محمد الشوكاني، الناشر: إدارة الطباعة المنيرية.

4 فتح الباري (2/107) لابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب، دار النشر: دار المعرفة - بيروت.

5 فتح الباري (3/60) لابن حجر، تحقيق: محب الدين الخطيب، دار النشر: دار المعرفة - بيروت.

6 عمدة القاري شرح صحيح البخاري (5/138) بدر الدين محمود بن أحمد العيني، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

7 فتح الباري (3/177) لابن رجب، تحقيق: أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد، دار النشر: دار ابن الجوزي - السعودية/الدمام 1422هـ، الطبعة الثانية.

8 مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (12/190-191) محمد بن صالح بن محمد العثيمين، جمع وترتيب فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان، الناشر: دار الوطن - دار الثريا، الطبعة الأخيرة 1413هـ.
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:33 PM   #2
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

أعطه وإلا أذنت

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:


فقد "ذكر القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشمي عن شيخ من التجار قال: كان لي على بعض الأمراء مال كثير، فماطلني ومنعني حقي، وجعل كلما جئتُ أطالبه حجبني عنه، ويأمر غلمانه يؤذونني، فاشتكيت عليه إلى الوزير، فلم يفد ذلك شيئاً، وإلى أولياء الأمر من الدولة فلم يقطعوا منه شيئاً، وما زاده ذلك إلا منعاً وجحوداً، فأيست من المال الذي عليه، ودخلني همٌّ من جهته، فبينما أنا كذلك، وأنا حائر إلى من أشتكي، إذ قال لي رجل: ألا تأتي فلاناً الخياط إمام مسجد هناك؟ فقلت: وما عسى أن يصنع خياط مع هذا الظالم؟ وأعيان الدولة لم يقطعوا فيه! فقال لي: هو أقطع وأخوف عنده من جميع من اشتكيت إليه، فاذهب إليه لعلك أن تجد عنده فرجاً، قال: فقصدتُه غير محتفلٍ في أمره، فذكرت له حاجتي ومالي، وما لقيت من هذا الظالم فقام معي، فحين عاينه الأمير قام إليه وأكرمه واحترمه، وبادر إلى قضاء حقي الذي عليه فأعطانيه كاملاً من غير أن يكون منه إلى الأمير كبير أمر، غير أنه قال له: ادفع إلى هذا الرجل حقه وإلا أذنتُ، فتغير لون الأمير، ودفع إليّ حقي، قال التاجر: فعجبتُ من ذلك الخياط مع رثاثة حاله، وضعف بنيته؛ كيف أنطاع ذلك الأمير له؟!


ثم إني عرضت عليه شيئاً من المال فلم يقبل مني شيئاً، وقال: لو أردت هذا لكان لي من الأموال ما لا يحصى، فسألته عن خبره، وذكرتُ له تعجبي منه، وألححت عليه، فقال: إن سبب ذلك: أنه كان عندنا في جوارنا أمير تركي من أعالي الدولة، وهو شاب حسن، فمرَّ به ذات يوم امرأةٌ حسناء قد خرجت من الحمام، وعليها ثياب مرتفة ذات قيمة، فقام إليها وهو سكران، فتعلق بها يريدها على نفسها ليدخلها منزله، وهي تأبى عليه، وتصيح بأعلى صوتها: يا مسلمين أنا امرأة ذات زوج، وهذا الرجل يريدني على نفسي، ويدخلني منزله، وقد حلف زوجي بالطلاق أن لا أبيت في غير منزله، ومتى بت ها هنا طلقتُ منه، ولحقني بسبب ذلك عارُ لا تدحضه الأيام، ولا تغسله المدامع!!.


قال الخياط: فقمت إليه فأنكرت عليه، وأردت خلاص المرأة من يديه، فضربني بدبوس في يده فشج رأسي، وغلب المرأة على نفسها، وأدخلها منزله قهراً، فرجعتُ أنا فغسلتُ الدم عني، وعصبت رأسي، وصليت بالناس العشاء، ثم قلت للجماعة: إن هذا قد فعل ما قد علمتم فقوموا معي إليه لننكر عليه، ونخلص المرأة منه، فقام الناس معي فهجمنا عليه داره، فثار إلينا في جماعة من غلمانه بأيديهم العصي والدبابيس، يضربون الناس، وقصدني هو من بينهم فضربني ضرباً شديداً مبرحاً حتى أدماني، وأخرجنا من منزله ونحن في غاية الإهانة، فرجعت إلى منزلي وأنا لا أهتدي إلى الطريق من شدة الوجع، وكثرة الدماء، فنمت على فراشي فلم يأخذني نوم، وتحيّرتُ ماذا أصنع حتى أنقذ المرأة من يده في الليل؛ لترجع فتبيت في منزلها حتى لا يقع على زوجها الطلاق، فألهمت أن أؤذن الصبح في أثناء الليل؛ لكي يظن أن الصبح قد طلع فيخرجها من منزله، فتذهب إلى منزل زوجها، فصعدتُ المنارة، وجعلت أنظر إلى باب داره، - وأنا أتكلم على عادتي قبل الأذان1،


هل أرى المرأة قد خرجت - ثم أذنتُ فلم تخرج، ثم صممت على أنه إن لم تخرج أقمت الصلاة، حتى يتحقق الصباح، فبينا أنا أنظر هل تخرج المرأة أم لا إذ امتلأت الطريق فرساناً ورجالة، وهم يقولون: أين الذي أذن هذه الساعة؟ فقلت: ها أنا ذا؛ - وأنا أريد أن يعينوني عليه - فقالوا: انزل فنزلتُ، فقالوا: أجب أمير المؤمنين، فأخذوني وذهبوا بي، لا أملك من نفسي شيئاً، حتى أدخلوني عليه، فلما رأيته جالساً في مقام الخلافة ارتعدت من الخوف، وفزعت فزعاً شديداً، فقال: ادنُ، فدنوت، فقال لي: ليسكن روعك، وليهدأ قلبك، وما زال يلاطفني حتى اطمأننت، وذهب خوفي، فقال: أنت الذي أذنت هذه الساعة؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: ما حملك على أن أذنت هذه الساعة، وقد بقي من الليل أكثر مما مضى منه، فتغرُّ بذلك الصائم والمسافر والمصلي وغيرهم؟! فقلت: يؤمنني أمير المؤمنين حتى أقص عليه خبري؟ فقال: أنت آمن، فذكرتُ له القصة، قال: فغضب غضباً شديداً، وأمر بإحضار ذلك الأمير والمرأة من ساعته على أي حالة كانا، فأحضرا سريعاً، فبعث بالمرأة إلى زوجها مع نسوة من جهته ثقات، ومعهن ثقة من جهته أيضاً، وأمره أن يأمر زوجها بالعفو، والصفح عنها، والإحسان إليها؛ فإنها مكرهة ومعذورة، ثم أقبل على ذلك الشاب الأمير فقال له: كم لك من الرزق، وكم عندك من المال، وكم عندك من الجوار والزوجات؟ فذكر له شيئاً كثيراً، فقال له: ويحك أما كفاك ما أنعم الله به عليك، حتى انتهكت حرمة الله، وتعديت حدوده، وتجرأت على السلطان؟! وما كفاك ذلك أيضاً حتى عمدتَ إلى رجل أمرك بالمعروف، ونهاك عن المنكر فضربته وأهنته وأدميته؟! فلم يكن له جواب.


فأمر به فجعل في رجله قيد، وفي عنقه غل، ثم أمر به فأدخل في جوالق، ثم أمر به فضرب بالدبابيس ضرباً شديداً، حتى خفتُ، ثم أمر به فألقي في دجلة، فكان ذلك آخر العهد به، ثم أمر بدراً - صاحب الشرطة - أن يحتاط على ما في داره من الحواصل والأموال التي كان يتناولها من بيت المال، ثم قال لذلك الرجل الصالح الخياط: كلما رأيتَ منكراً صغيراً كان أو كبيراً ولو على هذا - وأشار إلى صاحب الشرطة - فأعلمني، فإن اتفق اجتماعك بي وإلا فعلى ما بيني وبينك الأذان، فأذِّن في أي وقت كان، أو في مثل وقتك هذا، قال: فلهذا لا آمر أحداً من هؤلاء الدولة بشيء إلا امتثلوه، ولا أنهاهم عن شيء إلا تركوه؛ خوفاً من المعتضد، وما احتجتُ أن أؤذن في مثل تلك الساعة إلى الآن"2.


أيها المؤذن الحبيب: هذه قصة من تاريخنا الإسلامي العظيم، ترشد المؤذن أن لا يقتصر عمله على الأذان فحسب، بل هو عضو في هذه الأمة، وراكب من ركاب سفينتها، ولا بد عليه أن يحمي هذه السفينة من الغرق في بحر المنكرات والجرائم والفساد وذلك بالنصيحة والكلمة الطيبة، باليد إن كانت له سلطة، أو وكّل له ذلك؛ وألا يقتصر فقط على الأذان، ويرى أنه قد فعل كل شيء.


اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، واجعلنا اللهم من الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الذين لا يخافون فيك لومة لائم، والحمد لله رب العالمين.



1 ننبه إلى أنه لم يشرع قول أي كلام قبل الأذان على أنه تابع للأذان أو منه؛ فلا نعلم على ذلك دليل يصح.

2 البداية والنهاية (11/89-91).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:34 PM   #3
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان في السفر


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
من الأحكام المتعلقة بالأذان والإقامة أحكام الأذان في السفر، وأحواله، وفيما يلي بيان ذلك بإذن الله تعالى:


المسألة الأولى: حكم الأذان والإقامة في السفر للجماعة والمنفرد:


اختلف العلماء في ذلك على أقوال:


القول الأول:
اتفق الفقهاء على أنه يستحب الأذان والإقامة في السفر للجماعة والمنفرد، وبه قال الحنفية1، والشافعية2، والحنابلة3، والمالكية4، واستدلوا بما يلي:


أولاً بالمنقول:


1- حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم يريدان السفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أنتما خرجتما فأذِّنا، ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما)) رواه البخاري (630).




2- حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان الرجل بأرض قَيٍّ (وهي الأَرض القَفْر الخالية) فحانت الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماء فليتيمم، فإن أقام صلى معه ملكاه، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه))5.


3- حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يعجب ربك عز وجل من راعي غنم في رأس الشظية للجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم، يخاف شيئاً، قد غفرت له، وأدخلته الجنة))6.


4- حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال بعض القوم: لو عرست بنا يا رسول الله، قال: ((أخاف أن تناموا عن الصلاة)) قال بلال: أنا أوقظكم، فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس فقال: ((يا بلال أين ما قلت))، قال: ما أُلقيت عليَّ نومة مثلها قط، قال: ((إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردَّها عليكم حين شاء، يا بلال قم فأذن بالناس بالصلاة)) فتوضأ، فلما ارتفعت الشمس وابياضت قام فصلى. رواه البخاري (595) ومسلم(681).


5- حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك، أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري (609).


ثانياً بالمعقول:


1- أن الأذان والإقامة من لوازم الجماعة المستحبة، والسفر لم يسقط الجماعة، فلا يسقط ما هو من لوازمها؛ فإن صلوا بجماعة وأقاموا وتركوا الآذان أجزأهم ولا يكره.


2- أن الأذان للإعلام بدخول وقت الصلاة ليحضروا، والقوم في السفر حاضرون، فلم يكره تركه لحصول المقصود بدونه7.


القول الثاني:
أنهم بالتخيير إن شاؤوا أذنوا وأقاموا، وإن شاؤوا أقاموا فقط وبه قال عروة والثوري8.


واستدلوا:


1- بما جاء عن علي رضي الله عنه أنه قال في المسافر: "إن شاء أذن وأقام، وإن شاء أقام"9.


2- وما جاء أن ابن عمر رضي الله عنهما كان لا يزيد على الإقامة في السفر في الصلاة إلا في الصبح، فإنه كان يؤذن فيها ويقيم، ويقول: إنما الأذان للإمام الذي يجتمع إليه الناس10.


3- وعن أبى الزبير قال: سألت ابن عمر أؤذن في السفر؟ قال: لمن تؤذن للفأر11.


4- وعن هشام بن عروة أن أباه قال له: إذا كنت في سفر فإن شئت أن تؤذن وتقيم فعلت، وإن شئت فأقم ولا تؤذن12.


القول الثالث
: أنهم إذا كانوا رفاقاً أذنوا وأقاموا، وإذا كان وحده أقام للصلاة وبه قال إبراهيم النخعي، وقال الحسن وابن سيرين: تجزئه الإقامة13.


القول الرابع:
أنه لا يستحب، وهو رواية عن مالك فقال: "وليس الأذان إلا في مساجد الجماعة، ومساجد القبائل، بل والمواضع التي تجمع فيها الأئمة، فأما ما سوى هؤلاء من أهل السفر والحضر فالإقامة تجزئهم في الصلوات كلها"14.


القول الخامس:
أنهما واجبان، وهو قول أهل الظاهر15، وقال عطاء بن أبي رباح: "إذا كنت في سفر ولم تؤذن ولم تقم فأعد الصلاة"16، وبه قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.


واستدلوا: بحديث مالك بن الحويرث "فقد أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يؤذن لهم أحدهم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدع الأذان ولا الإقامة حضراً ولا سفراً، فكان يؤذِّن في أسفاره، ويأمر بلالاً رضي الله عنه أن يؤذن، فالصواب: وجوبه على المقيمين والمسافرين"17، وفي رواية أشهب عن مالك إن ترك الأذان مسافر عمداً أعاد الصلاة.18


الترجيح:

من خلال عرض الأقوال والأدلة يتبين أن القول الأول هو الراجح والله أعلم، وحاصله: أنه يستحب الأذان والإقامة في السفر، وذلك لما يلي19:


1- أن الأحاديث دلَّت على أن الأذان والإقامة من شأن الصلاة لا يدعها مسافر ولا حاضر.


2- أثبتت الأحاديث أن من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الأذان والإقامة للصلوات في السفر، وأثبتت أيضاً أمره بذلك.


3- أن المقصود من الأذان لم ينحصر في الإعلام، بل كل منه، ومن الإعلام بهذا الذكر نشراً لذكر الله ودينه في أرضه، وتذكيراً لعباده من الجن والإنس الذين لا يرى شخصهم في الفلوات من العباد، وإظهاراً لشعائر الإسلام.


المسألة الثانية: حكم ترك الأذان دون الإقامة:
إذا ترك المسافر الأذان دون الإقامة فقد اتفق الفقهاء أنه لا يكره ذلك20.


المسألة الثالثة: حكم ترك الإقامة في السفر:


إذا ترك المسافر الإقامة في السفر فقد صرح فقهاء الأحناف بكراهة ذلك، قال الكاساني: "ويكره لهم ترك الإقامة"21،
أما ابن عبد البر رحمه الله فقال: "واتفق الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور والطبري على أن المسافر إن ترك الأذان عامداً أو ناسياً أجزأته صلاته، وكذلك لو ترك الإقامة عندهم - وهم أشد كراهية لتركه الإقامة -"22،
وقال مجاهد: "إذا نسي الإقامة في السفر أعاد"23، قال ابن رجب: "وهذا يدل على أنه رآها شرطاً في حق المسافر وغيره "24.

واستدلوا:

1- بأن من ترك الأذان والإقامة في السفر فقد خالف الأمر المذكور في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه.


2- أن السفر سبب الرخصة، وقد أثر في سقوط شطر فجاز أن يؤثر في سقوط أحد الأذانين إلا أن الإقامة آكد ثبوتاً من الأذان، فيسقط شطر الأذان دون الإقامة.25
3- ما جاء عن علي رضي الله عنه أنه قال في المسافر: "إن شاء أذن وأقام، وإن شاء أقام"،

ووجه الدلالة: أنه لا يرى بأساً بترك الأذان في السفر، دون الإقامة.26


هذه جملة من أحكام الأذان والإقامة في السفر، نسأل الله أن يوفقنا لطاعته، ويجنبا معاصيه، والحمد لله رب العالمين.



1 بدائع الصنائع (1/153).

2 الحاوي الكبير (2/105).

3 المغني (1/461).

4 شرح مختصر خليل (3/134).

5 رواه عبدالرزاق في المصنف رقم (1955)، وابن أبي شيبة رقم (2278) موقوفاً، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (249).

6 رواه الإمام أحمد (16801)، وصححه الأرناؤوط.

7 بدائع الصنائع (1/153).

8 المغني (1/461).

9 رواه البيهقي برقم (2021).

10 رواه البيهقي (2020)، ومالك في الموطأ (237).

11 رواه البيهقي (2021).

12 رواه مالك (238).

13 المغني (1/461).

14 المدونة (1/119).

15 الاستذكار (1/400).

16 طرح التثريب (3/65).

17 الشرح الممتع (2/44).

18 الاستذكار (1/400).

19 أحكام الأذان والنداء والإقامة (ص303).

20 بدائع الصنائع (1/153)، والحاوي الكبير (2/109)، والإنصاف (1/406).

21 بدائع الصنائع (1/153).

22 الاستذكار (1/401).

23 طرح التثريب (3/65).

24 فتح الباري (3/545).

25 بدائع الصنائع (1/153).

26 أحكام الأذان والنداء والإقامة (ص304).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:34 PM   #4
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

أحكام الإقامة


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد الصادق الأمين أما بعد:





1- يسن إدراج الإقامة أو حدرها: أي الإسراع بها مع بيان حروفها، فيجمع بين كل كلمتين منها بصوت، والكلمة الأخيرة بصوت، عملاً بحديث جابر: ((
إذا أذنت فترسل - أي تمهل -، وإذا أقمت فاحدر، واجعل بين آذانك وإقامتك مقدار مايفرغ الآكل من أكله))2.



2- الأفضل في المذاهب الأربعة أن يتولى الإقامة من أذن اتباعاً للسنة: ((
من أذن فهو يقيم))3 ، فإن أذن واحد وأقام غيره جاز، لكن قال الأحناف": يكره أن يقيم غير من أذن إن تأذى بذلك؛ لأن اكتساب أذى المسلم مكروه، ولا يكره إن كان لا يتأذى به".


3- يستحب عند الحنابلة أن يقيم من موضع أذانه؛ لأن الإقامة شرعت للإعلام، فشرعت في موضعه ليكون أبلغ في الإعلام، إلا أن يؤذن في المنارة أو مكان بعيد من المسجد فيقيم في غير موضعه لئلا يفوته بعض الصلاة، وقال الشافعية: يستحب أن تكون الإقامة في غير موضع الأذان، وبصوت أخفض من الأذان، ولا يقيم حتى يأذن له الإمام، فإن بلالاً كان يستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي حديث زياد بن الحارث الصدائي قال: "فجعلت أقول للنبي - صلى الله عليه وسلم- أقيم أقيم؟" وقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ((
المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة))4.


4- لا يقوم المصلون للصلاة عند الإقامة حتى يقوم الإمام أو يقبل؛ لحديث ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني))5،

وأما تعيين وقت قيام المؤتمين إلى الصلاة فقال المالكية: يجوز للمصلي القيام حال الإقامة، أو أولها، أو بعدها، فلا يطلب له تعيين حال بل بقدر الطاقة للناس، لأن منهم الثقيل والخفيف،

وقال الأحناف: "يقوم عند حي على الفلاح، وبعد قيام الإمام"، وقال الحنابلة: "يستحب أن يقوم عند قول المؤذن "قد قامت الصلاة" لما روي عن أنس أنه كان يقوم إذا قال المؤذن: "قد قامت الصلاة"، وقال الشافعية: "يستحب أن يقوم المصلي بعد انتهاء الإقامة إذا كان الإمام مع المصلين في المسجد
6،

وكان يقدر على القيام بسرعة بحيث يدرك فضيلة تكبيرة الإحرام، وإلا قام قبل ذلك بحيث يدركها".


5- يسن أن يقيم المقيم قائماً متطهراً، مستقبل القبلة، ولا يمشي في أثناء إقامته، ولا يتكلم، ويسن ألا يفصل بين الإقامة والصلاة بفاصل طويل يشق على المصلين لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم- ((يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا))7،

وما كان من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- حين أطال الفصل فإنما هو لبيان الجواز كما هو مقرر عند علماء الأصول "إذا تعارض القول والفعل، فالقول للامتثال، والفعل للجواز".




6- إذا أذن المؤذن وأقام لم يستحب لسائر الناس أن يؤذن كل منهم أو يقيم، وإنما يقول مثل ما يقول المؤذن؛ لأن السنة وردت بهذا.

نسأل الله تعالى أن يغفر ذنوبنا، ويفرج همومنا، ويقضي ديوننا، ويغفر لوالدينا، والحمد لله رب العالمين.





2 - رواه الترمذي برقم (180) وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي برقم (30).

3 - رواه أبو داود برقم (514) وضعفه الألباني.

4 - رواه الترمذي برقم (202) وحسنه الألباني.

5 - رواه البخاري برقم (611)، ومسلم برقم (156).

6 - سبل السلام (ج1ص 131)، والمغني (ج1 ص458)، والمجموع (ج3ص 237).

7 - رواه البخاري برقم (76).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:35 PM   #5
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

أحكام مترتبة على سماع الأذان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:




فإن الشريعة رتبت على سماع النداء ثمة أحكام تشمل كل مسلم بالغ عاقل مكلف، ومن تلك الأحكام:


أولاً: حضور صلاة الجمعة:


لا خلاف بين الفقهاء في وجوب صلاة الجمعة على من يكون في البلد الذي تقام فيه صلاة الجمعة، سواء سمع النداء أو لم يسمع1، فلا يشترط سماع النداء، ومن أدلتهم على ذلك ما يلي:


1-
قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}2،

فإن الله - تعالى - في هذه الآية أمر بالسعي بمجرد النداء، ولم يقيده بالسماع.


2-
أن كل موضع من البلد موضع للنداء، ومحل لإقامة الجمعة فيه، وليس لها اختصاص بموضع3، لأنه بلد واحد، فلا فرق بين البعيد والقريب.


واختلفوا بعد ذلك في اعتبار سماع النداء شرطاً في وجوب صلاة الجمعة على من كان خارج البلد، ورأى الجمهور اعتبار سماع النداء شرطاً لوجوب صلاة الجمعة على من كان خارج المصر الذي تقام فيه الجمعة، وذلك لقوة الأدلة وسلامتها من المعارضة، إلا أن اعتبار سماع النداء في زماننا خاصة مع وجود مكبرات الصوت التي يبلغ مدى نداءها الآفاق؛ يجعلنا لا نخوض في المسافة التي اختلف فيها بين الجمهور، ولا يبقى حجة لأحد في التخلف بسبب عدم السماع.


ثانياًً: أداء الصلوات الخمس جماعة:


جاءت الأحاديث الصحيحة التي تأمر بإجابة النداء للصلوات الخمس على من سمع الأذان ليشهد صلاة الجماعة في المسجد، ومنها:


1-
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: (( هل تسمع النداء بالصلاة))؟ فقال: نعم، فقال:(( فأجب))4،


وفي رواية أخرى أن الأعمى المذكور هو ابن أم مكتوم - رضي الله عنه -، وأنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني رجل ضرير، شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل لي رخصة أصلي في بيتي ؟ قال: (( هل تسمع النداء))؟ قال: نعم، قال: (( لا أجد لك رخصة))5.


2-
حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر))6.


ثالثاً: الإمساك عن المفطرات عند سماع أذان الصبح لمن يريد الصوم:


أجمع علماء الأمة على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الثاني وهو البياض المنتشر في الأفق، ويسمى الفجر الصادق، والمستطير7.


والفجر فجران هما: الفجر الصادق، والفجر الكاذب وهو ما كان مستطيلاً كأنه ذنب السرحان8، ويطلع قبل الفجر الصادق9،

واتفق فقهاء المذاهب الأربعة على وجوب الإمساك عن تناول المفطرات للصائم عند سماع الأذان الثاني لصلاة الفجر10،

واستدلوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة ومنها:


1-
حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم))، ثم قال: وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت11، وفي رواية أخرى: (( ...فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر))12.


2- حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن بليل، ليرجع قائمكم، ولينبه نائمكم، وليس أن يقول الفجر أو الصبح))13.


3-
حديث سمرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل، هكذا حتى يستطير هكذا))14 يعني معترضاً.


4- حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: لما نزلت:{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}15 عمدت إلى عقال16 أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي، فغدوت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك فقال: ((إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار))17.


رابعاً: الإفطار للصائم عند سماع أذان المغرب:


لا خلاف بين أهل العلم أن أول وقت صلاة المغرب غروب الشمس18، وأن آخر وقت الصيام هو غروب الشمس19، واستدلوا على أن آخر وقت الصيام هو غروب الشمس بما يلي:


أولاً: من الكتاب: قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}20، والليل يدخل بغروب الشمس21.


ثانياً: من السنة: حديث عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر من ها هنا، وغربت الشمس؛ فقد أفطر الصائم))22.
وعلى هذا فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب يكون إعلاماً للصائم بانتهاء وقت الصوم، وأنه قد حل له الفطر.


خامساً: منع البيع عند دخول وقت الأذان للجمعة:


إذا شرع المؤذن في الأذان الثاني لصلاة الجمعة وهو الذي يكون بعد صعود الإمام على المنبر فإن البيع والشراء يمنعان حينئذ على من تلزمه صلاة الجمعة؛ لورود النهي في قوله - تعالى-:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}23، ولما فيهما من الاشتغال بهما عن الصلاة، وحمل الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة النهي الوارد في الآية على التحريم24.


وأما الحنفية فقد حملوه على أقل أحوال النهي الكراهة، وقالوا: إن ترك البيع واجب فيكره، ويصح إطلاق الحرام عليه25.


وقاس الجمهور جميع العقود من النكاح والإجارة وغيرها على البيع؛ لأن فيها تشاغلاً عن السعي إلي الجماعة، فأخذت حكم البيع من الكراهة والتحريم26، خلافاً للحنابلة فإنهم قالوا: إن النهي مختص بالبيع، وغيره لا يساويه في الشغل عن السعي لقلة وجوده27.


والصحيح ما عليه الجمهور؛ لأن العلة في النهي هي التشاغل عن السعي إلى الجمعة28، وهي موجودة في سائر العقود.


فهذه الأحكام مترتبة كلها على سماع النداء،

نسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويعيننا أن نعبده على علم وبصيرة إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين.



1 بدائع الصنائع 2/ 188، التمهيد 4/83، مواهب الجليل 2/168، المجموع 4/0، وقال النووي: وهذا مجمع عليه .11.

2 سورة الجمعة (9).

3 عون المعبود شرح سنن أبي داود 3/270.

4 مسلم (1044).

5 النسائي برقم (465).

6 رواه ابن ماجة برقم (785).

7 الإجماع لابن المنذر (7)، التمهيد (1/130).

8 السرحان هو: الذنب، غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 173.

9 العناية 2/ 326، المغني 2/ 30.

10 بدائع الصنائع 2/ 554، المجموع 6/310، المغني 4/ 325، المبدع3/43، البناية 3/2296، المدونة 1/2319، التمهيد 3/69.

11 رواه البخاري برقم (582).

12 رواه البخاري برقم (1785).

13 رواه البخاري برقم (586).

14 رواه مسلم برقم (1833).

15 البقرة (187).

16 العقال: الحبل الذي يعقل به البعير (الصحاح 5/ 38).

17 رواه البخاري برقم) 1783).

18 الإجماع لابن المنذر (7).

19 الهداية 2/326، التمهيد 3/ 69، المهذب 6/ 308، المغني 4/325.

20 البقرة (187).

21 معرفة أوقات العبادات لخالد المشيقح2/118.

22 رواه البخاري برقم (1818).

23 الجمعة (9).

24 القوانين الفقهية 65، مواهب الجليل 2/ 180-182، الأم 1/195، المحموع 4/419، المعني 3/162، كشاف القناع 3/1428.

25 المبسوط 134، بدائع الصنائع 2/ 220.

26 مراقي الفلاح 517- 518،المجموع4/419.

27 المغني 3/164.

28 مراقي الفلاح 518.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:36 PM   #6
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

قصة مؤذن


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه أما بعد:


فمن أخبار المؤذنين الأول نأخذ قصة ذلك المؤذن الذي استهزأ بالأذان، ثم ما لبث بعد ذلك أن هداه الله فأصبح مؤذناً عظيماً روى بعض الأحاديث في هذا الجانب؛ إنه الصحابي الجليل أبي محذورة، واسمه أوس بن ربيعة بن معير بن عريج بن سعد بن جمح.


وقد روى هذه القصة عبد الله بن محيريز، وكان يتيماً في حجر أبي محذورة بن معير؛ حين جهَّزه إلى الشام، قال:


فقلت لأبي محذورة: أي عم إني خارج إلى الشام، وإني أسأل عن تأذينك، فأخبرني أن أبا محذورة قال: خرجت في نفر، فكنا ببعض الطريق، فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعنا صوت المؤذن ونحن عنه متنكبون، فصرخنا نحكيه نهزأ به، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلينا قوماً فأقعدونا بين يديه، فقال: ((أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع)) فأشار إليَّ القوم كلهم وصدقوا، فأرسل كلهم وحبسني، وقال لي: ((قم فأذن)) فقمت ولا شيء أكره إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مما يأمرني به، فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى علي رسول الله التأذين هو بنفسه، فقال: ((قل الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله))، ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة، ثم أمرَّها على وجهه، ثم على ثديه، ثم على كبده، ثم بلغت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرة أبي محذورة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بارك الله لك، وبارك عليك)) فقلت: يا رسول الله أمرتني بالتأذين بمكة؟ قال: ((نعم، قد أمرتك))، فذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم1،
وفي رواية: فوصف الأذان بالترجيع2، قال الترمذي: حديث أبي محذورة في الأذان حديث صحيح، وقد روي عنه من غير وجه، وعليه العمل بمكة وهو قول الشافعي3،

وفي رواية: خرجت في عشرة فتيان مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين، فأذنوا وقمنا نؤذن مستهزئين بهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إيتوني بهؤلاء الفتيان))، فقال: ((أذنوا))، فأذنوا وكنت أحدُّهم صوتاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((نعم هذا الذي سمعت صوته، اذهب فأذن لأهل مكة))4،


وفي رواية: فكان أبو محذورة لا يجزُّ ناصيته، ولا يفرقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح عليه5.

قال الزبير: كان أبو محذورة أحسن الناس أذاناً، وأنداهم صوتاً، قال له عمر يوماً وسمعه يؤذن: كدت أن ينشق مريطاؤك6،

وقال بعض شعراء قريش في أذان أبي محذورة:
أما ورب الكعبة المستورة **وما تلا محمد من سورة
والنغمات من أبي محذورة ** لأفعلـن فعلة مذكورة

ولم يهاجر رضي الله عنه، ولم يزل مقيماً بمكة حتى توفي7 بمكة سنة تسع وسبعين8.


فوائد القصة9:


1- انتقاء صاحب الصوت الندي لأجل الأذان، لأن صاحب الصوت الندي يُسمع له، وينجذب الناس لأذانه، وبالتالي للصلاة في المسجد؛ أكثر من صاحب الصوت غير الندي.
2- استعمال المال لتأليف قلوب الكفار: فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه أبو محذورة أعطاه صرَّة فيها شيء من فضة، وكان عليه الصلاة والسلام يستخدم المال في تأليف قلوب الكفار، وربما دخل في الدين أناس كثيرون بسبب التأليف بالمال.


3- أهمية الدعاء بالبركة.


4- أن الإنسان إذا كان عدواً للدين، مستهزئاً بشعيرة من شعائره، فإن من كفارة ذلك أن يقوم بعمل ديني يخدم به الدين.


5- الحرص على أخذ العلم من صاحبه الأصلي، ولذلك ذهب عبد الله بن محيريز إلى أبي محذورة، وقال له:علمني الآذان قبل أن أسأل عن تأذينك.

6- أن رفقة السوء تساعد على الوقوع في الباطل.


7- أن الشيء السيئ قد ينقلب بأمر الله في مصلحة صاحبه: فـأبو محذورة رفع صوته مستهزئاً، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم الصوت واستدعاهم، فشاء الله أن يكون رفع الصوت بالاستهزاء سبباً في هداية الرجل، وسبحان من جعل هذا السوء ينقلب على صاحبه خيراً.

8- أن مشاعر الإنسان يمكن أن تتغير في لحظة.


9- أن حسن معاملة المدعو الكافر من قبل الداعية المسلم هو الذي يغير صورة الداعية وسمعته، والشبهات التي كانت حول الداعية، أو الشكوك، أو العداوات في نفس الشخص الآخر، تتغير بفعل المعاملة الحسنة من الداعية.

10- أهمية تجريد الشخص من أعوانه الفجرة حتى يكون ادعى لهدايته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن استفراد الداعية بالمدعو يجعل التأثير ممكناً أكثر.

11- هيبة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لما أُتى بهؤلاء الكفرة وقال لهم: ((أيكم الذي سمعت صوته؟)) ما استطاعوا أن يكذبوا عليه، بل كلهم أشار إلى أبي محذورة.


ومن الفوائد التربوية
10:


1 - طبيعة التجمعات الشبابية، وتشابهها قديماً وحديثاً.


2 - عدم تجاوز المواقف السلوكية الشاذة.


3 - التثبت والتبين، وعدم أخذ البريء بجريرة المذنب.


4 - الأدب الرفيع، وعدم الإسفاف في الخطاب عند الإنكار.


5 - تحويل الخطأ إلى صواب، والانحراف إلى سداد.


6 - تواضع المربي.


7 - الإحسان إلى المتربي، وسَلُّ سخيمة صدره.


8 - التودد والتحبب إلى المتربي بالمباشرة باليد.


9 - إظهار صدق الود، والرغبة في الهداية بالدعاء.


10 - منح الثقة، واستغلال الموهبة.


والحمد لله رب العالمين.



1 رواه ابن ماجة برقم (708)، والبيهقي برقم (1714)، وصححه الألباني.

2 رواه النسائي برقم (632).

3 سنن الترمذي رقم (191).

4 رواه البيهقي برقم (1715).

5 رواه أبو داود برقم (501)، وصححه الألباني.

6 هي الجلدة التي بين السرة والعانة. النهاية في غريب الحديث (4/675).

7 الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/64).

8 أسد الغابة (1/480).

9 انظر قصة المستهزئ الذي هداه الله.

10 معالم في البناء التربوي مجلة البيان عدد (203).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:37 PM   #7
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

أطول الناس أعناقاً


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:


فالأذان فضله عظيم، وأجره جزيل، والمؤذنون وردت أحاديث كثيرة تبين فضلهم، وتذكر عظيم أجرهم كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا)) رواه البخاري (615)، ومسلم (437).




بل إن المؤذن يُغفر له بمدى صوته، وله أجر من صلى معه: فعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم، والمؤذن يغفر له مدَّ صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه))1.




وقد ورد في فضلهم أنهم أطول الناس أعناقاً يوم القيامة فعن طلحة بن يحيى عن عمه قال: كنت عند معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما فجاءه المؤذن يدعوه إلى الصلاة، فقال معاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)) رواه مسلم (387).




ولعل سائلاً يسأل عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أطول الناس أعناقاً)) ما المقصود منه؟


فنورد هنا ما قاله الإمام النووي رحمه الله تعالى حين قال: "اختلف السلف والخلف في معناه:
فقيل: معناه أكثر الناس تشوفاً إلى رحمة الله تعالى؛ لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه، فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب.


وقال النضر بن شميل: إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق.


وقيل: معناه أنهم سادة ورؤساء، والعرب تصف السادة بطول العنق.


وقيل: معناه أكثر اتباعاً.


وقال ابن الأعرابي: معناه أكثر الناس أعمالاً.


قال القاضي عياض وغيره ورواه بعضهم إعناقاً بكسر الهمزة: أي إسراعاً إلى الجنة، وهو من سير العَنَق"2.


وقال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى: "وفيه وجه آخر وهو أن يراد بالأعناق جماعات الناس من قولهم أتاني عنق من الناس أي جماعة كثيرة، يريد أن المؤذنين أكثر الناس أتباعاً يوم القيامة، وأتباعهم القوم الذي أجابوهم إلى الصلوات"3.


قال أبو بكر بن أبي داود سمعت أبي يقول: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ((المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)) ليس أن أعناقهم تطول، وذلك إن الناس يعطشون يوم القيامة، فإذا أعطش الإنسان انطوت عنقه، والمؤذنون لا يعطشون فأعناقهم قائمة"4.




وقال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله: "إذا بُعث الناس فإن المؤذنين يكون لهم ميزة ليست لغيرهم وهي أنهم أطول الناس أعناقاً، فيعرفون بذلك تنويهاً لفضلهم، وإظهاراً لشرفهم؛ لأنهم يؤذنون ويعلنون بتكبير الله عز وجل وتوحيده، والشهادة لرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة، والدعوة إلى الصلاة وإلى الفلاح، يعلنونها من الأماكن العالية، ولهذا كان جزاؤهم من جنس العمل أن تعلو رؤوسهم، وأن تعلو وجوههم، وذلك بإطالة أعناقهم يوم القيامة، وهذا يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يحرص على أن يكون مؤذناً حتى لو كان في نزهة هو وأصحابه، فإنه ينبغي أن يبادر لذلك"5.




أما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يحشر المؤذنين يوم القيامة أطول الناس أعناقاً بقولهم: لا إله إلا الله))6 فقد ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله7.


لكن طول أعناقهم ثبت بالحديث السابق الذي رواه الإمام مسلم، وهذا فضيلة لهم على ما دعوا إليه من الخير، وأعلنوا فيه من التوحيد.


فنسأل الله بمنِّه وكرمه أن يوفقنا لفعل الخيرات، ويجنبنا فعل المنكرات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.




1 رواه أحمد (18036)، والنسائي (646)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1841).

2 شرح النووي على صحيح مسلم (4/92).

3 غريب الحديث والأثر (1/593).

4 سنن البيهقي (1880).

5 شرح رياض الصالحين (1/1188).

6 مسند السراج (1/60).

7 في ضعيف الجامع الصغير (1727)، والسلسلة الضعيفة (3130).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:37 PM   #8
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

التوشيح قبل الأذان

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
قال الله تعالى:
{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً}1،

فالله - سبحانه وتعالى - قد أكمل الدين، وأرسل لنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وضح لنا الدين وبينه، وقال - صلى الله عليه وسلم -:
((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد))2.




لكن مع الأسف نرى في زمننا هذا كثيراً من البدع التي لم تكن موجودة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن هذه البدع ما يسمى بالتوشيح قبل الفجر والتي لم تكن موجودة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا في زمن الصحابة والتابعين، وقد تكلم العلماء عن هذه المسألة وهذا بعض كلامهم:


قال صاحب الإقناع: ((التأذين قبل الفجر من التسبيح والنشيد، ورفع الصوت بالدعاء، ونحو ذلك في الأذان فليس بمسنون، وما أحد من العلماء قال: أنه يستحب، بل هو من جملة البدع المكروهة، فليس لأحد أن يأمر به، ولا ينكر على من تركه، ولا يعلق استحقاق الرزق به، ولا يلزم فعله ولو شرطه واقف، وقال ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس: قد رأيت من يقوم بالليل كثيراً على المنارة فيعظ ويذكر، ويقرأ سورة من القرآن بصوت مرتفع، فيمنع الناس من نومهم، ويخلط على المتهجدين قراءتهم، وكل ذلك من المنكرات3،


وقال صاحب كشاف القناع عن متن الإقناع: "وَمَا سِوَى التَّأْذِينِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالنَّشِيدِ، وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي الْمَآذِنِ أَوْ غَيْرِهَا؛ فَلَيْسَ بِمَسْنُونٍ، وَمَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ: إَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَهْدِ أَصْحَابِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِيمَا كَانَ عَلَى عَهْدِهِمْ يُرَدُّ إلَيْهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ، وَلَا يُنْكِرَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، وَلَا يُعَلِّقَ اسْتِحْقَاقَ الرِّزْقِ بِهِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى بِدْعَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ فِعْلُهُ وَلَوْ شَرَطَهُ وَاقِفٌ لِمُخَالَفَتِهِ4.


فالثابت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قبل دخول الفجر هو الأذان الأول، وقد استحسن المتأخرون التسبيح بدلاً من الأذان الثاني خوفاً من التباس الأذان الأول بالثاني؛ وليس له أصل في الشريعة.


والله أعلم.



1- المائدة.

2- صحيح البخاري (ج2/ص959).

3- الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (ج1/ص80).

4- كشاف القناع عن متن الإقناع (ج2/ص167).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:37 PM   #9
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان بحي على خير العمل (1)


الحمد لله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد:

فإن المتأمل في منائر المسلمين ومحاريبهم؛ يسمع قول "الله أكبر" يدوي منها في الآفاق؛ فترتاح له النفوس، وتطمئن له القلوب، وتنشرح له الصدور، ويحيا به القلب الميت، وتدمع لمسمعه العين الخاشعة، وتترنم له الخيول، وتعلن صهيلها، كل ذلك لعظمة معانيه، واتحاد مفرداته التي لها وقع على النفس أيما وقع، لكن سرعان ما نرى الأذان يختلف عن مساره المعروف في بعض بلدان المسلمين من تغيير في كلماته، وتمطيط في ألحانه؛ مما أذهب جماله وروعته، وبهاءه وحسنه؛ والسبب هو ما أحدث فيه وأدخل عليه مما لم يرد عن معلم الإنسانية ونبي البشرية - صلى الله عليه وسلم -، ولعل من أبرز وأظهر ذلك إدخال لفظ "حي على خير العمل" ولفظ "أشهد أن علياً ولي الله"، وسنتحدث بمشيئة الله عن لفظ "حي على خير العمل" حتى يتبين الحق، وتتضح الحقيقة، ويزول الالتباس والشك لكل طالب للحق، وباحث عن الصواب، لاسيما لأولئك الذين يسكنون في المناطق التي يسيطر عليها الشيعة والزيدية في جميع أنحاء العالم؛ فهم يسمعون دائماً هذه الألفاظ، وتتردد على مسامعهم صباح مساء، حتى أن الكثير بدأ يتساءل: هل هذا من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أم من فعل أصحابه، أم من فعل التابعين؟ وهل له مستند في الشريعة؟ وما حكمه؟ وعدة تساؤلات تشتت الذهن هنا وهناك؛ ولذا كان لزاماً؛ بحث المسألة بحثاً علمياً مدعماً بالأدلة من الكتاب والسنة، وفهم السلف، ومناقشة كل قول في المسألة حسب الأصول العلمية عند أهل الملكة والاختصاص، بعيداً عن الإسفاف والإخفاف، والاستهزاء والتحقير، والتحيز والعاطفة.



أولاً أدلة القائلين بحي على خير العمل:


1- قال ابن أبي شيبة حدثنا أبو بكر قال: أنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه ومسلم بن أبي مريم أن علي بن حسين - رضي الله عنه - كان يؤذن فإذا بلغ حي على الفلاح قال: حي على خير العمل، ويقول هو الأذان الأول1،

وحدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يقول في أذانه "الصلاة خير من النوم" وربما قال "حي على خير العمل"2،

وحدثنا أبو أسامة قال أنا عبيد الله عن نافع قال: كان ابن عمر - رضي الله عنه - زاد في أذانه حي على خير العمل3.

2- روايات البيهقي قال - رحمه الله -: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا مالك بن أنس عن نافع قال: كان ابن عمر يكبر في النداء ثلاثاً، ويشهد ثلاثاً، وكان أحياناً إذا قال "حي على الفلاح" قال على إثرها: "حي على خير العمل" ورواه نافع عن عبد الله بن عمر، قال: كان ابن عمر ربما زاد في أذانه: "حي على خير العمل"، ورواه الليث بن سعد عن نافع4.

وقال - رحمه الله -: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق ثنا بشر بن موسى ثنا موسى بن داود ثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه، أن علي بن الحسين كان يقول في أذانه إذا قال: "حي على الفلاح" قال: "حي على خير العمل" ويقول هو الأذان الأول.5
3- رواية محمد بن الحسن:

قال أخبرنا مالك أخبرنا نافع عن ابن عمر: "أنه كان يكبر في النداء ثلاثاً، ويتشهد ثلاثاً، وكان أحياناً إذا قال: "حي على الفلاح" قال على إثرها "حي على خير العمل"6.

4- رواية الطبراني:
حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد عن عبد الله بن محمد وعمر وعمار ابني حفص عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال: أنه كان يؤذن بالصبح فيقول: حي على خير العمل، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل مكانها "الصلاة خير من النوم"، وترك "حي على خير العمل".7




ومما يستدلون به أن هذا اللفظ أُذن به على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر ولم يلغ إلا في عهد عمر - رضي الله عنه - لما خشي عمر- رضي الله عنه - من انصرا ف الناس عن الجهاد إلى الصلاة بحجة أنها خير العمل، وهذا اجتهاد من عمر - رضي الله عنه - لظرف خاص، وحدث معين، فلا يلزم الالتزام به في كل الأحوال، بل إذا أنتفت العلة انتفى الحكم، كما أنه اجتهاد من صحابي، وفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإقراره لابن عمر مقدم على كل فعل وقول عمر، وكذا الخليفة الأول أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -،

وكذلك أئمة ل ال البلقبآل البيت - رضوان الله عليهم- فإنهم متمسكون بهذه السنة منذ زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا، ويستدلون بالاستصحاب - أي بقاء ما كان على ماكان - فيقولون نستصحب الحكم الأصلي للمسألة وهو الأذان بهذا اللفظ "أي حي على خير العمل" كما كان قبل خلافة عمر - رضي الله عنه -.




يتبع هذا المقال مقال آخر فيه أدلة من قال ببدعية هذا القول




1 - المصنف (ج1ص195).

2 - المرجع السابق.

3 - المصنف (ج1 ص196).

4 - السنن الكبرى برقم (1845).

5 - السنن الكبرى برقم (1847).

6 - الموطأ رواية محمد بن الحسن ج1 ص163.

7 - المعجم الكبيرج 1 ص352.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:37 PM   #10
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

حي على خير العمل (2)


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:


فإليكم ما تبقى من موضوع الأذان "بحي على خير العمل"


ثانياً: أدلة القائلين ببدعية حي على خير العمل:


1- قالوا: العبادات توقيفية لا يزاد فيها ولا ينقص منها إلا بنص من الشارع، وهذا متفق عليه عند أهل الاختصاص من علماء الأصول، والأذان عبادة من العبادات تعبدنا الله بها؛ فلا يجوز الزيادة فيها ولا النقص منها، بل يجب الاقتصار على ما جاءنا من الشارع الحكيم، وإجماع العلماء قاطبةً منعقد على أن الأصل في العبادات التوقف، فهذا الإجماع يعتبر حجة في بابه.


2- أن العبادات والشعائر في دين الإسلام لاتؤخذ ولا تعتبر إلا إذا ثبتت بالأسانيد الصحيحة المتصلة إلى قائلها أو فاعلها، وألفاظ الأذان قد ثبتت عندنا بالأسانيد الصحيحة المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونقلها إلينا العدول ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه وهم بلال بن رباح - رضي الله عنه - وأبي محذورة، والأسانيد إليهم مستوفية للعدالة، وتمام الضبط والاتصال، ونفي الشذوذ والإعلال.


3- أن الذي ثبت في حديث بلال وأبي محذورة - رضي الله عنهما - من ألفاظ الأذان هو خمسة عشر لفظاً، ولم يكن حي على خير العمل منها، فمن أين دخل على ألفاظ الأذان.


4- أن الروايات التي ذكروها لاتصح أسانيدها كما في رواية الطبراني، فان أبناء حفص رووا عن آبائهم وأجدادهم، وهم مجاهيل لا يعرفون، وجهالتهم جهالة عين وجهالة حال، وكذا رواية ابن أبي شيبة ومحمد بن الحسن لا تصح، وأما روايات البيهقي فهي أصحها قال ابن حزم - رحمه الله -: "وقد صح عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف: أنهم كانوا يقولون في أذانهم "حي على خير العمل"، ولا نقول به لأنه لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا حجة في أحد دونه، ولقد كان يلزم من يقول في مثل هذا عن الصاحب: مثل هذا لا يقال بالرأى: أن يأخذ بقول ابن عمر في هذا، فهو عنه ثابت بأصح إسناد 1،


وقال الحسن بن حي: يقال في العتمة الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، ولا نقول بهذا أيضاً، لأنه لم يأت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"2.

ومن دجل الروافض وكذبهم الاستدلال بقول الإمام الشوكاني - رحمه الله - في نقله عن صاحب "الإحكام" أن "حي على خير العمل" ثابتة، ولذلك وجب نقل كلام الإمام الشوكاني ليتضح مذهبه فيها؛ قال - رحمه الله -:

" وَالْحَدِيثُ - أي حديث أبي محذورة - لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، وَقَدْ ذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ إلَى إثْبَاتِهِ، وَأَنَّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالُوا: يَقُولُ مَرَّتَيْنِ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، وَنَسَبَهُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ إلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّة،ِ فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَذِهِ الْمَقَالَةَ بَلْ خِلَافُ مَا فِي كُتُبِ أَهْلِ الْبَيْتِ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: إنَّ الْفُقَهَاءَ الْأَرْبَعَةَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ يَعْنِي فِي أَنَّ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ، وَقَدْ أَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الْإِمَامُ عِزُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْبَحْرِ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ، واحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ بِمَا فِي كُتُبِ أَهْلِ الْبَيْتِ "كآمالي أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى وَالتَّجْرِيدِ، وَالْأَحْكَامِ وَجَامِعِ آلِ مُحَمَّدٍ" مِنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ مُسْنَدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ فِي الْأَحْكَامِ: وَقَدْ صَحَّ لَنَا أَنَّ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَذَّنُ بِهَا، وَلَمْ تُطْرَحْ إلَّا فِي زَمَنِ عُمَرَ، وَهَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي جَامِعِ آلِ مُحَمَّدٍ، وَبِمَا أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ أَحْيَانًا، وَرَوَى فِيهَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنُ أَنَّهُ قَالَ هُوَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ، وَرَوَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي أَحْكَامِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ أَذَّنَ بِذَلِكَ، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: رَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنِ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي أمامه بْنِ سَهْلٍ ألبدري، وَلَمْ يَرْوِ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ أَهْلِ الْبَيْتِ مَرْفُوعًا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: وَقَدْ صَحَّحَ ابْنُ حَزْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وسعيد بن مَنْصُورٍ؛ ثُبُوتَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي أمامه بْنِ سَهْلٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا؛ لَيْسَ بِصَحِيحٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ مَرْفُوعًا قَوْلَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ هُوَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي أُمَامَةَ الرَّفْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ أَدِلَّةِ إثْبَاتِهِ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ بِذِكْرِ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ دَوَاوِينِ الْحَدِيثِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ، قَالُوا: وَإِذَا صَحَّ مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِأَحَادِيثِ الْأَذَانِ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِيهَا، وَقَدْ أَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثًا فِي نَسْخِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ مِنْ طَرِيقٍ لَا يَثْبُتُ النَّسْخُ بِمِثْلِهَا"3.

وإذا نظر الباحث عن الحق إلى كلام الإمام الشوكاني أدرك نفي الإمام لهذه اللفظة الداخلة على الأذان، وتضعيفه لرواياتها.

الراجح:


الراجح من أقوال أهل العلم أن لفظ "حي على خير العمل" لفظ محدث ليس من ألفاظ الأذان الواردة بالتواتر من حديث بلال وأبي محذورة - رضي الله عنه الله عنهما - في الصحيحين وفي غيرهما، وإن صح شيء من هذا عن ابن عمر- رضي الله عنهما - فإنما كان يقوله على سبيل التوكيد أو أحيانا أو في سفره وعلى صحة نسبته إليه فإنه يخرج على ماذكرنا؛ لأن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان شديد الاتباع، متمسك بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل صغيرة وكبيرة، وعلى كلٍ فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله وما علم عنه وعن صحابته الكرام، وما سار عليه التابعون ومن بعدهم من القرون المفضلة إلى يومنا هذا؛ هو الحق الذي ليس بعده إلا الضلال، والنور الذي ليس بعده إلا الظلام.

والخير كل الخير في اتباع من سلف ** والشر كل الشر في ابتداع من خلف

وعلى هذا الأئمة الأربعة وعلماء المسلمين من كل الأقطار، ولم يخالف في ذلك إلا الروافض والشيعة، وبعض الزيدية، ومن باب "وشهد شاهد من أهلها" فقد قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: إنَّ الْفُقَهَاءَ الْأَرْبَعَةَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ يَعْنِي فِي أَنَّ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ، وَقَدْ أَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الْإِمَامُ عِزُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْبَحْرِ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ، وهؤلاء من علماء الزيدية المشاهير4.



وأما رواية الإمام البيهقي - رحمه الله - التي يعتمدون عليها فقد قال البيهقي: "ولم يثبت هذا اللفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما علم بلالاً ولا أبا محذورة، ونحن نكره الزيادة فيه" وإسناده أيضاً فيه مجاهيل كما قال ابن دقيق العيد - رحمه الله - "رجاله مجهولون يحتاج إلى كشف أحوالهم" كما في "تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي.

وقال النووي - رحمه الله -: "يكره أن يقال في الأذان: حي على خير العمل؛ لأنه لم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والزيادة في الأذان مكروهة عندنا"5.

من أين أُدخلت "حي على خير العمل"؟


قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "هم - أي الروافض - زادوا في الأذان شعاراً لم يكن يعرف على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي: "حي على خير العمل"، وغاية ما ينقل إن صح النقل أن بعض الصحابة كابن عمر كان يقول ذلك أحياناً على سبيل التوكيد كما كان بعضهم يقول بين النداءين: حي على الصلاة حي على الفلاح، وهذا يسمى نداء الأمراء، وبعضهم يسميه التثويب، ورخص فيه بعضهم، وكرهه أكثر العلماء،


ورووا عن عمر وابنه وغيرهما كراهة ذلك، ونحن نعلم بالاضطرار أن الأذان الذين كان يؤذنه بلال وابن أم مكتوم في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وأبو محذورة بمكة، وسعد القرظي في قباء؛ لم يكن في آذانهم هذا الشعار الرافضي، ولو كان فيه لنقله المسلمون ولم يهملوه؛ كما نقلوا ما هو أيسر منه، فلما لم يكن في الذين نقلوا الأذان ذكر هذه الزيادة علم أنها بدعة باطلة، وهؤلاء الأربعة كانوا يؤذنون بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنه تعلموا الأذان، وكانوا يؤذنون في أفضل المساجد مسجد مكة، والمدينة، ومسجد قباء، وأذانهم متواتر عند العامة والخاصة"6.

وقد أفتت بهذا اللجنة الدائمة في الفتوى رقم "220" حيث قال السائل: ما حكم قول المؤذن في أذانه "حي على خير العمل"؟

فأجابت اللجنة قائلةً: الأذان عبادة من العبادات، والأصل في العبادات التوقيف، وأنه لا يقال: إن هذا العمل مشروع إلا بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع، والقول بأن هذه العبادة مشروعة بغير دليل شرعي قول على الله بغير علم، وقد قال تعالى:
{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}7،


وقال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}8، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وفي رواية ((من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد))9.

فإذا علم ذلك فالأذان الشرعي الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو خمس عشرة جملة هي:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد ألا إله إلا الله، أشهد ألا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،

هذا هو الثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالاً أن يؤذن به كما ذكر ذلك أهل السنن والمسانيد، إلا في أذان الصبح فإنه ثبت أن مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزيد فيه بعد الحيعلة "الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم"، واتفق الأئمة الأربعة على مشروعية ذلك؛ لأن إقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهذه الكلمة من بلال يدل على مشروعية الإتيان بها، وأما قول المؤذن في أذان الصبح حي على خير العمل فليس بثابت، ولا عمل عليه عند أهل السنة، وهذا من مبتدعات الرافضة، فمن فعله ينكر عليه بقدر ما يكفي للامتناع عن الإتيان بهذه الزيادة في الأذان، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم10.

اللهم فقنا في الدين وعلمنا التأويل، والحمد لله رب العالمين.


1 - رواية ذلك عن ابن عمر رواها البيهقى (ج 1: ص424 و425)، وكذلك عن على بن الحسين ثم قال: "وهذه اللفظة لم تثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما علم بلالاً وأبا محذورة، ونحن نكره الزيادة فيه".

2 - المحلى (ج3 ص160).

3 - نيل الأوطار (ج 2 ص410- 411)

4 - المرجع السابق.

5 - المجموع ج3 ص 98.

6 - منهاج السنة النبوية (ج4 ص 165- ج6ص 294).

7 - سورة الأعراف الآية 33.

8 - الإسراء الآية 36.

9 - صحيح البخاري ومسلم.

10- فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (ج8 ص77).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:38 PM   #11
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الإفطار أم الأذان


الحمد لله الذي بيَّن لعباده الحرام والحلال، وحدَّ لهم حدوداً بينة المعالم، لا غموض فيها ولا إشكال، وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له الملك الكبير المتعال، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أهدي الخلق وأبقاهم لله في المقام والفعال صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان ما تعاقبت الأيام والليالي، وسلم تسليماً.


أما بعد:


الأصل في الإفطار للصائم أن يكون بعد غروب الشمس، وإقبال الليل؛ لقول الله - تعالى -:

{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}(البقرة: 187).


قال الإمام الطبري - رحمه الله -: "وأما قوله :
{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}

فإنه - تعالى ذِكْره - حدَّ الصوم بأن آخر وقته إقبال الليل، كما حدّ الإفطار وإباحة الأكل والشرب والجماع وأول الصوم بمجيء أول النهار، وأول إدبار آخر الليل، فدل بذلك على أن لا صوم بالليل، كما لا فطر بالنهار في أيام الصوم1.


عنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ؛ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ2))

أَيْ: دَخَلَ وَقْت الإِفْطَار لا أَنَّهُ يَصِير مفطراً بغَيْبُوبَة الشمس وإِن لم يتناوَل مُفْطِر3.


ومن السنَّة تعجيل الفطر لمن كان صائماً لحديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
((لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر4))

قال ابن عبد البر - رحمه الله -: من السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، والتعجيل إنما يكون بعد الاستيقان بمغيب الشمس، ولا يجوز لأحد أن يفطر وهو شاكٌ هل غابت الشمس أم لا؟ لأن الفرض إذا لزم بيقين لم يخرج عنه إلا بيقين"5،
وقال النووي - رحمه الله -: "فيه الحث على تعجيل الفطر بعد تحقق غروب الشمس, ومعناه: لا يزال أمر الأمة منتظماً وهم بخير ما داموا محافظين على هذه السنَّة"6.


وأما المؤذن فإذا كان هناك من ينتظر أذانه ليفطر عليه فإنه ينبغي له أن يبادر بالأذان حتى لا يكون سبباً في تأخير الناس لإفطارهم كما يفعل الشيعة من تأخير وقت أذان المغرب حتى تشتبك النجوم في السماء، وفي ذلك مخالفة للسنة واضحة، أما إذا كان فطره على شيء يسير كشربة ماء لن يترتب عليه تأخير الأذان؛ فلا بأس.


وإذا كان المؤذن لا ينتظر أذانه أحد كما لو كان يؤذن لنفسه - كرجل في الصحراء بمفرده -، أو يؤذن لجماعة حاضرين قريبين منه - كجماعة مسافرين -؛ فلا حرج عليه من الفطر قبل الأذان, لأن أصحابه سيفطرون معه ولو لم يؤذن، ولن ينتظروا أذانه.


والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم، وسبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.


1 - تفسير الطبري (3/532).

2 - رواه البخاري (7/54) رقم (1818)؛ وفي السنن الكبرى للبيهقي (4/216)؛ وفي صحيح ابن خزيمة (7/382) رقم (3005)؛ ومسند الحميدي (1/23) رقم (23)0

3 - عون المعبود (5/229)0

4 - رواه البخاري رقم (1856)؛ ومسلم رقم (1098).

5 - التمهيد لابن عبد البر (21/97-98).

6 - شرح صحيح مسلم (7/208).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:38 PM   #12
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

متى يمسك الصائم




الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسول الله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد شرع الله لنا شعيرة الصيام وبين أحكامها، وجعلها واضحة جلية بينة، فلم يعد هناك تساؤل في شيء، فكل أموره واضحة، وكل حكم له دليله، بينه الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه، وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، فلا خفاء ولا التباس في أحكام الدين عموماً وفي أركانه الخمسة خصوصاً.

ولعل سائلاً يسأل متى يمسك الصائم؟ فترد التساؤلات عند بعضٍ من الناس: هل يمسك من بعد السحور؟ أم من الأذان الأول؟ أمن قبل الأذان الثاني بدقائق محدودة؟.


من نعمة الله ورحمته بالأمة أن خفف عنها فجعل الليل في رمضان مجالاً للأكل والمتع المختلفة والقيام بأمر الله، وجعل النهار صياماً، وقد كان في بداية الدعوة الإسلامية إذا نام الرجل في الليل قبل أن يأكل حرم عليه الأكل حتى الليلة القادمة، فكان في ذلك مشقة كبيرة، ثم إن الله من رحمته بالأمة جعل بداية حل تناول المفطرات من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.


فقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فنام قبل أن يفطر، لم يأكل إلى مثلها، وإن قَيْس بن صِرْمة الأنصاري كان صائمًا، وكان يومه ذاك يعمل في أرضه، فلما حَضَر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك. فغلبته عينُه فنام، وجاءت امرأته، فلما رأته نائماً قالت: خيبةً لك! أنمتَ؟ فلما انتصف النهار غُشي عليه، فذُكِر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية:

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ(187)سورة البقرة. إلى قوله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ففرحوا بها فرحًا شديدً1.


فرحوا لأن الآية حددت إمساكية رمضان بأنها تكون حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وقد سأل عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ أَهُمَا الْخَيْطَانِ؟ قَالَ: (إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ) ثُمَّ قَالَ: (لَا، بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ)2.


وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على وجوب الإمساك عن تناول المفطرات للصائم عند سماع الأذان الثاني لصلاة الفجر؛ لحديث عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ)، ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحتَ أَصْبَحْتَ)3.




وعلى كلٍ فوقت الإمساك هو طلوع الفجر، وعلامته أذان الفجر الثاني وهذا ما اتفق عليه الفقهاء، وأما ما كان غير ذلك من احتياطات ووسوسة وغير ذلك فهذا لا أساس له في هذا الباب، ويجب التقيد بالشرع، فكل ما جاء به الشارع الحكيم أمور يقينية لا مجال للنفس والهوى والشكوك في ذلك، وحيث قد تبين الأمر فلا مجال لأدنى شك لدى مؤمن بالله ورسوله وكتابه.


اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا، نسألك اللهم فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، يا رب العالمين.


1 تفسير ابن كثير: (1/510).

2 صحيح البخاري: (4150).

3 صحيح البخاري: (582).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:38 PM   #13
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

متابعة المؤذن عند الإفطار


الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه, وسلَّم تسليماً كثيراً, أما بعد: فقد اختلف العلماء في حكم إجابة المؤذن ومتابعته في كلمات الأذان والصحيح -وهو قول جمهور العلماء- أن متابعته مستحبة غير واجبة, وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة.


قال النووي -رحمه الله-: "مذهبنا أن المتابعة سنة ليست بواجبة، وبه قال جمهور العلماء، وحكى الطحاوي خلافاً لبعض السلف في إيجابها"1. وعن الإمام أحمد أنه قال: "وإن لم يقل كقوله فلا بأس"2.


ويدل على ذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام- لمالك بن الحويرث ومن معه: (إِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ)3.



فهذا يدل على أن المتابعة لا تجب، ووجه الدلالة: أن المقام مقام تعليم، وتدعو الحاجة إلى بيان كل ما يحتاج إليه، وهؤلاء وَفْدٌ قد لا يكون عندهم علم بما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- في متابعة الأذان، فلما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- التنبيه على ذلك مع دعاء الحاجة إليه، وكون هؤلاء وفداً لبثوا عنده عشرين يوما ثم غادروا يدل على أن الإجابة ليست بواجبة، وهذا هو الأقرب والأرجح"4.


وروى مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه أخبره أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يُصَلُّون يوم الجمعة حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون, قال ثعلبة: جلسنا نتحدث, فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا فلم يتكلم منا أحد, قال ابن شهاب: "فخروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام"5.


قال الشيخ الألباني رحمه الله:
"في هذا الأثر دليل على عدم وجوب إجابة المؤذن، لجريان العمل في عهد عمر على التحدث في أثناء الأذان، وسكوت عمر عليه، وكثيراً ما سئلت عن الدليل الصارف للأمر بإجابة المؤذن عن الوجوب؟ فأجبت بهذا"6.


وبناء على ما سبق، فلا إثم على من ترك إجابة المؤذن ولم يتابعه، سواء كان تركه لانشغاله بطعام أو غيره، غير أنه يفوته بذلك الأجر العظيم عند الله تعالى, فقد روى مسلم عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:



(إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ, قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ, ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ, قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ, ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ)7.


فمن هنا ينبغي ألا يفرط المسلم في هذه العبادة لما في ذلك من الفضل والأجر العظيم, وليس ثمَّة تعارض بين تعجيل الفطر والترديد خلف المؤذن؛ فيستطيع الصائم أن يبادر بالفطر بعد غروب الشمس مباشرة، وفي الوقت نفسه يردد خلف المؤذن، فيكون قد جمع بين الفضيلتين: فضيلة المبادرة بالفطر، وفضيلة الترديد خلف المؤذن.


ولم يزل الناس قديماً وحديثاً يتكلمون على طعامهم، ولا يرون الطعام شاغلاً لهم عن الكلام، مع التنبيه أن تعجيل الفطر يحصل بأي شيء يأكله الصائم ولو كان شيئاً يسيراً، كتمرة أو شربة ماء، وليس معناه أن يأكل حتى يشبع, وكذلك يقال أيضاً إذا أذن للفجر الأول أو الثاني وهو يأكل السحور، فيمكن الجمع بين الأمرين بلا مشقة ظاهرة, غير أنه إذا كان المؤذن يؤذن للفجر بعد دخول الوقت، فيجب الكف عن الأكل والشرب عند سماع أذانه.8


ثم بعد الانتهاء من الرد على المؤذن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم ثم يسأل له الوسيلة, لتحل له شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال -صلى الله عليه وسلم-:

(إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ, ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا, ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ, وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ, فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ)9.



وتستحب إجابة المؤذن بالقول مثل قوله لكل من سمعه من متطهر ومحدث وجنب وحائض وغيرهم ممن لا مانع له من الإجابة, ومن أسباب المنع أن يكون في الخلاء أو جماع أهله أو نحوها ومنها أن يكون في صلاة فمن كان في صلاة فريضة أو نافلة وسمع المؤذن لم يوافقه في الصلاة فإذا سلم أتى بمثله.


فلو فعله في الصلاة هل يكره فيه قولان للشافعي ففي أظهرهما يكره لكن لا تبطل صلاته, فلو قال حي على الصلاة والصلاة خير من النوم بطلت صلاته إن كان عالماً بتحريمه؛ لأنه كلام آدمي ولو سمع الأذان وهو في قراءة وتسبيح ونحوهما قطع ما هو فيه وأتى بمتابعة المؤذن, ويتابعه في الإقامة كالأذان10.



والله أعلم,

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين, والحمد لله رب العالمين.





1

2 المغني لابن قدامة (1/256).

3 رواه البخاري (5662) ومسلم (674).

4 انتهى من الشرح الممتع لابن عثيمين (2/75).

5 موطأ الإمام مالك (1/312)

6 تمام المنة للألباني -رحمه الله- (340).

7 رواه مسلم (385).

موقع أذكر الله...8

9 رواه مسلم (384) وانظر: شرح النووي على مسلم (4/85).

10 عمدة القاري
المجموع (3/127).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:39 PM   #14
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الإمساك أثناء أذان الفجر

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على رسوله الأمين, وعلى آله وأصحابه أجمعين, وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:



فالحديث هنا سيكون حول كيفية الجمع بين وجوب الإمساك عن المفطرات لمن نوى الصيام بطلوع الفجر امتثالاً لقول الله تعالى:

وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (187) سورة البقرة,

وبين العمل بالحديث الذي صحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ أي: أذان الفجر وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ)1.


وللإجابة عن هذا التساؤل نقول: بين أهل العلم أنه يلزم الصائم الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق، إلى غروب الشمس, والعبرة بطلوع الفجر لا بالأذان, قال الله تعالى:

وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (187) سورة البقرة,

فمن تيقن طلوع الفجر الصادق لزمه الإمساك، وإن كان في فمه طعام لزمه أن يلفظه، فإن لم يفعل فسد صومه.

وأما من لم يتيقن طلوع الفجر، فله أن يأكل حتى يتيقن, وكذا لو علم أن المؤذن يؤذن قبل الوقت، أو شك أنه يؤذن في الوقت أو قبله، فله أن يأكل حتى يتيقن، والأولى له أن يُمسك بمجرد سماع الأذان, وأما الحديث المذكور، فحمله العلماء على أن المؤذن كان يؤذن قبل طلوع الفجر.

قال النووي -رحمه الله-: "ذكرنا أن من طلع الفجر وفي فيه أي: في فمه طعام فليلفظه ويتم صومه, فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل صومه, وهذا لا خلاف فيه, ودليله حديث ابن عمر وعائشة -رضي الله عنهم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

(إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ)2. رواه البخاري ومسلم وفي الصحيح أحاديث بمعناه.

وأما حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ) وفي رواية: "وَكَانَ الْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ إِذَا بَزَغَ الْفَجْرُ"3, فروى الحاكم أبو عبد الله الرواية الأولى4,

وقال: هذا صحيح على شرط مسلم, ورواهما البيهقي5،

ثم قال: وهذا إن صح محمول عند عوام أهل العلم على أنه -صلى الله عليه وسلم- علم أنه ينادي قبل طلوع الفجر, بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر.

قال: وقوله: "إِذَا بَزَغَ الْفَجْرُ" يحتمل أن يكون من كلام من دون أبي هريرة، أو يكون خبراً عن الأذان الثاني, ويكون قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ) خبراً عن النداء الأول، ليكون موافقاً لحديث ابن عمر وعائشة -رضي الله عنهم- قال: وعلى هذا تتفق الأخبار6.

وذكر ابن القيم -رحمه الله- في تهذيب السنن أن بعض السلف أخذ بظاهر الحديث المذكور وأجازوا الأكل والشرب بعد سماع أذان الفجر، ثم قال: "وذهب الجمهور إلى امتناع السحور بطلوع الفجر, وهو قول الأئمة الأربعة, وعامة فقهاء الأمصار, وروى معناه عن عمر وابن عباس, واحتج الأولون بقول النبي -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّن اِبْن أُمّ مَكْتُوم),

ولم يكن يؤذن إلا بعد طلوع الفجر" كذا في البخاري, وفي بعض الروايات: "وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ, أَصْبَحْتَ"7, قالوا وإن النهار إنما هو من طلوع الشمس.

واحتج الجمهور بقوله تعالى:
وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (187) سورة البقرة,

وبقول النبي -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّن اِبْن أُمّ مَكْتُوم)8, وَبِقَوْلِهِ: (الْفَجْر فَجْرَانِ, فَأَمَّا الأَوَّل فَإِنَّهُ لا يُحَرِّم الطَّعَام، وَلا يُحِلّ الصَّلاة, وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ يُحَرِّم الطَّعَام، وَيُحِلّ الصَّلاة)9. انتهى"10.

وقد وردت آثار عن بعض السلف، تدل على إباحة الأكل للصائم، حتى يتيقن طلوع الفجر، وأورد ابن حزم -رحمه الله- منها جملة كثيرة، ومنها: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يقول: "إذا شك الرجلان في الفجر فليأكلا حتى يستيقنا", وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أحل الله الشراب ما شككت; يعني في الفجر", وعن مكحول قال: رأيت ابن عمر أخذ دلواً من زمزم وقال لرجلين: أطلع الفجر؟ قال أحدهما: قد طلع, وقال الآخر: لا; فشرب ابن عمر, وقال ابن حزم معلقاً على الحديث المذكور وجملة من الآثار المشابهة: "هذا كله على أنه لم يكن يتبين لهم الفجر بعد; فبهذا تتفق السنن مع القرآن"11.

ولاشك أن أكثر المؤذنين اليوم يعتمدون على الساعات والتقاويم، لا على رؤية الفجر، وهذا لا يعتبر يقيناً في أن الفجر قد طلع، فمن أكل حينئذٍ، فصومه صحيح، لأنه لم يتيقن طلوع الفجر، والأولى والأحوط أن يمسك عن الأكل.

وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ما نصه: "ما الحكم الشرعي في صيام من سمع أذان الفجر واستمر في الأكل والشرب؟

فأجاب -رحمه الله-: "الواجب على المؤمن أن يمسك عن المفطرات من الأكل والشرب وغيرهما إذا تبين له طلوع الفجر، وكان الصوم فريضة كرمضان وكصوم النذر والكفارات؛ لقول الله عز وجل-:

وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ (187) سورة البقرة,

فإذا سمع الأذان وعلم أنه يؤذن على الفجر وجب عليه الإمساك, فإن كان المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر، لم يجب عليه الإمساك، وجاز له الأكل والشرب حتى يتبين له الفجر, فإن كان لا يعلم حال المؤذن هل أذن قبل الفجر أو بعد الفجر، فإن الأولى والأحوط له أن يمسك إذا سمع الأذان، ولا يضره لو شرب أو أكل شيئاً حين الأذان لأنه لم يعلم بطلوع الفجر.

ومعلوم أن من كان داخل المدن التي فيها الأنوار الكهربائية لا يستطيع أن يعلم طلوع الفجر بعينه وقت طلوع الفجر، ولكن عليه أن يحتاط بالعمل بالأذان والتقويمات التي تحدد طلوع الفجر بالساعة والدقيقة، عملاً بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ)12, وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ)13,14.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما نصه: "قلتم حفظكم الله إنه يجب الإمساك بمجرد سماع المؤذن، ويحدث ومن عدة سنوات أنهم لا يمسكون عن الطعام حتى نهاية الأذان، فما حكم عملهم هذا؟

فأجاب فضيلته بقوله: الأذان لصلاة الفجر إما أن يكون بعد طلوع الفجر أو قبله، فإن كان بعد طلوع الفجر فإنه يجب على الإنسان أن يمسك بمجرد سماع النداء؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنَّ بِلالاً كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ)15,
فإذا كنت تعلم أن هذا المؤذن لا يؤذن إلا إذا طلع الفجر فأمسك بمجرد أذانه، أما إذا كان المؤذن يؤذن بناء على ما يعرف من التوقيت، أو بناء على ساعته فإن الأمر في هذا أهون.
وبناء على هذا نقول لهذا السائل: إن ما مضى لا يلزمكم قضاؤه، لأنكم لم تتيقنوا أنكم أكلتم بعد طلوع الفجر، لكن في المستقبل ينبغي للإنسان أن يحتاط لنفسه، فإذا سمع المؤذن فليمسك"16.

وقال الشيخ ابن عثيمين أيضاً -رحمه الله- منبهاً على ما يقال عن التقويم وعدم دقته: "لأن بعض الناس الآن يشككون في التقويم الموجود بين أيدي الناس، يقولون: إنه متقدم على طلوع الفجر، وقد خرجنا إلى البر وليس حولنا أنوار، ورأينا الفجر يتأخر، حتى بالغ بعضهم وقال: يتأخر ثلث ساعة, لكن الظاهر أن هذا مبالغة لا تصح، والذي نراه أن التقويم الذي بين أيدي الناس الآن فيه تقديم خمس دقائق في الفجر خاصة، يعني لو أكلت وهو يؤذن على التقويم فلا حرج، إلا إذا كان المؤذن يحتاط ويتأخر، فبعض المؤذنين جزاهم الله خيراً يحتاطون ولا يؤذنون إلا بعد خمس دقائق من التوقيت الموجود الآن، وبعض جهَّال المؤذنين يتقدمون في أذان الفجر، زعماً منهم أن هذا أحوط للصوم، لكنهم ينسون أنهم يهملون ما هو أشد من الصوم وهو صلاة الفجر، ربما يصلي أحد قبل الوقت بناء على أذانهم، والإنسان إذا صلى قبل الوقت ولو بتكبيرة الإحرام، ما صحت صلاته.."17.18.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, والحمد لله رب العالمين.


1 رواه أبو داود (2350) وأحمد (10637) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (607).

2 رواه البخاري (597) ومسلم(1092).

3 رواية الإمام أحمد (10638).

4 المستدرك على الصحيحين (642).

5 سنن البيهقي الكبرى (7809).

6 المجموع للنووي (ج 6/ ص 311-312).

7 رواية البخاري (592).

8 سبق تخريجه.

9 رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنه (1990) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (693).
10حاشية ابن القيم (ج 6/ ص 341).

11 المحلى لابن حزم (ج 6/ ص 232-233).

12 رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3194).

13 رواه البخاري (52) ومسلم (1599).

14 نقلاً عن "فتاوى رمضان" جمع: أشرف عبد المقصود (ص 201).

15 سبق تخريجه.

16 نقلاً عن "فتاوى رمضان" (ص 204).

17 من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (ج 19 سؤال رقم 772) . والله أعلم.

18 مستفاد بتصرف من موقع الإسلام سؤال وجواب.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:40 PM   #15
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

مؤذنو النبي - صلى الله عليه وسلم -


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

إن الأذان يوم أن كان في أول مهده قام به رجال حق القيام، فأعطوه حقه من الاهتمام لأن اختيارهم كان موفقاً، ولم لا يكون كذلك وقد قام بالاختيار المعصوم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فجعل - كما يقال - الرجل المناسب في المكان المناسب، فكان مؤذنوه أربعة كما ذكر ذلك ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "فصل في مؤذنيه - صلى الله عليه وسلم -: وكانوا أربعة: اثنان بالمدينة: بلال بن رباح، وهو أول من أذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعمرو بن أم مكتوم القريش العامري الأعمى، وبقباء سعد القرظ مولى عمار بن ياسـر، وبمكـة أبو محذورة واسمه أوس بن مغيرة الجمحي"1،


وقال الصفدي - رحمه الله تعالى -: "وكان بلال بن رباح المؤذن، وكذلك عمرو بن قيس الأعمى المدعو ابن أم مكتوم، وأبو محذورة أقرَّه مؤذناً بمكة، وسعد القرض مؤذنٌ بالمدينة"2،

ولعلنا نعلم شيئاً عن هؤلاء الذين شرفت بهم الأمة فرفعوا شعارها، وصدحوا بأذانها.

أولهم "بلال بن رباح الحبشي المؤذن، وهو بلال بن حمامة وهي أمه، اشتراه أبو بكر الصديق من المشركين لما كانوا يعذبونه على التوحيد، فأعتقه فلزم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأذن له، وشهد معه جميع المشاهد، وآخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، ثم خرج بلال بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - مجاهداً إلى أن مات بالشام، ...

وكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره، ثم يقول: لا يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد، فيقول وهو في ذلك: أحد أحد، فمر به أبو بكر فاشتراه منه بعبد له أسود جلد، قال البخاري: مات بالشام زمن عمر، وقال ابن بكير: مات في طاعون عمواس، وقال عمرو بن علي: مات سنة عشرين، وقال ابن زبر: مات بداريا، وفي المعرفة لابن منده أنه دفن بحلب"3.

والثاني "عمرو بن أم مكتوم القرشي، ويقال اسمه عبد الله وعمرو أكثر، وهو ابن قيس بن زائدة بن الأصم، ومنهم من قال عمرو بن زائدة لم يذكر قيساً، ومنهم من قال قيس بدل زائدة، وقال ابن حبان من قال ابن زائدة نسبةً لجده، ويقال كان اسمه الحصين فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله، ...

وكان من المهاجرين الأولين، قدم المدينة قبل أن يهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستخلفه على المدينة في عامة غزواته يصلي بالناس، وقال الزبير بن بكار خرج إلى القادسية فشهد القتال، واستشهد هناك، وكان معه اللواء حينئذ، وقيل: بل رجع إلى المدينة بعد القادسية فمات بها، وقال ابن عبد البر: روى جماعة من أهل العلم بالنسب والسير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف بن أم مكتوم ثلاث عشرة مرة في الأبواء، وبواط، وذي العشيرة، وغزوته في طلب كرز بن جابر، وغزوة السويق، وغطفان، وفي غزوة أحد، وحمراء الأسد، ونجران، وذات الرقاع، وفي خروجه من حجة الوداع، وفي خروجه إلى بدر، ثم استخلف أبا لبابة لما ردَّه من الطريق، وهو المذكور في سورة عبس وتولى، ونزلت فيه غير أولي الضرر، لما نزلت "لا يستوي القاعدون" أخرجه البخاري4، والله أعلم"5.

والثالث "سعد بن عائذ المؤذن، مولى عمار بن ياسر المعروف بسعد القرظ، له صحبة، وإنما قيل: له سعد القرظ؛ لأنه كان كلما اتجر في شيء وضع فيه، فاتجر في القرظ فربح، فلزم التجارة فيه"6،

"جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذناً بقباء، فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وترك بلال الآذان؛ نقل أبو بكر - رضي الله عنه - سعد القرظ هذا إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل يؤذن فيه إلى أن مات، وتوارث عنه بنوه الآذان فيه إلى زمن مالك وبعده أيضاً، وقد قيل: إن الذي نقله من قباء إلى المدينة للآذان عمر بن الخطاب، وقيل إنه كان يؤذن للنبي - صلى الله عليه وسلم -، واستخلفه بلال على الآذان في خلافة عمر حين خرج بلال إلى الشام، وقيل: انتقله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال خليفة بن خياط: أذن لأبي بكر سعد القرظ مولى عمار بن ياسر، هو كان مؤذنه إلى أن مات أبو بكر، وأذن بعده لعمر بن الخطاب - رضي الله عنهم -"7، "قال أبو أحمد العسكري: عاش سعد القرظ إلى أيام الحجاج"8.

والرابع "أوس ابن معير بن لوذان بن ربيعة بن عريج بن سعد بن جمح أبو محذورة القرشي الجمحي، مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة بعد الفتح، غلبت عليه كنيته، وقد اختلف في اسمه فقيل: ما ذكرناه، وهو قول ابن منيع عن الزبير بن بكار، وقيل: سمرة، وقيل: إن أوساً اسم أخي أبي محذورة، وفيه نظر، والأول أكثر، والصحيح أن أخاه اسمه أنيس قتل يوم بدر كافراً، قاله الزبير وهشام الكلبي"9،

"وجاء أن أبا محذورة - رضي الله عنه - قال: خرجت في نفر عشرة، فكنا في بعض الطريق حين قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حنين، فأذن مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة عنده، فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون، فصرخنا نحكيه، ونستهزيء به، فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصوت، فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه، فقال: أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا، فأرسلهم وحبسني، ثم قال: قم فأذن بالصلاة فقمت، ولا شيء أكره إليَّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا مما يأمرني به، فقمت بين يديه، فألقى علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التأذين هو بنفسه، فقال: قل الله أكبر الله أكبر فذكر الأذان، ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصيتي، ثم من بين ثديي، ثم على كبدي، حتى بلغت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرتي، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بارك الله فيك، وبارك الله عليك))، فقلت: يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة، قال: ((قد أمرتك به))، وذهب كل شيء كان في نفسي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كراهة، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكر تمام الخبر"10،

"قال الزبير: كان أبو محذورة أحسن الناس أذاناً، وأنداهم صوتاً، قال له عمر يوماً وسمعه يؤذن: كدت أن ينشق مريطاؤك، قال: وأنشدني عمي مصعب لبعض شعراء قريش في أذان أبي محذورة:

أما ورب الكعبة المستورة ** وما تلا محمد من سوره
والنغمات من أبي محذورة ** لأفعلن فعلة مذكـوره

قال الطبري: توفي أبو محذورة بمكة تسع وخمسين وقيل سنة تسع وسبعين، ولم يهاجر، ولم يزل مقيماً بمكة حتى توفي"11.

هذا ونسأل الله - تعالى - أن يجمعنا بهم جنات النعيم، وأن يرزفنا علماً نافعاً، وعملاً متقبلاً، والحمد لله رب العالمين.


1 زاد المعاد (1/120).

2 الوافي بالوفيات (1/43).

3 الإصابة في تمييز الصحابة (1/326).

4 البخاري (2676).

5 انتهى من الإصابة في تمييز الصحابة (4/601).

6 تهذيب الكمال (10/275).

7 الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/178).

8 الإصابة في تمييز الصحابة (3/65).

9 أسد الغابة (1/94).

10 الاستيعاب (1/564)، وأصل الحديث في صحيح مسلم (379).

11 الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/64).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:40 PM   #16
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

التشاح في الأذان و الإقامة


الحمد لله ما حمده الذاكرون الأبرار، والصلاة والسلام على النبي المصطفى المختار، وعلى آله وصحبه نجوم الدنيا والسادة الأخيار، أما بعد:

فإن من الأعمال الفاضلة التي يتسابق أهل الإسلام إليها، ويتنافس أبناء الآخرة عليها هي: الأذان؛ وذلك لما جاء في فضله من المقامات العالية، والأجور العظيمة السامية التي تدفع أصحاب القلوب القاصدة وجه الكريم للحرص عليه نيلاً للأجر، وتحصيلاً للفضل، وقد يصل الأمر بينهم إلى حد التشاح والاستيثار كلٌ يسعى ليكون له سابقة القدم في ذلك، لهفاً لما أعده الله لعباده من النزل، وطمعاً في ابتغاء الفضل والشرف وأعلى المثل، وما تشاجرهم على الأذان في القادسية، واختصامهم إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - إلا مؤكد وشاهد على ذلك.

فما حكم هذا التشاح، ومن يقدم والحالة هذه؟

هذا ما سنـتناوله من خلال الآتي:

أولاً: ما المراد بالتشاح:


التشاح لغة: أصله من الشح، والشح: البخل مع حرص، يقال: تشاح الرجلان على الأمر: حرص كل منهما على أن لا يفوته1.

وفي الاصطلاح: هو تنازع جماعة على أمر لا يريد كل واحد منهم أن يفوته على نفسه.
وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: التشاح في الأذان.

فإذا تنازع رجلان أو أكثر على الأذان، ولم يكن للمسجد مؤذن راتب، أو كان له مؤذنون وتنازعوا في الابتداء؛ فإنه يقدم أفضلهم في الخصال المعتبرة في التأذين، فيقدم من كان أعلى صوتاً وأحسن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن زيد: ((فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتاًً منك))2، وقدم أبا محذورة لصوته.

وكذلك يقدم من كان صيتاً، وأبلغ في معرفة الوقت، وأشد محافظة عليه؛ لأنه مؤتمن، ويقدم أيضاً أفضلهم ديناً وعقلاً لحديث: ((ليؤذن لكم خياركم...))3.


كل ما تقدم هو باتفاق جمهور الفقهاء في الجملة، وليس عند الأحناف نص صريح في هذه المسألة، وتفصيل ما ذكر عند فقهاء الحنابلة4.

فإن تساووا في تلك الصفات فللفقهاء قولان فيمن يقدم:

القول الأول:

أنه يقرع بينهم، وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية، ورواية عند الحنابلة5.

واستدلوا من السنة بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا...))6.


وقالوا أن وجه الدلالة في الحديث: أن قوله: ((ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا)) أي لم يجدوا شيئاً من وجوه الأولوية من شرائط المؤذن وتكملاته7، فدل على أنه عند التساوي في شروط المؤذن وتكملاته يلجأ إلى القرعة.

ومن الآثار: ما روي أنه "تشاجر الناس في الأذان بالقادسية8 فاختصموا إلى سعد فأقرع بينهم"9.

القول الثاني:


أنه يقدم من يختاره الجيران، فإن استووا يقرع بينهم، وهو رواية عند الحنابلة هي المذهب10.

وقالوا أن من المعقول:
- أن الناس أعلم بمن يبلغهم صوته، ومن هو أعف عن النظر11.

- أن الناس لو تشاحوا في عمارة المسجد كان أهل المسجد أحق فكذا ثمرته12.

الترجيح:

والذي يظهر - والله أعلم - أن الخلاف يكاد يكون خلافاً لفظياً، لأن الفريقين متفقان على الاقتراع عند التشاح، إلا أن أصحاب القول الثاني قالوا بتقديم من يختاره الجيران على الاقتراع، ولا شك أن اختيار الجيران سيكون لمن هو أفضل في الصفات المعتبرة للأذان، وهذا ظاهر من استدلالهم حيث قالوا: لأن الناس أعلم بمن يبلغهم صوته، ومن أعف عن النظر، وهي من الصفات المطلوبة في المؤذن.

ثانياً: التشاح في الإقامة:


إذا تشاح جماعة على الإقامة فمن أذن أولاً أولى به13 لأنه بتقدمه استحق الإقامة، فأذان الثاني بعده لا يسقط ما ثبت للأول14إلا أن يكون المؤذن الراتب غيره، فالراتب أولى بالإقامة15.

نسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويعلمنا التأويل، ويجعل علمنا وعملنا خالصاً لوجهه الكريم إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله وبارك وسلم على النذير البشير، والحمد لله رب العالمين.




1 معجم الفقهاء 1/131.

2 رواه أبو داود برقم (421)، وأحمد برقم (15882).

3 رواه أبو داود برقم (499)، وابن ماجه برقم (718).

4 الذخيرة 2/50، مواهب الجليل 1/ 453، المجموع 3/ 88، 89، المغني 2/ 90.

5 المجموع 3/ 88-89، مواهب الجليل 1/ 453، المستوعب 2/ 69

6 رواه البخاري برقم (580)، ومسلم برقم (661).

7 فتح الباري (2/115).

8 القادسية : موضع بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخاً، وبهذا الموضع كانت معركة بين المسلمين والفرس في أيام عمر بن الخطاب سنة 16هـ (معجم البلدان للحموي 4/ 331).

9 ذكره البخاري معلقاً في الصحيح، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى.

10 المغني 2/90.

11 المصدر السابق.

12 الفروع 1/279.

13 روضة الطالبين 1/ 206.

14 حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج 1/ 312.

15 مغني المحتاج 1/ 140.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:41 PM   #17
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

التفضيل بين الأذان والإمامة والأذان والإقامة

الحمد لله رب العالمين أمر أن لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين، والصلاة والسلام على محمد الصادق الأمين،وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.


أمَّا بعدُ:


إننا وفي موضوع سابق بعنوان"فضل الأذان" تكلمنا عن فضل الأذان, وأنه من أفضل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله-عزوجل-، ونظراً لما ورد فيه من فضل عظيم فقد اختلف الفقهاء في أيّهما أفضل، الأذان أم الإمامة؟.


اختلف الفقهاء في التفضيل بين الأذان والإمامة أيهما أفضل، على قولين:


القول الأول:
أن الأذان أفضل من الإمامة،وهو الراجح عند الشافعية ومذهب الحنابلة(1).
أدلة أصحاب هذا القول:


أولاً: من الكتاب:


قوله-سبحانه وتعالى-:{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }(فصلت:33) .
ووجه الاستشهاد أنَّ الآية الكريمة فُسِّرتْ بأنَّ المقصودَ بالدَّاعي هنا هم المؤذِّنون(2).


ثانياً: من السنة:


1- حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قالالإمَامُ ضَامِنٌ والمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ،اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئمَّةَ,واغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ)(3).
وجه الدلالة أنَّ الحديثَ دلَّ على أنَّ الأذانَ أفضلُ من الإمامةِ،وذلكَ من وجهينِ:


الأول:

أن الأمانة أعلى من الضمان(4)، فالأمين أحسن حالاً من الضمين؛ لأن الأمين متطوّع بعمله، والضامن من يجب عليه فعل ذلك(5).


الثاني:

أن المغفرة أعلى من الإرشاد(6)، فدعا للإمام بالرشد لخوفه من زيغه ودعا للمؤذن بالمغفرة لعلمه بسلامة حاله(7).


2- عن معاوية–رضي الله عنه-,قال:سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقولالمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)(8)وغيرها من الأحاديثِ التي تقدمة في فضلِ الأذانِ.



وجه الدلالة من هذه الأحاديثِ أنها دلّتْ على فضائل عظيمةٍ للأذان والمؤذنين،ولم يرد للإمامة مثل هذه الفضائلِ.(9)


القول الثاني: أنَّ الإمامة أفضلُ من الأذان،وهو قول الحنفية والمالكية ووجه للشافعية,ورواية عند الحنابلةِ(10).


أدلة أصحاب هذا القول:


استدلَّ القائلون بأنَّ الإمامةَ أفضلُ من الأذانِ، بما يلي:


1- حديث مالك بن الحُويرث-رضي الله عنه-,قال لنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أكبرُكم)(11).
ووجه الدلالة من هذا الحديث أن الإمامة يختار لها مَن هُو أكملُ حالاً وأفضل،واعتبار فضيلة منزلته(12)،في حين أنه لم يشترط في المؤذن شرطاً(13)


2- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- والخلفاء من بعده كانوا أئمّة ولم يكونوا مؤذنين، وقد واظبوا على الإمامة، وهم لا يختارون من الأمور إلّا أفضلها، وكذا كبار العلماء بعدهم(14).



وبعد أن ذكرنا كلا القولين مع الأدلة لكل قول يتبين أن القول الأول هو الراحج، وذلك لعدة أمور:


1- ورود الأحاديث الدالَّة على فضل الأذان.


2- أن الأذان علامة على الوقت فهو أكثر نفعاً من الإمامة(15)


3- كون الأذان أكثر مشقَّة من الإمامة(16).


4- أن التعليل بأن الرسول-صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين أمُّوا ولم يؤذنوا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية:"وأما إمامته-صلى الله عليه وسلم- وإمامة الخلفاء الراشدين، فكانت متعيّنة عليهم فإنها وظيفة الإمام الأعظم ولم يكن يمكن الجمع بينها وبين الأذان، فصارت الإمامة في حقّهم أفضل من الأذان،لخصوص أحوالهم،وإن كان لأكثر الناس الأذان أفضل"17.


أما الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله- يقول: "والأذان من أفضل الأعمال، وهو أفضل من الإمامة، يعني أن مرتبة المؤذن في الأجر أفضل من مرتبة الإمام؛ لأن المؤذن يعلن لتعظيم الله وتوحيد الله، والشهادة للرسول بالرسالة، وكذلك أيضاً يدعو الناس إلى الصلاة والفلاح في اليوم والليلة خمس مرات أو أكثر، والإمام لا يحصل منه ذلك، والمؤذن لا يسمع صوته شجر ولا حجر ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة؛ ولهذا كان الأذان مرتبته في الشرع أعلى من مرتبة الإمامة"(18)



التفضيل بين الأذان والإقامة:


اختلف الفقهاء في التفضيل بين الأذان والإقامة،كما اختلفوا في التفضيل بين الأذان والإمامة,وهذا ليسَ غريباً على الفقهاء؛ لأنَّ مثل هذه الأمورَ التي لم يرد فيها نصٌّ واضحٌ أن تختلف الأقوال كل بما يفهمه من النصوص الواردة في فضله،فمن البديهي أن يختلفوا في هذه المسألة مع أنها من جنس الأذان، وألفاظها متقاربة، وإنما كان الأذان إعلاماً للصلاة للتهيؤ لها، والإقامة للدخول والإحرام بها.


فالمسألة اختلف الفقهاء فيها على قولين:



القول الأول:

أن الإقامة أفضل من الأذان. وهذا قول الحنفية، وبعض المالكية، باعتبار أنها آكد من الأذان؛ولأنه يسقط في مواضع دون الإقامة كما في حق المسافر، وما بعد أولى الفوائت وثانية الصلاتين بعرفة،و لاتصالها بالصلاة، وبطلان الصلاة على القول بتركها عمداً(19)


القول الثاني:

أن الأذان أفضل من الإقامة. وهذا القول قال به بعض المالكية، والمصرّح به عند الحنابلة، باعتبار أنه شعار الإسلام، ويجب في المصر، وهو أكثر ألفاظاً وأبلغ في الإعلام(20).


وفي آخر هذا المبحث الصغير "يتبين أن القول القائل بأن الأذان أفضل من الإقامة هو الراحج وذلك لوجاهة ما استدلّوا به"(21).






وختاماً:




فإن مثل هذا الإختلاف هو من الرحمة بالمسلمين، وإنَّ ترك ورود النص الصريح في مثل هذه الأشياء (أي التفضيل بين الأذان والإقامة وغيرها)كان له حكمة بالغة وهي ترك المجال لأهل العلم لكي ينظروا في مدلولات وأبعاد هذه النصوص، فكل يفهم فهمه،فتختلف الآراء، فيذهب كل منهم إلى ما رآه واقتنعت به نفسه،فلم يكن ذلك يغير لهم وداً ولا صحبة,بل كانوا إخوة متحابين يأخذ كل منهم العلم عن الآخر, وإن كان مخالفاً له في بعض المسائل الاجتهادية،فهذه رحمة من الله-سبحانه وتعالى-،ثم إن من الحكمة أن البشر بطبيعتهم الاختلاف لاختلاف قدراتهم في الفهم ولاستنباط.



وفق الله الجميع لما فيه الخير والصواب.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
والحمد لله رب العالمين


1 - راجع كتاب الأم (1/159)، وكتاب المغني (2/54).


2 - راجع: كتاب المجموع(3/84-85).

3 - رواه أبو داود- (527). والترمذي(207).وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم(2787).

4 - نهاية المحتاج(1/310).

5 -راجع المجموع(3/86).

6 - راجع كتاب المغني(2/54).

7 - مغني المحتاج(1/138-139).

8 - صحيح مسلم(1/242)(387). كتاب الصلاة، باب فضل الأذان.

9 - راجع: أحكام الأذان والإقامة ص(58).

10 - انظر : فتح القدير(1/255)، مغني المحتاج(1/138-139).

11 - البخاري(628)، ومسلم (674).

12 - انظر : المغني (2/54).

13 - انظر : سبل السلام (2/417).

14 - راجع: فتح القدير(1/255).

15 - راجع: كتاب نهاية المحتاج.(1/310).

16 - راجع: كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين(2/37).

17 - راجع: الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ص40

18 - راجع: شرح رياض الصالحين (3/141).

19 - راجع: حاشية رد المحتار لابن عابدين(1/388). وكتاب مواهب الجليل للحطاب(1/461).نقلاً عن كتاب"أحكام الأذان والإقامة"ص(62).

20 - مواهب الجليل للحطاب(1/461).

21 - راجع: كتاب أحكام الأذان والإقامة" ص(62).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:41 PM   #18
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

"الله أكبر" أول كلمة في الأذان لماذا؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

ينشغل الناس كثيراً بأعمالهم، هذا قد أهمّه الكسب وإدخال المال، وآخر قد انشغل بولده؛ بأكله وشربه ولباسه، وثالث مشغول بزوجه وما تطلب، ورابع مهموم كيف يسوس من تحته، وخامس وسادس {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}

كلٌ قد كبر همه، وتجمَّع عليه من شغل الدنيا ما تجمَّع، وبينما هم على أحوالهم تلك إذ بصوت يصدح في السماء يقطع عليهم كل تفكير، صوت له أثره في النفوس، وصداه في الأرواح، ورهبة في القلوب الحية، وتردُّدٌ في الأذهان، إنه صوت الأذان، وليس ذلك فقط بل إنه النداء الذي يبدأ ببيان ما الذي يجب أن يكون كبيراً في نفوسنا؟، ما الذي لا ينبغي ألا يكبر عليه شيء لا الأموال، ولا الأبناء، ولا الزوجات، لا أمانٍ زائفات، ولا آراء فاسدات، ولا أفكار سيئات، الله أكبر هي التي لا بد أن تجلجل فوق جميع المنارات، منارات المساجد، ومنارات القلوب، ومنارات التفكير، ومنارات الاهتمامات، ولا بد أن يستقر في النفوس أن الله أكبر من كل شيء ..

رأيت الله أكبر كل شيء***محاولةً وأكثـرهم جنوداً

الله أكبر من كل شيء، حتى ما تنشغل به الآن مما قد أخذ كل لبك؛ فإن الله أكبر منه لأنه بيده مقاليد السماوات والأرض {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}2،

وانظر إلى حال حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - الذي كان لا يشغله شاغل عن إجابة الداعي إذ جاء عن الأسود قال: سألت عائشة - رضي الله عنها -: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: "كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله -: فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة"3.

ولقد علَّمنا السلف الصالح أن الله أكبر من كل شيء، وهم إذ فعلوا ذلك فإنهم لم يعلمونا بالكلام فقط بل سطروا ذلك بالأقوال والأفعال، ونحتوا ذلك على صفحات التاريخ، وبينوا كيف أن الله - تعالى - كبير عندهم قال صاحب الإحياء:

"وقد جاء في تفسير قوله - تعالى -: {لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ}4

أنهم كانوا حدادين وخرازين، فكان أحدهم إذا رفع المطرقة أو غرز الإشفى فسمع الأذان؛لم يخرج الإشفى من المغرز، ولم يوقع المطرقة، ورمى بها، وقام إلى الصلاة"5، وليس هذا فحسب بل كان للأذان في قلوبهم أثر خاص قال صاحب الياقوتة: "وكان أبو عمران الجوني إذا سمع المؤذن تغير، وفاضت عيناه، وكان أبو بكر النهشلي إذا سمع الأذان تغير لونه، وأرسل عينيه بالبكاء"6.

وما نراه اليوم للأسف الشديد هو ما وصلت الدنيا إليه من منزلة في قلوب كثير من المسلمين، فما كبر في قلوبهم إلا الدينار والدرهم، والأزواج والأولاد، والتجارة والمساكن، وهذا ما حذر منه الله - عز وجل - في كتابه الكريم

فقال - تعالى -:
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}
فإنه إذا وُجِدَ الحب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فلن يقدم شيء من متاع الدنيا على ما أوجب الله - تعالى -، وما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى وصل الأمر بالبعض مع تركه لأمر الله - عز وجل - إلى العبودية لغير الله - نسأل الله العافية - فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض))8.

وعندما تصبح الدنيا أكبر الهم يفرِّط الكثيرون في جنب الله، فتراهم لا يجيبون النداء، فيضيعون الآخرة لاهثين وراء الدنيا، فلا يحصلون من الدنيا على ما أرادوا، ولا هم فازوا في الآخرة فعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
((من كانت الدنيا همَّه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته؛ جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة))9.

ولعلنا الآن أدركنا بعض ما تعني كلمة "الله أكبر"، وموقف المسلمين منها، حيث منهم المفرط الذي لم يؤدي مقاصدها، ومنهم - ولله الحمد - من علم معناها، وأعطاها قدرها، وقام بواجبها، فلا ينشغل عند سماعها إلا بها، ولا يهتم إلا بإجابتها، فليكن ما يتجلجل في صدرك، ويتردد بين جوارحك؛ هو صدى هذه الكلمة "الله أكبر"، حتى تحيي روحك بالاستجابة لأمر الله - تعالى -:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}10،

والحمد لله رب العالمين.


1 سورة يس (40).

2 سورة الشورى (12).

3 البخاري (644).

4 سورة النور (37).

5 إحياء علوم الدين (2/85).

6 الياقوتة (1/43).

7 سورة التوبة (24).

8 البخاري (5955).

9 ابن ماجه (4095)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (3313).

10 سورة الأنفال (24).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:42 PM   #19
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

جزم الأذان والإقامة


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، و على آله وصحبه ومن وآلاه:

أما بعد:

فمسائل الأذان متشعبة تناولها العلماء قديماً وحديثاً، بما يروي ظمأ اللهف للعلم، ويشبع نفس الناهم للفائدة ومن تلك المسائل هذه التي بين أيدينا وسنتناولها من ثلاثة فروع:

الفرع الأول : تعريف الجزم لغة واصطلاحاً:

فالجزم في اللغة:

القطع، يقال: جزمت الشيء أجزمه جزماً: قطعته، ومنه جزم الحرف، وهو في الإعراب كالسكون في البناء.1

وفي الاصطلاح:

عرف بعض فقهاء المذاهب الجزم في الأذان، وكانت عباراتهم مختلفة الألفاظ ولكن المعنى واحد، وهذه بعض النقولات عنهم:

فالحنفية قالوا: تسكين كلمات الأذان على الوقف.2

والمالكية: يجزم آخر كل جملة من الأذان ولا يصلها بما بعدها.3

والشافعية: معناه لا يمد ولا يعرب، بل يسكن آخره.4

والحنابلة: لا يصل الكلام بعضه ببعض معرباً بل جزماً.5

وبعد هذه النقولات يتضح أن مراد الفقهاء بجزم الأذان، هو:
أن يقف المؤذن عند نهاية كل جملة من جمل الأذان بتسكين الحرف الأخير من الجملة، ولا يصل الجملة بالتي بعدها.

الفرع الثاني: حكم جزم الأذان والإقامة:

اتفق الفقهاء - رحمهم الله - على أن الجزم من سنن الأذان وآدابه،6وذلك؛ لأن المطلوب في الأذان الترسل وهو التأني والتمهل فكان الجزم منه.

واختلفوا في استحبابه في الإقامة على قولين :

القول الأول: أنه لا يستحب فيها الجزم بل هي معربة، وهو رأي للحنفية وقول المالكية والشافعية ،و عللوا ذلك بأن الجزم من سنن الأذان، لأن المطلوب في الأذان الترسل،وأما الإقامة فأعربت لأنه ليس الأصل فيها الوقف والمطلوب فيها الإدراج، ولأنها لا تحتاج لرفع صوت للاجتماع عندها. 7

القول الثاني: أنه يستحب فيها الجزم مثل الأذان، وهو رأي للحنفية ورأي للمالكية، وقول الحنابلة، وعللوا ذلك بما جاء في الأثر: (( الأذان جزم، والإقامة جزم ))8

والذي يظهر والله أعلم أن القول الأول أرجح وذلك لقوة ما استدلوا به، وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني، فإن الثابت في ذلك هو جزم التكبير في الأذان .

الفرع الثالث: صفة الجزم

اتفق الفقهاء أن صفة الجزم أن يقف المؤذن عند نهاية كل جملة من جمل الأذان بتسكين الحرف الأخير من الجملة، ولا يصل الجملة بالتي بعدها، إلا جمل التكبير فقد اختلفوا فيها، وكان الاختلاف فيها في أمرين، من حيث الوقف والوصل، ومن حيث الجزم والإعراب، فهنا مسألتان:

المسألة الأولى: الوقف والوصل في التكبير

للفقهاء في هذه المسألة أقوال:

القول الأول: أن صفته في التكبير أن يقول " الله أكبرُ الله أكبر"، فيصل كل تكبيرتين بصوت واحد وبنفس واحد، ثم يقف،ولا فرق بين التكبيرات التي في أول الأذان والتي في آخره، وبهذا قال الحنفية والشافعية.

القول الثاني: صفته أن يفصل كل تكبيرة على حدة، فيقول : " الله أكبر" ويقف ولا يصلها بالأخرى، ولا فرق بين التكبيرات التي في أول الأذان أو التي في آخره، وهذا رأي لبعض الحنفية وبعض المالكية ووجه للشافعية وقول الحنابلة.

القول الثالث: أن صفته في أول الأذان تختلف عن آخره، فالتكبيرات التي في أول الأذان تكون كل تكبيرتين متصلة بنفس واحد، وأما التكبيرات الني في آخره فكل تكبيرة منفصلة عن الأخرى، وهذا هو الراجح عند المالكية، ووجه للشافعية.9

و أياً كانت هذه الأقوال فالأدلة التي أستدل بها أصحابها، ليس فيها دليل صريح في صفة التكبير، من حيث الوصل والوقف، لكن يبقى القول بأن كلتا الصفتين الأوليين مشروعة، مقبول إذ لهما محل من النظر وأما القول الثالث فبعيد.

المسألة الثانية: الجزم والإعراب في التكبير:

ذكر بعض الفقهاء آراءً في تكبيرات الأذن والإقامة من حيث الجزم والإعراب، وهي كما يلي:

أولاً:
التكبيرة الأولى من كل تكبيرتين:

الرأي الأول: فيها تحريك الراء بالفتحة " الله أكبرَ "، والضم " الله أكبرُ "، والوقف بالسكون " الله أكبرْ "10

الرأي الثاني: الوقف بالسكون، والتحريك بالفتح، وأما الضم فهو خطأ، وهو من فعل العوام.11

الرأي الثالث: الضم .12

ثانياً:
التكبيرة الثانية:

الرأي الأول: أن ليس فيها إلا الوقف بالسكون، ورفعها خطأ.13

الرأي الثاني: فيها الجزم والتحريك بالضم.14

بيان وجه كل رأي من الآراء السابقة:

التحريك بالفتحة: أن الأذان سمع موقوفاً فكان الأصل إسكان الراء، لكن لما وقعت قبل فتحة همزة " الله " الثانية حركة بالفتح.

الضم: لأن " أكبر " خبر عن العظيمة " أي لفظ الجلالة: الله "، وهي مبتدأ

السكون: للخبر الوارد في ذلك وهو أن التكبير جزم، ومن أعرب " الله أكبر " لزمه أن يعرب الصلاة والفلاح بالخفض، لأن الأذان موقوفاً سمع .


والله تعالى أعلى وأعلم



1 الصحاح 5204

2 الفتاوى الهندية 156

3 الذخيرة 249

4 الحاوي للفتاوي للسيوطي 1346

5 المغني 2060

6 بدائع الصنائع 1150

7 رد المحتار 1386، مواهب الجليل 1426، الفتاوى الهندية 156

8 رد المحتار 1386، مواهب الجليل 1 426، المغني 260

9 نفس الهوامش السابقة

10 رد المحتار 1386

11 مغني المحتاج 1136 الفتوحات الربانية 285

12 انتصار الفقير السالك 336

13 رد المحتار 1386 .

14 مواهب الجليل 1427

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:42 PM   #20
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

فرار الشيطان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .. أما بعد:

معلوم أن كيد الشيطان ضعيف، وأنه ليس له سلطان على أولياء الله المخلصين، فلا يجد عندهم بغيته، بل يفر من مجالسهم إلى مجالس اللهو والعبث.

وقد ورد في الحديث أن من الأفعال التي يفر منها الشيطان؛ الأذان، وهو الشعار الذي يحمل معنى التوحيد؛ ذلك التوحيد الذي طالما حاربه إبليس، وأضل الناس عنه، وصدهم عن سبيله، فإذا ما ارتفع صوت المؤذن؛ فرَّ الشيطان وله ضراط كما جاء في الحديث فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا وكذا ما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى؟ فإذا لم يدر أحدكم كم صلى ثلاثاً أو أربعاً فليسجد سجدتين وهو جالس))1.


ومن الحديث يتضح لنا فوائد جمة ذكرها بعض العلماء منهم عبد الرحمن بن أبي بكر أبو الفضل السيوطي - رحمه الله تعالى - إذ يقول: "وإنما أدبر الشيطان عند الأذان لئلا يسمعه، فيضطر إلى أن يشهد له بذلك يوم القيامة، وقيل: لعظم أمر الأذان؛ لما اشتمل عليه من قواعد التوحيد، وإظهار شعار الإسلام وإعلانه، وقيل: ليأسه من وسوسته للإنسان عند الإعلان بالتوحيد قال ابن الجوزي: فإن قيل كيف يهرب الشيطان من الأذان، ويدنو في الصلاة، وفيها القرآن ومناجاة الحق - عز وجل -؟ فالجواب: أن بُعدَه عند الأذان لغيظه من ظهور الدين، وغلبة الحق، وعلى الأذان هيبة يشتد انزعاجه لها، ولا يكاد يقع فيه رياء، ولا غفلة عند النطق به؛ لأن النفس لا تحضره؛ وأما الصلاة فإن النفس تحضر فيفتح لها الشيطان أبواب الوسواس، وقال ابن أبي جمرة: الأذان إعلام بالصلاة التي هي أفضل الأعمال بألفاظ هي من الذكر، لا يزاد فيها ولا ينقص منها، بل تقع على وفق الأمر، فيفر من سماعها، وأما الصلاة فلما يقع من كثير من الناس فيها من التفريط، فيتمكن من المفرط، فلو قدر أن المصلي وفَّى بجميع ما أمر به فيها؛ لم يقربه إذا كان وحده وهو نادر، وكذا إذا انضم إليه مثله فإنه يكون أندر، فإذا قضى النداء أقبل"2،

فيصيب الشيطان الذعر والخوف، والضيق والكرب؛ لأنه لا ينسجم مع ذكر الله - عز وجل - يقول الله - تعالى -:
{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}3،
فلا يجدون هذا الفزع، ولا يلاقون هذا الخوف إلا عند ذكر الله، بل يستأنسون بقرنائهم وأوليائهم، ويحفزونهم على فعل الشر، وعلى الركوب في مطايا الهالكين قال الله – عز وجل –:

{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}4،
فيحصل الفرار كلما سمعوا ذكر الله، فتفر قلوبهم قبل أبدانهم

{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا }5

قال ابن عبد البر - رحمه الله تعالى -:

"فقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: ((إذا نودي للصلاة)) يريد إذا أذن لها، ((فرَّ الشيطان)) من ذكر الله في الأذان، وأدبر ((وله ضراط)) من شدة ما لحقه من الخزي والذعر عند ذكر الله، وذكر الله في الأذان تفزع منه القلوب ما لا تفزع من شيء من الذكر لما فيه من الجهر بالذكر، وتعظيم الله فيه، وإقامة دينه، فيدبر الشيطان لشدة ذلك على قلبه؛ حتى لا يسمع النداء"6.

وفي هذا الحديث بيان لفضل الأذان قال ابن عبد البر - رحمه الله تعالى -: "وفي هذا الحديث فضل للأذان عظيم؛ ألا ترى أن الشيطان يدبر منه، ولا يدبر من تلاوة القرآن في الصلاة، وحسبك بهذا فضلاً لمن تدبر"7،

وكما يشغل الشيطان نفسه بالضراط لكي لا يستمع إلى الأذان، فكذلك تجد من استحوذ عليه الشيطان يتشاغل بمزاميره من الأغاني والموسيقى، فيعرض عن كل ما فيه ذكر الله - عز وجل -، فيلقى من ذلك عيشة الضنك والضيق يقول - تعالى -:
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}8،

فيشابه الشيطان في فعله - نسأل الله السلامة والعافية -، فيما أهل الإيمان إذا ذكر الله كان حالهم كما وصفهم الله - تعالى -:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}9،
فكيف إذا كان هذا الذكر بصوت جهوري؟ وكيف يكون مستوى شعور المؤمن بالعزة وهو ينصت إلى نداء الحق قد علا في سماء التوحيد.

نسأل الله - تعالى - أن ينصر دينه وكتابه وعباده الصالحين، والحمد لله رب العالمين.





1 البخاري (1174)، ومسلم (389).

2 تنوير الحوالك شرح موطأ مالك (1/69).

3 سورة الزمر (45).

4 سورة مريم (83).

5 سورة الإسراء (46).

6 التمهيد لابن عبد البر (18/308).

7 التمهيد لابن عبد البر (18/309).

8 سورة طه (124).

9 سورة الأنفال (2)
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:43 PM   #21
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

حياة المؤذن الأول

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

من حكمة الله - تعالى - في خلقه أن جعلهم مختلفي الطباع والأفكار والتخصصات، لذا فإنك ترى صاحب أي تخصص أو اهتمام معين يحاول أن يحاكي أهل تخصصه، وينظر في سلفه فيأخذ عنهم، ويقتفي أثرهم - وبخاصة الأوائل منهم - حين تذكر جوانب كثيرة من حياتهم، ويحاول أن يأخذ الفوائد والعبر من أفعالهم، فإذا كان الأمر كذلك مع كل التخصصات؛

فكيف يكون الحال حين يكون هذا المذكور من أهل الجنات، وصاحب سيد الثقلان، وأول من رفع على الكرة الأرضية الأذان، ومن أوائل من دخل في دين الرحمن، وصبر على الأذى من أهل الطغيان في سبيل الواحد الديان.

إننا نتحدث عن جبل أشم، وبطل عظيم هو "بلال بن رباح، وأمه حمامة، مولى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وهو أول من أذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -"1،


يرفع الأذان بكلماته القوية، الجذابة الألفاظ؛ بعد أن تعكر جو السماء بما تسمع من استغاثات بغير الله - عز وجل -، ونداءات للتماثيل والأصنام، إذا بداعي الحق يصدح ليسمع كل الدنيا نداء التوحيد، وليلبس العالم لباس الفطرة من جديد.

ولما كان بلال - رضي الله عنه - من أوائل الداخلين في الإسلام، وحيث كان يرى الكفر علانية؛ فقد أراد أن يجاهر بالحق ضد أصحاب الكفر؛ فوفقه الله للجهر بعنوان التوحيد – الأذان -، وقد عانى ما عانى من الشرك وأهله، ولكن العاقبة للإسلام؛


ورد عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه – أنه قال: "كان أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد، فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه،

وأما سائرهم فأخذهم المشركون وألبسوهم أدراع الحديد، وصهروهم في الشمس، فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا، إلا بلالاً فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأخذوه فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد"2،

يردد التوحيد في وجوه اللئام، فيجعله الله أول من يردده بصوت عالٍ بعد ظهور الإسلام.
ولقد جعلت هذه الحوادث بلالاً - رضي الله عنه - قريباً من النبي - صلى الله عليه وسلم -، يحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، والنبي - عليه الصلاة والسلام – يحبه؛


حتى أنه كان يتوكأ عليه وهو يخطب فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما - قال: "شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكَّرهم، ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكرهن، فقال:
((تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم))،

فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت: لم يا رسول الله؟ قال:

((لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير))، قال: فجعلن يتصدقن من حليهن؛ يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن، وخواتمهن"3.

ولقد كان - رضي الله عنه - حبشياً أسود البشرة، لكن لم يكون ذلك يعني أن يكون مستنقصاً عند الصحابة، بل الميزان الذي يقاس به الناس هو التقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، 4

وعلى هذا ربى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فعن المعرور بن سويد قال: "لقيت أبا ذر - رضي الله عنه - بالربذة، وعليه حلة، وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك فقال: إني ساببت رجلاً فعيرته بأمه، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((يا أبـا ذر أعيرته بأمه؟! إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم حولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم))"5


ومكمن إيرادنا لهذه القصة أن الرجل المذكور الذي ساببه أبو ذر - رضي الله عنه - في هذه القصة هو بلال.

ويأبى الله - تعالى - إلا أن يقرر أن مبدأ الكرامة عنده ليس باللون أو الشكل والمظهر بل بالتقوى، فيقرر هذا الأمر في قلوب الأمة الإسلامية جميعاً على مرأى ومسمع من الجميع حين صعد بلال - رضي الله عنه - على ظهر الكعبة يوم الفتح ليؤذن، فاستنكر أهل مكة ذلك - إذ لما يدخل الإيمان في قلوبهم بعد -: كيف لهذا المولى الحبشي أن يكون فوق الكعبة، وأشراف مكة لم يفعلوا ذلك،


ولنترك ابن كثير - رحمه الله - يقص علينا ما حدث كما أورده في كتابه "البداية والنهاية" إذ يقول: "قال الواقدي: لما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسكه في القضاء؛ دخل البيت، فلم يزل فيه حتى أذن بلال الظهر فوق ظهر الكعبة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بذلك،

فقال عكرمة بن أبي جهل: لقد أكرم الله أبا الحكم؛ حين لم يسمع هذا العبد يقول ما يقول، وقال صفوان بن أمية: الحمد لله الذي أذهب أبي قبل أن يرى هذا، وقال خالد بن أسيد: الحمد لله الذي أمات أبي ولم يشهد هذا اليوم حتى يقوم بلال ينهق فوق البيت، وأما سهيل بن عمرو ورجال معه لما سمعوا بذلك غطوا وجوههم، قال الحافظ البيهقي: قد أكرم الله أكثرهم بالإسلام"6.



ولماذا لا يبلغ بلال هذه المنزلة في الدنيا وقد بلّغه الله - تعالى - جنة عرضها السماوات والأرض حين بشره بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال عند صلاة الفجر:
((يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام؛ فإني سمعت دف نعليك بين يديَّ في الجنة!))،

قال: ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليلٍ أو نهارٍ إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي، قال أبو عبد الله: دف نعليك: يعني تحريك"7، أفلا يحق لأهل الأذان أن يقتدوا بالمؤذن الأول؟

ولقد كان بلال - رضي الله عنه - شديد المحبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - حيث لم يؤذن بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لأبي بكر - رضي الله عنه -، ويقال أنه أذن لعمر يوم فتح دمشق،


قال ابن عبد البر - رحمه الله تعالى -: "وذكر ابن أبي شيبة عن حسين بن علي عن شيخ يقال له الحفصي عن أبيه عن جده قال: أذن بلال حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أذن لأبي بكر - رضي الله عنه - حياته، ولم يؤذن في زمن عمر، فقال له عمر: ما منعك أن تؤذن؟ قال: إني أذنت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قبض؛ لأنه كان ولي نعمتي، وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:

((يا بلال ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله" فخرج مجاهداً، ويقال: إنه أذن لعمر إذ دخل الشام مرة فبكى عمر وغيره من المسلمين))8.

وهنا يذكِّرنا ابن عبد البر بحادثة أذان بلال في دمشق إذ هيجت مشاعر المحبين، وأعادت الذكريات، فإن أذان بلال له تأثير خاص لدى من كانوا يسمعونه:

وجلجلة الأذان بكل حي**ولكن أين صوت من بلال

ذكر صاحب "سمط النجوم العوالي": "أن عمر - رضي الله عنه - لما قدم الشام حين فتحها أذَّن بلال، فتذكر الناس النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال أسلم - مولى عمر رضي الله عنه -: فلم أر أكثر باكياً من يومئذ"9.

وما زال بلال - رضي الله عنه - يشتاق إلى لقاء أحبته حتى قبض إليهم "قال سعيد بن عبد العزيز: لما احتضر بلال قال: غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه، قال: تقول امرأته: واويلاه، فقال: وافرحاه"10،

وحق لمن سيلقى الرسول - عليه الصلاة والسلام - أن يقول هذا القول.
ولقد "توفي بلال سنة سبع عشرة أو عشرين بداريا، ودفن بباب كيسان، وله بضع وستون سنة، وقيل: دفن بحلب وقيل بدمشق"11.

وهذه باختصار قصة المؤذن الأول - رضي الله عنه وأرضاه -،

ونسأل الله - تعالى - أن يجعلنا خير خلف لخير سلف، والحمد لله رب العالمين.



1 ابن خلكان، وفيات الأعيان (3/70).

2 ابن ماجة (147)، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة (1/30).

3 مسلم (1467).

4 سورة الحجرات (13).

5 البخاري (29)، مسلم (3140).
6 البداية والنهاية (4/232).

7 البخاري (1081)، ومسلم (4497) بلفظ آخر.

8 الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/55).

9 سمط النجوم العوالي (2/13).

10 سير أعلام النبلاء (1/359).
11ابن الجوزي في المنتظم (4/299).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:43 PM   #22
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان بعد خروج الوقت

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:




الأصل في المؤذن أن يلتزم بالوقت وذلك أن الأذان كما هو معلوم هو الإعلام بدخول وقت الصلاة،



فإذا لم يؤذن المؤذن في أول الوقت لم يشرع له أن يؤذن بعد ذلك إذا كان في المكان مؤذنون سواه قد حصل بهم المطلوب،



أما إذا لم يكن في البلد سواه فإنه يلزمه التأذين ولو تأخر بعض الوقت، لأن الأذان في هذه الحال فرض كفاية، ولم يقم به غيره، فوجب عليه؛ لكونه المسؤول عن ذلك؛



ولأن الناس ينتظرونه في الغالب، لذلك بوب الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - في صحيحه فقال:
"باب الأذان بعد ذهاب الوقت" قال:

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
((سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَوْ عَرَّسْتَ1 بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ!!


قَالَ: أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنْ الصَّلَاةِ، قَالَ بلال: أَنَا أُوقِظُكُمْ، فَاضْطَجَعُوا وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَالَ:

يَا بِلَالُ أَيْنَ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلَاةِ، فَتَوَضَّأَ فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ قَامَ فَصَلَّى))2.


وهذا فيه مشروعية الأذان للصلاة الفائتة بعد ذهاب الوقت، وهذا هو الشاهد للترجمة هذا إذا كان لحاجة، والله أعلم.



1- التعريس: نزول المسافر في آخر الليل للاستراحة والنوم.

2- فتح الباري لابن حجر (ج2/ ص67).
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:43 PM   #23
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

أذان الطفل
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

الأذان من شعائر الإسلام العظيمة، وإعلامه له وقعٌ في قلوب أهل الإيمان؛ لأنه شعار للدين، وهداية للحيارى والسامعين، وطرد للمردة والشياطين، وهو في نفس الوقت إيذان بدخول وقت الصلاة التي فرضها الله - عز وجل -، فلا تقبل صلاة إلا بدخول وقتها - إلا لصاحب رخصة -؛


ولهذا كان الأذان مهماً جداً، اهتم به العلماء والفقهاء فبينوا مسائله، وجلُّوا ما يخصه، وما يتعلق به من تفريعات وأحكام، ومن ذلك (أذان الطفل)، وهل يصح أذانه أم لا؟ وهذا ما سيتضح لنا خلال هذا الموضوع.


فقد فرَّق العلماء بين كون الصبي مميزاً أو غير مميز، فلكل حالة حكم:

أما فيما يخص المميز فقد ذكر بعضهم الإجماع كما قال صاحب "اختلاف أئمة العلماء": "وأجمعوا على أن أذان الصبي المميز للرجال معتد به"1،


وقد خالفت المالكية في ذلك كما ذكر صاحب "الفقه على المذاهب الأربعة": "بل يصح أذان الصبي المميز سواء أذن بنفسه، أو اعتمد في أذانه على مؤذن بالغ باتفاق ثلاثة من الأئمة،وخالف المالكية .. (المالكية قالوا: يشترط في المؤذن أيضاً أن يكون بالغاً، فإذا أذن الصبي المميز فلا يصح أذانه إلا إذا اعتمد فيه أو في دخول الوقت على بالغ، فيصح أن يكون عدل رواية، فلا يصح أذان الفاسق؛ إلا إذا اعتمد على أذان غيره)"2،


فالمالكية يقبلون أذان الصبي شريطة أن يعتمد على عدل بالغ في تحديد دخول الوقت كما يعتمد الفاسق على غيره في ذلك.

وذكر الإمام النووي - رحمه الله تعالى - علَّة من قال بأن أذان الصبي معتد به فقال - رحمه الله تعالى -: "المسألة الثالثة: يصح أذان الصبي المميز كما تصح إمامته، وهذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور، ونص عليه في الأم لما ذكره المصنف، قالوا: ولأنه يقبل خبره فيما طريقه المشاهدة كما لو دل أعمى على محراب يجوز أن يصلي، ويقبل قوله في الأذان في دخول الدار، وحمل الهدية"3،


وذكر بعضهم أن أذان البالغ أفضل، وتستحب إعادة أذان الصبي المميز يقول صاحب "بدائع الصنائع": "وَرُوِيَ عن أبي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ، وَكَذَا أَذَانُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ، وَإِنْ كان جَائِزاً حتى لَا يُعَادَ، ذَكَرَهُ في ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وهو الْإِعْلَامُ؛ لَكِنَّ أَذَانَ الْبَالِغِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ في مُرَاعَاةِ الْحُرْمَةِ أَبْلَغُ، وَرَوَى أبو يُوسُفَ عن أبي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قال: أَكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ من لم يَحْتَلِمْ؛ لِأَنَّ الناس لَا يَعْتَدُّونَ بِأَذَانِهِ"4،


وجعل صاحب "الفواكه الدواني" أذان الصبي المميز جائز لصبيان مثله يقول: "فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِينَ، وَلَا يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَابِطاً تَابِعاً لِبَالِغٍ فَيَصِحُّ، وَيَصِحُّ أَذَانُهُ لِصِبْيَانٍ مِثْلِهِ"5.

أما الصبي الغير مميز فلا يصح: يقول صاحب "الفقه على المذاهب الأربعة": "ولا يصح أذان الصبي غير المميز، ولا يرتفع الإثم به"6،


وبيَّن الكاساني أن أذان الصبي غير المميز مثل صوت الطيور غير معتبر يقول: "وَأَمَّا أَذَانُ الصَّبِيِّ الذي لَا يَعْقِلُ فَلَا يجزىء وَيُعَادُ؛ لِأَنَّ ما يَصْدُرُ لَا عن عَقْلٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَصَوْتِ الطُّيُورِ"7.



ونخرج مما سبق أن أذان الصبي المميز يصح، ومن قال بخلاف ذلك فقوله له حظ كبير من النظر لأنه تترتب على الأذان أمور كثيرة كالصيام وغيره.

وهناك من الفتاوى ما تبين جواز أذان الصبي المميز كما في الفتوى التالية:

"السؤال

ألاحظ في بعض المساجد الصغيرة، والمقامة أسفل العمارات السكنية؛ أن من يرفع أذان الصلاة في أغلب الأوقات أطفال في سن الثامنة حتى الثالثة عشر، وفي البعض الآخر يرفع الأذان أي شخص من العابرين على المسجد، وذلك لعدم وجود إمام مقيم، أو حارس للمسجد، فما صحة ذلك وشرعيته؟



الفتوى:


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز أن يكون المؤذن صبياً مميزاً غير بالغ عند الحنفية والشافعية والحنابلة وهو الصواب، ودليله أن عبد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك كان يؤذن وهو غلام لم يحتلم، وكان ذلك دون إنكار من جده أنس بن مالك - رضي الله عنه - ولا من غيره، قال ابن قدامة - رحمه الله -: وهذا مما يظهر ولا يخفى، ولم ينكر فيكون إجماعاً، وذهب المالكية إلى أنه لا يصح من صبي مميز إلاَّ أن يعتمد فيه أو في دخول الوقت على بالغ، ووجود مؤذن وإمام راتبين لا شك أنه هو الأفضل، لكن إذا لم يوجد أحد منهما فلا مانع أن يؤذن أي مسلم ممن لم يقم به مانع من الأذان.

وعليه فهذا العمل الذي ذكرت لا حرج فيه؛ وإن كان الأولى أن يرتب لكل مسجد مؤذن تتوفر فيه الشروط المطلوبة في المؤذن، ثم إننا ننبه إلى أمر مهم وهو أن مذهب المالكية في هذه المسألة - وإن قلَّ القائلون به من غيرهم - مذهب له حظ كبير من النظر، فإن أذان المؤذن يعتمد عليه الناس في صومهم وصلاتهم، فلا ينبغي أن يوكل إلى غير بالغ، والله أعلم"8.




1 اختلاف الأئمة العلماء (1/94).

2 الفقه على المذاهب الأربعة (1/463).

3 المجموع (3/107).

4 بدائع الصنائع (1/150).

5 الفواكه الدواني (1/174).

6 الفقه على المذاهب الأربعة (1/463).

7 بدائع الصنائع (1/150).

8 أنظر: اسلام واب
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:44 PM   #24
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

حكم قول القائل عند الإقامة: أقامها الله وأدامها

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:


من المعروف أنه لا فرق بين الأذان والإقامة من حيث التسمية لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((إِذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ))1،



والإقامة تعد نداء، وتعد أذاناً كما في الحديث الذي أخرجه البخاري - رحمه الله - وغيره من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ - ثَلَاثاً - لِمَنْ شَاءَ))2.




قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: "يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون أُطْلِقَ عَلَى الْإِقَامَة أَذَانٌ لِأَنَّهَا إِعْلَام بِحُضُورِ فِعْلِ الصَّلَاة، كَمَا أَنَّ الْأَذَان إِعْلَام بِدُخُولِ الْوَقْت"3، وقال ابن رجب - رحمه الله -: "وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن" يدخل فيه الأذان والإقامة؛ لأن كلاً منهما نداء إلى الصلاة صدر من المؤذن))4.




لذلك فإن متابعة المؤذن في الإقامة عمل مشروع، وعلى هذا جماهير أهل العلم، لكن هل يشرع أن نقول: أقامها الله وأدامها عند قول المؤذن: قد قامت الصلاة؟


قال بمشروعية هذا القول علماء الأحناف: قال في رد المحتار: "وَيُجِيبُ الْإِقَامَةَ نَدْباً إجماعاً كالأذان، وَيَقُولُ عِنْدَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا"5، وعلماء المذهب الشافعي



قال الإمام النووي - رحمه الله -: "ويستحب أن يتابعه في ألفاظ الإقامة، إلا أنه يقول في كلمة الإقامة: أقامها الله وأدامها، هكذا قطع به الأصحاب إلا الغزالي فحكي في البسيط عن صاحب التقريب وجهاً أنه لا يستحب متابعته إلا في كلمة الإقامة، وهذا شاذ ضعيف"6،



وقال في موضع آخر: "يستحب أن يقول من سمع المؤذن والمقيم مثل قوله، إلا في قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فإنه يقول في كل لفظة: لا حول ولا قوة إلا بالله، ... ويقول في كلمتي الإقامة: أقامها الله وأدامها"7.


وذهب إلى هذا القول أيضاً علماء المذهب الحنبلي8 واستدلوا بحديث رواه أبو داود - رحمه الله - في سننه قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَوْ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أَنَّ بِلالاً أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ فَلَمَّا أَنْ قَالَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا، وقَالَ فِي سَائِرِ الْإِقَامَةِ كَنَحْوِ حَدِيثِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأَذَانِ)).9،



وقد ضعف هذا الحديث كلاً من: الضياء المقدسي قال: في إسناده رجل لم يسم10،



والإمام النووي قال: إسناده ضعيف جد11،



والإمام ابن كثير قال فيه: ليس بثابت12، والإمام ابن رجب قال: في هذا الإسناد ضعف13،

والحافظ ابن حجر14 قال فيه: فيه راو مجهول15،

والإمام الشوكاني قال فيه: في إسناده شهر بن حوشب وفيه مقال معروف 16،

والإمام الألباني قال: إسناده ضعيف17،

وقال - رحمه الله-: "قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول)) تخصيصه بمثل هذا الحديث لا يجوز لأنه حديث واه، وقد ضعفه النووي والعسقلاني وغيرهم، ولا يغتر بقول صاحب "التاج الجامع للأصول" : "سنده صالح"، وبهذه المناسبة أقول: إن كتاب "التاج" هذا ملئ جداً بالأخطاء العلمية...18"،


وقال في موضع آخر: "اشتهر بين كثير من أهل العلم وطلابه أن الحديث الضعيف يجوز العمل به في فضائل الأعمال، ويظنون أنه لا خلاف في ذلك كيف لا والنووي - رحمه الله - نقل الاتفاق عليه في أكثر من كتاب واحد من كتبه؟ وفيما نقله نظر بيِّن لأن الخلاف في ذلك معروف، فإن بعض العلماء المحققين على أنه لا يعمل به مطلقاً لا في الأحكام ولا في الفضائل قال الشيخ القاسمي - رحمه الله -: حكاه ابن سيد الناس في عيون الأثر عن يحيى بن معين، ونسبه في فتح المغيث لأبي بكر بن العربي، والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم ذلك أيضاً ... وهو مذهب ابن حزم.19



وهذا هو الحق الذي لا شك فيه عندي لأمور: الأول: أن الحديث الضعيف إنما يفيد الظن المرجوح ولا يجوز العمل به اتفاقاً، فمن أخرج من ذلك العمل بالحديث الضيف في الفضائل لابد أن يأتي بدليل وهيهات. الثاني: أنني أفهم من قولهم: في فضائل الأعمال أي الأعمال التي ثبتت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعاً، ويكون معه حديث ضعيف يسمى أجراً خاصاً لمن عمل به، ففي مثل هذا يعمل به في فضائل الأعمال لأنه ليس فيه تشريع ذلك العمل به، وإنما فيه بيان فضل خاص يرجى أن يناله العامل به،


وعلى هذا فالعمل به جائز إن ثبت مشروعية العمل الذي فيه بغيره مما تقوم به الحجة، ولكني أعتقد أن جمهور القائلين بهذا القول لا يريدون منه هذا المعنى مع وضوحه لأننا نراهم يعملون بأحاديث ضعيفة لم يثبت ما تضمنته من العمل في غيره من الأحاديث الثابتة مثل استحباب النووي إجابة المقيم في كلمتي الإقامة بقوله: أقامها الله وأدامها مع أن الحديث الوارد في ذلك ضعيف)20.

وأخيراً: اعلم أخي القارئ أن الاستحباب حكم شرعي، والأحكام الشرعية من واجبات ومندوبات ومحرمات ومكروهات لا تقوم إلا على أدلة صحيحة، فلا يمكن إثبات حكم بدون دليل محفوظ، والأصل في العبادات التوقيف، وألا يعبد الله إلا بما شرع، قال العلامة ابن عثيمن: "الذين يقولون أقامها الله وأدامها يستندون إلى حديثٍ ضعيف،


لأن أحد رواته مجهول، وفيه أيضاً شهر بن حوشب، والكلام فيه معروف، وعليه يكون في هذا القول نظر لأنه مبنيٌ على هذا الحديث الضعيف، والضعيف كما هو معلوم عند أهل العلم لا يحتج به لإثبات حكمٍ شرعي"21.

فالأولى ترك هذه اللفظة لاسيما والحديث ضعيف، وقد أفتت بالمنع اللجنة الدائمة للإفتاء22.



والله تبارك وتعالى أعلم بالصواب.

1- صحيح مسلم (1/288).

2- صحيح البخاري (1/225).

3- فتح الباري (2/431).

4- فتح الباري (4/210).

5- رد المحتار (3/238).

6- المجموع (3/117).

7- الأذكار (1/36 ا).

8- المغني (2/250 ا)؛ الشرح الكبير (1/416-417)؛ الإنصاف (2/183).

9- سنن أبي داود (1/200)؛ سنن البيهقي الكبرى (1/411).

10- السنن والأحكام (1/327).

11- المجموع شرح المهذب (/252).

12- إرشاد الفقيه (1/105).

13- فتح الباري لابن رجب (3/457).

14- تلخيص الحبير (1/347)؛ نتائج الأفكار (1/361).

15- هداية الرواة (1/320).

16- تحفة الذاكرين (166)؛ ونيل الأوطار (2/38).

17- ضعيف أبي داود (528)، الكلم الطيب (78)؛ تمام المنة (35).

18- تمام المنة (1/150).

19- قواعد التحديث (94).
20-تمام المنة (1/34).

21- موقع الشيخ ابن عثيمن - فتاوى نور على الدرب.

22- فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (24/215).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:44 PM   #25
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

حكم الابتداء بالنافلة عند سماع الإقامة


الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد،
وأشهد أن لاإله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:


فكثيراً ما يتساءل الناس عن أحكام الأذان والإقامة

لاسيما عن حكم قطع النافلة عند سماع الإقامة، أو الابتداء فيها عند سماع الإقامة،


فإذا تأملنا أقوال العلماء، وأراء الفقهاء؛ نرى أنهم اتفقوا على عدم منع افتتاح النافلة غير الوتر وركعتي الفجر عند سماع الإقامة، واختلفوا في افتتاحها على ثلاثة أقوال:



القول الأول:


لا يجوز افتتاح الوتر وركعتي الفجر عند سماع الإقامة وبعدها وهو مذهب الشافعية والحنابلة


ودليلهم:

حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة))2.


القول الثاني:


يجوز أداء ركعتي الفجر فقط عند سماع الإقامة متى تيقن أنه سيدرك الركعة الأخيرة،

فيصليها خارج المسجد عند بابه لا داخله، وهو مذهب الحنفية3.

ودليلهم:


ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من شدة تعاهده على ركعتي الفجر، وبأمره بالمحافظة عليهما كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت:
"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن على شيءٍ من النوافل أشد معاهدةً منه على ركعتين قبل الفجر4"،


وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((لا تدعوا ركعتي الفجر، وإن طردتكم الخيل))5.

القول الثالث:


إذا ذكر الوتر وقد أقيمت الصلاة فإنه يخرج ليصليها خارج المسجد، وأما ركعتا الفجر فيجوز أداؤها ما لم يدخل المسجد، إن لم يخف فوات الركعة الأولى مع الإمام،

فإذا دخل لم يخرج لأدائهما وهو مذهب المالكية


ودليلهم

بالنسبة لركعتي الفجر هو دليل أصحاب القول الثاني، وما ورد في فضلهما،


وأما الوتر فقالوا: لأنه يفوت بصلاة الصبح بخلاف ركعتي الفجر7.




الترجيح:




الراجح - والله أعلم - عدم جواز الشروع في ركعتي الفجر والوتر أو غيرهما من النوافل إذا أقيمت الصلاة المفروضة


وذلك لعموم النهي؛

ولأن أدلة أصحاب القول الثاني لا تسلم لهم من النقاش والاعتراض، ولأن ركعتي الفجر تنقضي بعد الصلاة8،

وأما الوتر فإنه ينقضي وقته بطلوع الفجر، فلا وجه لأدائه بعد إقامة الصلاة9،


ومما يرجح هذا أن ترك التنفل عند إقامة الصلاة وتداركها بعد قضاء الفرض أقرب إلى اتباع السنة،


ويتأيد ذلك من حيث المعنى بأن قوله في الإقامة "حي على الصلاة" معناه: هلموا إلى الصلاة التي يقام لها، فأسعد الناس بامتثال هذا الأمر من لم يتشاغل عنه بغيره10.

والحمد لله رب العالمين.



1 - المجموع (ج 4ص 184)، والمغني (ج2ص119).

2 - رواه مسلم برقم (710).

3 - بدائع الصنائع (ج2ص267).

4 - رواه مسلم برقم (724).

5 - رواه احمد برقم (9242)، والحديث حسن انظر نيل الاوطار (ج3ص22).

6 - المدونة (ج1ص250).

7 - مواهب الجليل ج2 ص81.

8 - كما وضح ذلك حديث قيس بن عمرو الذي رواه أحمد برقم (24161) وإسناده حسن (نيل الأوطار ج3 ص29).

9 - أحكام السماع والاستماع. محمد معين ص32.

10 - فتح الباري (ج2ص177).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:45 PM   #26
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

حكم استخدام الأذان كنغمة جوال


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن شعائر الله - عز وجل - عظيمة، وتعظيمها علامة على التقوى التي يحيا بها القلب يقول - تعالى -: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}الحج 32،




ومما انتشر هذه الأيام استخدام الأذان كنغمة للجوال،


فقد يترك البعض استخدام الأغاني والموسيقى كنغمة لجواله؛

لكنه ينصرف بحسن نية إلى الآيات القرآنية، أو مقاطع من الأدعية، أو الأذكار، أو الأذان؛


فما الحكم الشرعي في ذلك؟

إن شعائر الله كالقرآن والأذان وغير ذلك مما شرعه الله - عز وجل - عظمها الله، وأمر بتعظيمها،


فالقرآن لنتدبره ونتلوه، ونعمل بما فيه،


والأذان ليخبرنا بوقت الصلاة فينصت له أهل الإيمان متلفظين بما هو مأثور من ترديد لكلماته مع المؤذن، وذكر الأدعية الواردة بعد الأذان؛


لكن عندما يوضع الشيء في غير محله، ويصب النهر في غير مستقره، وتتبدل الغايات، ويستغنى بالظواهر عن الجواهر، والغلاف عن المضمون،

تحل النكبات، وتأتي الأزمات،


فإن الأذان إذا استخدم كنغمة للجوال؛ تعرض المستخدم لشيء من الحرج، وذهب بشيء من هيبة هذه الشعيرة العظيمة،


فمن الحرج مثلاً: أن يأتي الاتصال والمستقبل في دورة المياه،


فماذا عسى أن يصنع وهو في حالة لا يستطيع أن يجيب فيها، ولا أن يغلق الجهاز،


فيتردد الأذان في ذلك المكان الذي أعد لقضاء الحاجة، أو تسمع الآيات والأدعية تنبعث من المكان نفسه!!.

ومن المعلوم أن الأذان إذا سُمع من الجوال عند مجيء الاتصال فإنه يُقطع لإجابة المتصل، والأصل أن يتصل، ويردد معه المستمع، لكن أنا له ذلك، وهو يريد أن يجيب؟!

والأذان هو إخبار بدخول الوقت، فكيف لو صار في كل لحظة اتصال وهو ليس موعد الصلاة، فأي صلاة يريد ؟!


ومن العلماء من تكلم في ذلك منهم الشيخ عبد الرحمن البراك - حفظه الله - في إجابة على سؤال يقول:


من المعروف عند أهل العلم أن الأذان هو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة في أوقات مخصوصة، فهل يجوز جعل الأذان كنغمة للجوال؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فألفاظ الآذان من ألفاظ الذكر، يجب تعظيمها،

وليس من تعظيمها اتخاذها وسيلة للتنبيه على الاتصال،

فإن ظهور الصوت من الجهاز لا يعتبر ذكراً لله من صاحب الجوال، ولا مقصود له، ولا يكون بذلك ذاكراً لله،

ولا يستمع المتصل عليه إلى جمل الأذان المسجلة بل سيسارع إلى فتح الخط،

وبديهيّ أنه لا يشرع له أن لا يجيب المؤذن،

إن تسجيل القرآن أو جمل الآذان ليكون به التنبيه نوع امتهان لذكر الله، وكلام الله،


لكن لو استعيض عن ذلك بصيغة السلام لكان له وجه، والله أعلم"،


"ويتفق مع هذا الرأي الشيخ صالح الشمراني الأستاذ بالمعهد العلمي بجدة التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،


حيث أكد أنه لا يجوز استخدام القرآن والأذان كنغمات للمحمول،


مشيراً أن استخدام الآيات القرآنية والآذان قد يأتي في أماكن لا تتفق مع قدسيتها،


ذلك لأن استخدام المحمول مرهون بأماكن وجود مستخدِمه؛


لذلك قد يأتي هذا الرنين في أماكن لهو، أو وسط تجمع عائلي يموج بالضحك، إلى جانب إمكانية أن يأتي هذا الرنين في الخلاء "دورات المياه"،

وهذا لا يليق بكلام الله المنزل على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولا بالدعاء الذي هو في أصله شكل من أشكال العبادة"،


ومع هذا فلا ينصرف عن الأذان والآيات القرآنية والأدعية إلى ما هو محرم شرعاً كالموسيقى والأغاني،

ولكن يستخدم ما جاء موافقاً للدين عند التواصل كإدخال لفظ السلام، أو ما أبيح من القصائد المعينة على الطاعة، والمحفزة إلى العمل الصالح،


والقصد كل القصد أن نحذر مما يذهب بهيبة شريعتنا، وبهاء طلعتها، وأن نسلك كل طريق يوصل إلى تعظيم شعائر الله،

والحمد لله رب العالمين.

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:45 PM   #27
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

الأذان وصلاة العيد

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه... أما بعد:


إن من الأعمال الفاضلة التي تقرب إلى الله في هذا الزمان تعليم الناس، ونشر سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهم، بأسلوب سهل يفهمه العامي والمتعلم، وتكرار ذلك حتى ينتشر بينهم ويثبت في أذهانهم،


وخير من يقوم بهذا العمل في هذا الزمن الذي كثرت فيه شواغل الناس وصوارفهم هم أئمة المساجد، حيث يغتنمون الدقائق التي يجتمع فيها الناس في المسجد؛ لتعليمهم ما تمس إليه الحاجة من السنن الشرعية، والآداب النبوية وتنبيههم على بعض المخالفات الشرعية, مع ربطهم بالدليل من كتاب الله وسنة رسوله، ليتربى الناس على الارتباط بالكتاب والسنة والرجوع إليهما ويتأكد في أذهانهم أنهما المصدر الوحيد للشرع المطهر,

ويعلمونهم أن أيَّ عبادة من العبادات التي شرعها الله -سبحانه وتعالى- لعباده فهي توقيفية, لا يجوز فعلها إلا إذا كانت واردة عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.

ومما ينبغي أن يُعلَّم الناس في مثل هذه الأيام ما يتعلق بالأذان وصلاة العيد من أحكام, فيقال:

الأذان من شعائر الإسلام الظاهرة ومن العبادات الفضيلة، جعل الله لها من الثواب ما لو علم الناس مقداره لتنافسوا عليه، فالمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة إذا ألجم الناس العرق؛ جزاءَ ما رفعوا أصواتهم بذكر الله بحيث يسمعه القاصي والداني، ويشهد لهم يوم القيامة كل شيء سمع أذانهم في الدنيا.


ويشرع الأذان والإقامة إذا حضرت الصلاة سواء كان في بلاد المسلمين أو في بلاد الكفار أو في السفر، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- لمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ –رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا)1. وغيره من الأحاديث الواردة في فضل الأذان والأمر به.

وشرع الله –سبحانه- سنناً لمن سمع الأذان, ورتَّب عليها الأجر العظيم، منها متابعته بأن يقول مثل ما يقوله المؤذن, والمشروع استحباب متابعة المؤذن عند قوله حي على الصلاة حي على الفلاح أن يقال: لا حول ولا قوة إلا بالله, واستحباب الصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد الأذان لمن سمعه, وسؤال الله الوسيلة للرسول -صلى الله عليه وسلم.


هل يؤَذَّن ويُقام لصلاة العيد:


لقد شرع الله -جل وعلا- للمسلمين صلاة العيد في يوم العيد, وهي ركعتان تصلى بعد ارتفاع الشمس, ويخطب الإمام بعدها؛ إقامة لذكر الله, وشكراً له على ما أنعم به من إتمام النسك.

ولقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج لصلاة العيد يذهب من طريقٍ ويعود من طريق آخر، وكان يأمر بإخراج النساء حتى الشابَّات منهن والحيض، ليستمعن الذكر ويشهدن اجتماع المسلمين للذكر والدعاء2.

قال ابن القيم –رحمه الله-: "كان -صلى الله عليه وسلم- إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة, والسنة أن لا يُفعل شيءٌ من ذلك, ولم يكن هو ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئاً قبل الصلاة ولا بعدها"3.


وفي الصحيحين عن ابن عباس وجابر –رضي الله عنهم- قالا: "لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى" ولمسلم عن عطاء قال: "أخبرني جابر أَنْ لَا أَذَانَ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الْإِمَامُ وَلَا بَعْدَ مَا يَخْرُجُ وَلَا إِقَامَةَ وَلَا نِدَاءَ وَلَا شَيْءَ"4.




وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعِيدَيْنِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ"5.



وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى الْعِيدَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ"6.

فهذه الأحاديث تدل على عدم شرعية الأذان والإقامة في صلاة العيدين. قال الحافظ العراقي: "وعليه عمل العلماء كافة. وقال ابن قدامة في المغني: "ولا نعلم في هذا خلافاً ممن يعتد بخلافه إلا أنه روي عن ابن الزبير أنه أذن وأقام قال وقيل: إن أول من أذن في العيدين زياد, وهذا دليل على انعقاد الإجماع قبله، على أنه لا يسن لها أذان ولا إقامة7.



وروى ابن أبي شيبة في المصنف بإسناد صحيح عن ابن المسيب قال: أول من أحدث الأذان في العيد معاوية, وقد زعم ابن العربي أنه رواه عن معاوية من لا يوثق به8.

وقول جابر: (وَلَا إِقَامَةَ وَلَا نِدَاءَ وَلَا شَيْءَ):


قال في الفتح: فيه أنه لا يقال قبل صلاة العيد شيء من الكلام،


لكن روى الشافعي عن الزهري قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر المؤذن في العيدين فيقول: "الصلاة جامعة". "هذا مرسل يعضده القياس على صلاة الكسوف لثبوت ذلك فيها, وقال مالك -في الموطأ- سمعت غير واحد من علمائنا يقول "لم يكن في الفطر ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم "وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا" انتهى كلام ابن حجر9.




ومما سبق ذكره نخلص إلى القول: إن هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا ينادى لصلاة عيد الفطر ولا لصلاة عيد الأضحى؛ من أجل أن يحضروا إلى المصلى، ولا من أجل إفهامهم حكم الصلاة، ولا ينبغي فعل ذلك، لا بالميكرفون ولا بغيره؛ لأن وقتهما معلوم والحمد لله،

وقد قال الله تعالى:لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ (21) سورة الأحزاب.


فينبغي للحكام الصالحين والعلماء والدعاة إلى الله أن يبينوا للمسلمين حكم هذه الصلاة قبل يوم العيد، وأن يبينوا لهم كيفيتها، وما ينبغي لهم فعله فيها وقبلها وبعدها؛ حتى يتأهبوا للحضور إلى المصلى في وقتها، ويؤدوها على وجهها الشرعي.

فإذا قام الإمام لصلاة العيد فإنه يبدأ بتكبيرة الإحرام، فلا ينادى لها, ولا يقول للناس قبلها: الصلاة جامعة، ولا صلاة العيد، ولا غير ذلك من الألفاظ؛ لعدم ورود ما يدل عليه، وإنما ينادى بالصلاة جامعة في كسوف الشمس وخسوف والقمر10.




اللهم وفقنا للقيام بطاعتك على الوجه الذي يرضيك عنا، وزَكِّ نفوسنا وأقوالنا وأفعالنا، وطهِّرنا من سوء العقيدة والقول والعمل، وجنبنا الابتداع في الدين, وارزقنا حسن التمسك بسنة نبيك محمد –صلى الله عليه وسلم، إنك جواد كريم، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.


1 رواه البخاري -618- (3/48) ومسلم -1081- (3/431).

2 الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية لـ(د. راشد بن حسين العبد الكريم) وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/89) بتصرف.

3زاد المعاد (1/425) لـ(ابن القيم).

4 رواه البخاري -907- (4/21) ومسلم -1468- (4/399).

5 رواه مسلم -1470- (4/401).

6 رواه أبو داود -968- (3/367) وصححه الألباني ي سنن أبي داود - ( 1147).

7 المغني لـ(ابن قدامة)- (4/240).

8 عون المعبود (3/98) ونيل الأوطار للشوكاني (5/458) وتحفة الأحوذي للمباركفوري (2/72).

9 فتح الباري لابن حجر (3/379) وانظر: موطأ مالك –رحمه الله- (2/51).

10 عن: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/319) بتصرف.
__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:45 PM   #28
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

حكم الاستماع للأذان وإجابة المؤذن


الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، والصلاة والسلام على صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، أما بعد:

فقد اختلف الفقهاء - رحمهم الله - في حكم الاستماع للأذان وإجابة المؤذن بالقول، بعد اتفاقهم على مشروعيته، وذلك على قولين:

القول الأول: أنه يجب الاستماع للأذان، وإجابة المؤذن؛ وهو مذهب الحنفية ورأي لبعض المالكية1،


وعليه فإنه ينبغي ألا يتكلم السامع في حال الأذان، ولا يشتغل بقراءة القرآن، ولا بشيء من الأعمال؛ سوى الإجابة، ولو كان في القراءة فينبغي أن يقطع، ويشتغل بالاستماع والإجابة2،


ودليلهم من السنة حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل مايقول المؤذن))3،


ووجه الدلالة: أنه أمر بالقول مثل ما يقول المؤذن، والأمر للوجوب، ولم تظهر قرينة تصرفه عنه إلى غيره4.

المناقشة:


نوقش بعدم التسليم أن الأمر في هذا الحديث للوجوب؛ ل
أنه قد وجدت قرينة تصرف الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب، والقرينة هو ما روى أنس بن مالك - رضي الله عنه -

قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذاناً أمسك؛ وإلا أغار،

فسمع رجلاً يقول: الله أكبر الله أكبر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((على الفطرة))، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، ف
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((خرجت من النار))، فنظروا فإذا هو راعي معزى5،

ووجه الدلالة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع المنادي فقال غير ما قال، فدل على أن الأمر ليس للوجوب، وأنه على الاستحباب6.

والجواب من وجهين:

الأول: ليس في الحديث أنه لم يقل مثل ماقال، فقد يكون قاله ولم ينقله الراوي اكتفاء بالعادة، ونقل القول الزائد7.

الثاني: يحتمل أن يكون الأمر بالإجابة بعد هذه القضية8، أو أن يكون قاله لكن بصوت منخفض لم يسمع، ودليلهم من الآثار: ماروي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "من الجفاء أن يسمع الأذان ثم لايقول مثل مايقول"9،


ووجه الدلالة: أنه لن يكون من الجفاء إلا ترك الواجب؛ لأن ترك المستحب ليس من الجفاء، ولا تاركه جافِ10.

ومناقشته من ثلاثة وجوه:

الأول: أنه قول صحابي، وفي الاحتجاج به خلاف بين العلماء11.

الثاني: على فرض كونه حجة فهو ضعيف لا يصح الاستدلال به12.

الثالث: على فرض صحته فإنه يحمل على أن المراد بالإجابة الإتيان إلى الصلاة13.

القول الثاني: أنه يستحب الاستماع للأذان، وإجابة المؤذن، وهو رأي بعض الحنفية، والمشهور عند المالكية، ومذهب الشافعية، والحنابلة14،


وعليه فإنه يستحب قطع القراءة والدروس ونحو ذلك عند سماع الأذان، والاشتغال بمتابعته15،

ودليلهم حديث أبي سعيد الخدري السابق، وحملوا الأمر فيه على الاستحباب كما في حديث أنس المتقدم.

الترجيح:


الراجح - والله أعلم - هو القول الثاني القائل بالاستحباب وذلك لوجود قرينة صرفت الأمر عن الوجوب، وسلامة دليل أصحاب القول الثاني من المناقشة، في مقابل مناقشة أدلة القول المخالف، كما يؤيد هذا القول ما روى عن ثعلبة القرظي أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يصلون يوم الجمعة حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر، وأذن المؤذنون - قال ثعلبة - جلسنا نتحدث، فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا، فلم يتكلم منا أحد16.

اللهم يسر أمورنا، وأزل غمومنا، وارزقنا وأنت خير الرازقين، والحمد لله رب العالمين.


1 - بدائع الصنائع (ج1ص660) والخرشي على خليل (ج1ص233).

2 - بدائع الصنائع (ج1 ص 660).

3 - رواه البخاري برقم (611)، ومسلم برقم (383).

4 - عمدة القاري (ج5 ص117-118)، وفتح القدير (ج1 ص248-249).

5 - رواه مسلم برقم (328).

6 فتح الباري (ج2 ص 110).

7 - سبل السلام (ج1 ص217).

8 - فتح الباري (ج2 ص110).

9 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقم (2368).

10 - عمدة القاري (ج5 ص 118).

11 - إرشاد الفحول (ج2ص 187).

12 - لأنه من رواية المسيب بن رافع ولم يسمع من ابن مسعود (مجمع الزوائد ج2 ص 93).

13 - فتح القدير (ج1ص 249).

14 - البحر الرائق (ج1ص272)، والأم (ج1ص88)، والمغني (ج 2ص85).

15 - المجموع (ج3 ص125)، المغني (ج2 ص88).

16 - رواه ملك برقم (233)، وصححه النووي في المجموع (ج4 ص472).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:45 PM   #29
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

حكم الفصل بين الأذان والإقامة


الحمد لله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، ثم الصلاة على خير البرية، وأزكى البشرية، خير من صلى وصام، وسجد لربه ثم قام، أما بعد:


فقد اتفق الفقهاء على استحباب الفصل بين الأذان والإقامة للصلوات الخمس عدا المغرب فقد اختلفوا فيه1، وأدلتهم ما يلي:


أولاً من الكتاب العزيز قوله تعالى: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين2.


وجه الدلالة: أنه قد جاء في تفسير هذه الآية أن المؤذن يدعو الناس بأذانه، ويتطوع بصلاة ركعتين بين الأذان والإقامة، وهو مروي عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - وغيره3.




ثانياً من السنة الشريفة: حديث عبد الله بن مغفل المزني - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بين كل أذانين صلاة - ثلاثاً - لمن شاء))4.


وجه الدلالة: دل الحديث على عدم الوصل بين الأذان والإقامة؛ لأن المقصود بالأذانين الأذان والإقامة، ويؤيد ذلك ما جاء من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح5،

ويؤيده كذلك حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا بلال اجعل بين أذانك وإقامتك نفساً، يفرغ الآكل من طعامه في مهل، ويقضي المتوضئ حاجته في مهل))6.




ويدل على هذا حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: ((يا بلال، إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر، واجعل بين أذانك وإقامتك ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر7 إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني))8،



كما يدل عليه أيضاً حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه - وفيه: كان مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤذن ثم يمهل، فلا يقيم حتى إذا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد خرج؛ أقام الصلاة حين يراه9.


ثالثاً: من المعقول:


1- أن الأذان شرع للإعلام فيسن الانتظار ليدرك الناس الصلاة، ويتهيئوا له10، وهذا المعنى لايتم إلا بالفصل؛ إذ لو وصل بين الأذان والإقامة؛ لفاتت الجماعة على الناس11.


2- أن الفصل يمكِّن المصلي من أداء النافلة؛ لأنه لاخلاف بين العلماء في التطوع بين الأذان والإقامة إلا في المغرب12.

.
كم مقدار هذا الفصل:


اختلف الفقهاء في مقدار هذا الفصل فروي عن أبي حنيفة أنه في الفجر بقدر ما يقرأ عشرين آية، وفي الظهر قدر ما يصلي أربع ركعات يقرأ في كل ركعة نحواً من عشر آيات، وفي العصر مقدار ما يصلي ركعتين في كل ركعة يقرأ نحواً من عشر آيات، وفي المغرب يقوم مقدار مايقرأ ثلاث آيات، وفي العشاء كما في الظهر13، وعند الشافعية أن الفصل بقدر ما تجتمع الجماعة14،

وزاد بعضهم بقدر أداء السنة التي قبل الفريضة15، أما الحنابلة فإن الفصل عندهم يكون بقدر الوضوء وصلاة ركعتين16.


والراجح والله أعلم: أن هذا التقدير راجع إلى فقه الإمام واجتهاده الذي عليه أن يراعي ً فيه عدة أمور منها:


1- الوقت المستحب لأداء الصلاة.


2- حضور واجتماع الناس للصلاة.


3- تمكن المصلين من أداء السنة التي قبل الصلاة.



وفقنا الله جميعاً لكل خير، ودفع عنا كل ضير، ويسر أمورنا، وقضى ديوننا، والحمد لله رب العالمين.


1 - المبسوط (ج 1ص 139).

2 - فصلت (33).

2- تفسير الطبري (ج11 ص110).

4 - أخرجه البخاري برقم (624)، ومسلم برقم (838).

5 - أخرجه البخاري برقم (619)، ومسلم برقم (724).

6 - رواه احمد في مسنده برقم (21610).

7 - المعتصر: هو الذي يريد أن يتغوط ليتأهب للصلاة قبل دخول وقتها (النهاية لابن الأثير ج3 ص223).

8 - أخرجه الترمذي برقم (195)، وقال النووي: إسناده ضعيف (المجموع ج3 ص118)، وقال ابن حجر: فيه عمر بن شمر وهو متروك.

9 - أخرجه أحمد في المسند برقم (21085).

10 - راجع المغني (ج2 ص67).

11 - المهذب مع المجموع (ج3 ص127).

12 - انظر فتح الباري (ج2 ص126).

13 - بدائع الصنائع (ج1 ص150).

14 - المجموع (ج3 ص127).

15 - مغني المحتاج (ج1 ص138).

16 - المغني (ج2 ص67).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
قديم 02-05-2011, 12:46 PM   #30
مسلم التونسي

المدير العام للموقع

 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 6,084
معدل تقييم المستوى: 10
مسلم التونسي is on a distinguished road
افتراضي

قصة الأذان



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .. أما بعد:


نداءٌ نسمعه كل يوم خمس مرات، يتردد صداه في قلوبنا، يبعث الحياة، ويطرد الكسل، ويجلب النشاط،

كل يوم تجده في أبهى حُلَّه، يعانق قلوب المؤمنين قبل آذانهم، يدخل عبيره بيوتهم فتطيب به نفوسهم، إنه شعار الإسلام، وعنوان التوحيد،

من أراد أن يعرف ما أراد الله فليتدبر معانيه، إنه صوت الحق، إنه الأذان، ترى ما قصته؟ وكيف جاء إلينا؟ كيف اهتدى إليه المسلمون؟ وكيف توصلوا إليه؟ أ
سئلة لا بد أن يعرف جوابها كل محب لهذا الأذان الذي ميزنا الله - عز وجل - به عن سائر الأمم، واصطفاه لنا حتى صار علامةً لنا نُعرف بها.


كان الأمر بداية أنه إذا جاء وقت الصلاة فإن الناس يتجهون تلقائياً إلى بيوت الله - عز وجل - بلا أذان ولا نداء ولا غير ذلك،

وقد جاء أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون، فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها،

فتكلموا يوماً في ذلك، فقال بعضهم:

اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقاً مثل قرن اليهود، فقال عمر: أولا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة،

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا بلال قم فناد بالصلاة))



وقال ابن خزيمة - رحمه الله تعالى -: "باب ذكر الدليل على أن بدء الأذان إنما كان بعد هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وأن صلاته بمكة إنما كانت من غير نداءٍ لها، ولا إقامة"2،



وقال ابن إسحاق - رحمه الله تعالى -: "وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة إنما يجتمع الناس إليه للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة"3،

فكان ذلك همّاً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يجتمع الناس للصلاة، حتى جاء أمر الله - عز وجل -،



فعن أبي عميرٍ بن أنسٍ عن عمومةٍ له من الأنصار قال: "اهتم النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة كيف يجمع الناس لها؟ فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً، فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القنع يعني الشبور (هو البوق كما في رواية البخاري)4،

وقال زياد: شبور اليهود، فلم يعجبه ذلك،

وقال: ((هو من أمر اليهود))، قال فذكر له الناقوس،

فقال: ((هو من أمر النصارى))،

فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو مهتمٌ لهمِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأُريَ الأذان في منامه،

قال: فغدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال له: يا رسول الله إني لبين نائمٍ ويقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان، قال:

وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوماً، قال: ثم أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: ((ما منعك أن تخبرني؟))،

فقال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا بلال، قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله))،

قال: فأذن بلالٌ، قال أبو بشر: فأخبرني أبو عمير أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضاً؛ لجعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذناً"5،

ففرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الرؤيا فرحاً شديداً، وحمد الله عليها كما في الرواية الأخرى "

فلما سمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نداءَ بلالٍ بالصلاة خرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يجر إزاره، وهو يقول: يا رسول والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي قال، قال: فقال رسول - صلى الله عليه وسلم -: ((فلله الحمد))6.


بل جاءت صيغة الأذان أيضاً في روايةٍ أخرى، فعن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه قال:



"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد همَّ بالبوق، وأمر بالناقوس فنحت، فأرى عبد الله بن زيد في المنام،

قال: رأيت رجلاً عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوساً، فقلت له: يا عبد الله تبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت: أنادي به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على خيرٍ من ذلك؟

قلت: وما هو؟ قال: تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمد رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله،

قال: فخرج عبد الله بن زيد حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما رأى، قال: يا رسول الله رأيت رجلاً عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوساً، فقص عليه الخبر، ف
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن صاحبكم قد رأى رؤيا، فاخرج مع بلال إلى المسجد فألقها عليه، وليناد بلالٌ؛ فإنه أندى صوتاً منك))،

قال: فخرجت مع بلالٍ إلى المسجد فجعلت ألقيها عليه وهو ينادي بها، قال: فسمع عمر بن الخطاب بالصوت فخرج فقال: يا رسول الله، والله لقد رأيت مثل الذي رأى، فقال أبو عبيد فأخبرني أبو بكر الحكمي أن عبد الله بن زيد الأنصاري قال في ذلك:


أحمد الله ذا الجلال وذا الإكـ--رام حمداً على الأذان كثيراً

إذ أتاني به البشير من اللــ -- ـه فأكرم به لدي بشيراً

في ليالٍ والى بهن ثــلاث --كلما جاء زادني توقيراً"7



وأما زيادة (الصلاة خير من النوم) فقد قالها بلال - رضي الله عنه -، وأقره عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن بلالٍ - رضي الله عنه - "أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤذنه بصلاة الفجر فقيل: هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، فأقرت في تأذين الفجر، فثبت الأمر على ذلك"8.




وبهذا علمنا تاريخ هذا الأذان الذي ما زال يشنف آذاننا، وهو نعمة نسأل الله أن يعيننا على شكرها، ويحفظها لنا حتى نفتح بها مشارق الأرض ومغاربها.




والحمد لله رب العالمين.

1 البخاري (579)، مسلم (377).

2 صحيح ابن خزيمة (1/189).

3 قال الألباني: إسناده حسن، انظر فقه السيرة بتحقيق الألباني (1/181).

4 سبق تخريجه.

5 أبو داود (498)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (468).

6 أبو داود (499)، وقال الألباني صحيح، انظر صحيح أبي داود (469).

7 ابن ماجه (706)، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه (580).

8 ابن ماجه (716)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (586).

__________________
اكسب الحسنات من عضويتك على الفيسبوك اشترك الان بتطبيقنا على الفيسبوك
ادخل على الرابط
من هنا

ثم اختار ابدأ اليوم
ثم الصفحة التاليه اضغط على علامة فيسبوك
وبعدها وافق على الاشتراك
سيقوم التطبيق بنشر أيات من القرأن الكريم بشكل تلقائى على صفحتك بالفيسبوك
وباقة مميزة من الموضوعات الاسلامية من موقع شبكة الكعبة
اشترك الان وابلغ اصدقائك
مسلم التونسي غير متواجد حالياً  
إضافة رد

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مسائل هامة في السفر الجوهرة المصونة منتدى الفقه وأصوله 6 09-22-2015 06:33 PM
حكم الصلاة في المنزل إذا كان المؤذن يؤذن قبل الوقت عبد الحكيم.. قسم فتاوى العلماء 0 05-09-2013 07:15 AM
26 فائدة مرتبة من فتوى شيخِ الإسلام متعلقة بالأحرفِ والقراءات المصريه25 قسم فتاوى العلماء 2 05-02-2012 12:36 PM
شرح مسائل الجاهلية مسلم التونسي الكتب الالكترونية الاسلامية 3 02-16-2011 01:11 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة للمسلمين بشرط الإشارة لشبكة الكعبة الإسلامية
جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة الكعبة الإسلامية © 2018